آلاف الأمريكيين حضروا تشييع جثمان جورج فلويد الأمريكى من أصل أفريقى الذى قتل على يد شرطى أبيض
كتب /أيمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني . على الرغم من إرتفاع درجة الحرارة بولاية تكساس لم تمنع الأمريكين الإنتظار لساعات لدخول الكنيسة التى بها جثمان جورج فلويد. إن موته أصبح صرخة ضد العنصرية أقيم الوداع فى مدينة هيوستين المدينة التى نشأ بها. وأصبح المشهد كفاح لتحقيق العدالة. تظاهرات سلمية لإنهاء الظلم. الأمريكيون يحاسبون الذات ويسقطون رموز ماض بغيض ولاأخلاقى. بعد مقتل جورج فلويد يخوض الأمريكيون صراعاً مع أسئلة جوهرية تتعلق بماضى الولايات المتحدة وخصوصاً الحقبة الكونفدرالية كما يرى خبراء. وقد أثار إستهداف المتظاهرين نصباً تذكارية تعود لتلك الحقبة النقاش بشأن تلك الرموز. أزيلت نصب تذكارية تعود للحقبة الكونفدرالية فى أمريكا وإقتلعت تماثيل كريستوفر كولومبوس فى وقت يواجه الأمريكيون أشباح ماضى البلاد العنصرى غداة وفاة جورج فلويد.وقال أستاذ التاريخ فى جامعة كنساس ديفيد فاربر: يبدو أننا لربما وصلنا الى نقطة مفصلية فى إعادة سرد الرواية بشأن من نحن كشعب أمريكى وأضاف: رأينا عشرات الملايين -إن لم يكن مئات الملايين- من الأمريكيين يخوضون صراعاً مع أسئلة جوهرية بشأن ما الذى علينا فعله مع جوانب ماضينا البغيضة وبصراحة اللآأخلاقية حتى وأثارت مقتل فلويد، الأمريكى من أصول إفريقية فى 25 أيار/مايو على أيدى شرطى أبيض البشرة فى مينيابوليس، تظاهرات حاشدة للمطالبة بالعدالة العرقية وإصلاح جهاز الشرطة فى أنحاء الولايات المتحدة. لكن وفاة الرجل البالغ 46 عاماً دفعت كثيرين للعودة إلى التاريخ لمحاسبة الذات. وإستهدف متظاهرون فى مدن أمريكية عدّة نصباً تذكارية تعود لجنرالات وسياسيين من الجنوب المؤيد للعبودية خلال الحرب الأهلية فأسقطوا تمثالاً فى ريتشموند لجيفرسون ديفيس رئيس الولايات الكونفدرالية خلال النزاع الذى إستمر من العام 1861 حتى 1765. وقال فاربر إن: “رموز الكونفدرالية بإعتقادى هى الأكثر إستقطاباً بين هذه النصب التذكارية. لكن الأمر يشمل الولايات المتحدة بأسرها وتابع فى نيويورك هناك تماثيل كولومبوس. فى نيو مكسيكو هناك تمثال لفاتح يعد شخصية إرتكبت إبادات جماعية فى نظر شعوب بويبلو (السكان الأصليين). هناك مدارس ثانوية فى كافة أنحاء الولايات المتحدة تحمل إسم جون كالهون وهو نائب رئيس سابق كان صريحاً فى دعمه للعبودية. ونوّه فاربر الى أن النقاش بشأن النصب التذكارية العائدة للحقبة الكونفدرالية يدور منذ سنوات وسبق أن أعرب المدافعون عن الحقوق المدنية الذين نظموا مسيرات خمسينات وستينات القرن الماضى عن غضبهم “للسير فى شوارع تحمل أسماء عنصريين وشخصيات تؤمن بنظرية تفوق البيض
واكتسبت جهود إزالة النصب التذكارية العائدة للكونفدرالية زخماً بعدما أطلق مسلحون يؤمنون بنظرية تفوق العرق الأبيض النار على تسعة أمريكيين من أصول إفريقية وأردوهم فى كنيسة فى تشارلستون فى كارولاينا الجنوبية عام 2015 . وقالت أستاذة العلوم السياسية المساعدة فى جامعة إيمورى آندرا غيلسبى إن:وتيرة ذلك تزداد حالياً بسبب المطالبات والغضب الشعبى وأضافت: أعتقد أن ما نراه هو إعادة نظر فى الكثير من فرضياتنا وتحد لأشكال عدة من التاريخ بحسب تأثيره على الأمركيين من أصول إفريقية
وأكدت أن: هذه لحظة تتسلط فيها الأضواء على العنصرية ضد السود لكن دون إستثناء أشكال أخرى من الإضطهاد العرقى بدورها، أوضحت أستاذة التاريخ فى جامعة ديوك لورا إدواردز أن الناس بدؤوا يدركون أن لهذه الرموز معان سياسية وأنها تتسبب بمشكلات بأشكال لم يكونوا يدركونها بشكل كامل وأردفت: لم يعد من السهل مثلاً وصف ذلك بالتراث فى إشارة الى معارضى إزالة رموز الكونفدرالية الذين يرون فى الأمر محواً لتاريخ الجنوب. وأكدت إدواردز أنها فوجئت عندما قررت شركة ناسكار المنظمة لسباقات السيارات الأكثر شعبية فى هذا المجال فى الولايات المتحدة حظر رفع شعار الكونفدرالية خلال مناسباتها وقالت: من بين جميع الرياضات تبنّت (ناسكار) ما إعتبرته إرث الجنوب الأبيض وأضافت: كانت الرموز المرتبطة بنظرية تفوّق البيض والكونفدرالية جزءاً من علامتهم التجارية. ورأت إدواردز أن الإطاحة برموز الكونفدرالية وتماثيل كولومبوس مرتبطة ببعضها بشكل كبير إذ تشكل جميعها الإستعمار العنيف للولايات المتحدة وقالت يتمثّل الجزء الأول بقدوم الأوروبيين وإدعائهم بحقهم فى مكان كان للسكان الأصليين ومن ثم إستهلال إبادة جماعية للقضاء عليهم وأعقب ذلك إستيراد العبيد من إفريقيا وهو أمر وصفه أستاذ التاريخ فى الجامعة الأمريكية آلان كراوت بـالخطيئ الأساسية التى لن يكون بإمكاننا تجاوزها إطلاقاً وقال كراوت ما نشهده الآن هو مراجعة للتاريخ رداً على لحظة سياسية رغم أن إعادة التقييم هذه كانت جارية منذ مدة وأشار الى أن مناقشة أمر التماثيل وإزالتها كانت جارية فى الأساس لكن وفاة جورج فلويد شكّلت حافزاً للقيام بالأمر سريعاً وبشكل درامى ورأى الاستاذ المساعد فى قسم العلوم السياسية بجامعة سيراكيوز ستفين وايت أن السكان يعيدون التفكير بعنصرية التاريخ الأمريكى بشكل أوسع. هناك محاسبة أوسع وقال أعتقد أنه بالنسبة لعدد متزايد من الأمريكيين البيض، هناك المزيد من الإهتمام بالأسباب بعيدة الأمد لعدم المساواة العرقية فى أمريكا وأفاد: أعتقد أن السؤال هو إن كانت هذه التغيّرات فى الرأى العام ستدوم. هل هذه بداية تحوّل ملموس حقاً؟