نجري إلى كسب الرغيف وراءهُ
وتفرُّ منّا ياصديقي الأرغفُ
لاأنت مبسوطُ اليدينِ ولاأنا
فيما ملكتُ من المعيشةِ مسرفُ
لكنّه زمنٌ تفاقم عهرهُ
وغشاهُ من فرطِ الغُلوِّ تعجرفُ
رفعَ الوضيعَ على الرفيع سفاهةً
أيّانَ يختبرُ المسائل منصفُ
ياموطني ولقد طٌعِنْتَ بنصلهِ
ظلماً وأنت النازفُ المُستنزَفُ
يهنى به الشخصُ المليءُ جَهالةً
والأعمشُ العينينِ والمتخلِّفُ
تقضي القساورُ في العرينِ نحيبَها
جوعاً ويظفرُ ثعلبٌ متزلِّفُ
يلوي به هامُ الحليمِ بحلمهِ
ويتيهُ هامٌ فارغٌ ومُجوّفُ
ويبوءُ في حملِ الهمومِ مهذّبٌ
ويريشُ في كسبِ الحرامِ مُخالفُ
وتظلُّ في الإهمال قامةُ عالمٍ
ويميسُ في زيِّ الحكيمِ مُخَرّفُ
وينوءُ من وزرِ البلاءِ وثقلهِ
بَرٌّ ويمرحُ سارقٌ ومُرجّفُ
ويُسَرُّ ذو جاهٍ ويفرح ذو غِنى
أبداً ويترحُ عاملٌ وموظّفُ
في كلِّ أصقاعِ البسيطةِ يُزدرى
نَتِنٌ وفي وطني الزريُّ الأنظفُ
مالا يُسوّغُ في السرائرِ فعلُه
يجري جهاراً والصباحُ يُرفرفُ
أهلُ المناصبِ والمكاسبِ جُلُّهُمْ
خَبِروا الكياسةَ والجميعُ يُسوّفُ
أودى بكرسيِّ المناقبِ والنُهى
للعنجهيّةِ والفسادِ تحالُفُ
تبكي الضمائر في النفوسِ كأنّها
وعلٌ تطاردهُ الذئابُ فيرجُفُ
والعقلُ تسلبهُ المكائدُ صحوَهُ
والدّينُ يسلبهُ النقاءَ تطيّفُ
ونوازعُ الحقدِ الدفينِ فواعلٌ
ومنازعُ الشرِّ البهيمِ عواصفُ
ضاعتْ هويّتنا فكلُّ مواطنٍ
بأناهُ لا بالأنتماءِ يُعَرّفُ
قُدِّسْتَ يادمَّ الشهيدِ فلو ترى
كم كافرٍ بدمِ الشهيدِ يُجدّفُ
جُلَّتْ عن النظر السقيمِ نواظرٌ
وسَمَتْ بأدمعها عليه زوارفُ
أفلتْ عن العين الرؤومِ رموشُها
والنورُ يكسِفُ والبروقُ خواطفُ
أغفرْ لجاجاتي فخلفَ تخومنا
مدٌّ أصوليُّ الهويّةِ زاحفُ
وطني بشدقيِّ الفناءِ وكلُّنا
نجترُّ خيبةَ خِزْيهِ ونُفلسفُ
في ظلِّ تجّارِ المنافع تنتفي
للعزِّ والخطبِ الجليلِ مواقفُ
ياقائدَ الوطنِ الأمين أعيذُها
أن تستبينَ رياءَ من يتزيّفوا
أنت الرجاءُ لموطنٍ ذاقَ الردى
وعيونُهُ تصبو إليك وتهتفُ
خَرَمَتْ بصيرتُكَ المصاعبَ كلّها
وكأنّكَ تُدني السماءَ وتقطفُ
وظَفِرْتَ إذ واجهتَ كلَّ مكيدةٍ
لم يبقَ إلا من قلوكَ ليلهفوا
حيتانُ بحرٍ تستبيحُ اُكولنا
وهمُ الصغارُ تغوّلوا وتزعنفوا
من راحَ يأتمنُ اللصوصَ أمانةً
فقدَ التليدَ وضاعَ منه الطارفُ
ياسيّدي نزفتْ نسورُكَ ريشها
وإليكَ ياحِصنَ العدالةِ تُدلِفُ
نقِّ حبوبَكَ واجتبي أخيارها
غربالُ حِكمتِكَ الزؤانَ مُصرّفُ
واهنأ فإنّ نداكَ يصنعُ أمّةً
ترنو إليك كقامةٍ لاتُخْلَفُ
أنت الهِزَبرُ بنُ الهِزَبرِ إذا خَنا
زمنٌ وأنت من اليمامةِ ألطفُ
لكَ في الضمائرِ حالياتُ نوافلٍ
منها نزيهُ الفكرِ والمتعفّفُ
شعبٌ لك وبكَ أناطَ خلاصهُ
ولأنتَ في أمالهِ المتصوّفُ
لنا في اسمِكَ بشّارُ خيرُ بشارةٍ
تُحيي البلادَ وأيكُ عشقكَ وارفُ