أيها الفلسطيني قبضتك هي الحل
كتب/ يوسف المقوسي
خذ حصتك من الموت. الفلسطينيون في ضيافة الموت. القول السائد: “الموت على الأبواب”. كل هذا صحيح. أي أننا على وشك النهايات المتتالية. ولا ذرة تفاؤل. لا بصيص أمل.أننا نهوي إلى ما بعد الهاوية.
حاولت مراراً أن أنتشل قلمي من هذا الجحيم الفلسطيني . فشلت. ما أراه وأتحسسه، أننا نسرع الخطى باتجاه الموت. والأدلة كثيرة على هذه المرحلة المأساوية.
لاحظوا هموم الطغمة السياسية فائقة اللاشعور. إنهم ينتمون إلى العصر الإنقسامي السائد. الناس تبحث عن حبة دواء، فيما هم يبحثون في جنس الحكومة. ما زالوا حيث كانوا: سادة النهب والسرقة والاغتصاب والفتك. جلدهم سميك جداً. بلا إحساس يتمتع به الحيوان الأليف. يتصرفون وكأن شيئاً لم يكن. كأن الشعب ليس مفلساً، أو كأن السلطة أصبحت دولة لا مزرعة مخلَّعة. أو كأن فلسطين تتحمل الجدل البيزنطي الحزبية.
وهو راكع على جبهته يستعطي حبة دواء، رغيف خبز، سلة غذائية غير فارغة.
أولاً…كأن شيئاً لم يكن أبداً.
لقد دمر الإنقسام عشرات الألوف في العراء، بلا غطاء، لولا تبرعات مباركة من قبل من لهم قلوب قبل الجيوب. اسمعوهم، واحداً واحداً. فإنهم في كوكب آخر، بعيد جداً عن فلسطين ، ويولون اهتمامهم بأنفسهم وحاشيتهم وأغنامهم من البهائم البشرية.
راقبوهم واحداً واحداً. سموهم بأسمائهم وأسماء “أحزابهم” المصابة بسفلس عقلي، ويفضلون العاهات السياسية على العافية الإجتماعية.
إنهم في قارة أخرى من القارات الحزبية المترامية الأطراف.
هل عرف بأن المرضى على حافة التسوَّل لدواء؟
هل عرف أن السلة الغذائية منهوبة؟
هل هو على علم بأن الهجرة طاردة للخبراء والأذكياء والفقراء؟
وألف هل وأكثر. رؤساء الأحزاب والحركات الذين كلفوا أنفسهم برئاسة الحكومات المتتالية، هل يعرفون أن سكان غزة المنكوبة لم يجدوا بعد مأوى: هم يعرفون ولكنهم مشغولون عن ذلك بخياطة حكومة على قياسهم وحدهم.
أليس في فلسطين فقراء؟
أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يتسَّول اللقمة، المهم هو الحزبية ، وليصطفل الآخرون، وليعش الفلسطينيون على الفتات، بلا كرامة ولا جباه عالية…
ثم، وهنا الكارثة، زعيم “الحزب الفلاني” “ثائر” من أجل هدف واحد لا غير. الوصول إلى كرسي الرئاسة بعد تحويل “الحركة الفلانية” إلى ركام. هو أيضاً، يبرز عضلاته ولم نعرف شيئاً عن مشاريعه الإنقاذية. فقط يتبارى مع أقرانه الحزبيين بالعفة المالية!!!
من أين لك كل هذا. مشغول بتأمين دعم دولي وعربي وجيراني لبلوغه سدة الرئاسة.
أليس هذا ما قاله الشيخ الفلاني؟
الشيخ فلان فقط. هو مسؤول عن حزبه وحركته تمده بالبقاء إلى أبد الآبدين. أباً عن جد لإبنٍ لا يريد السياسة. هو جزء متمكن من السلطة من خلال امساكه بمناهل السلطلة المالية. وهو على ثرائه، محبوب من فقراء حركته. لقد أمنَّ لهم قوتهم وال… كي لا يموتوا على أبواب الدكاكين والمؤسسات الصحية… أما التيار، فكأن شيئاً لم يكن. يتدحرج تراجعاً بسبب ارتكاباته واستعلائه. التيار منشغل بالعهد الذي لم يعد قوياً. يدَّعي أنه الثورة، وهو يعرف أن هذه الثورة في معظم تلويناتها ضده وضد منطق القوة الغاشمة، وضد أن يلمس شريطاً له علاقة بالكهرباء.
أيها الفلسطينيون ، هؤلاء هم حكامكم. لا يسألون عنكم. عن جوعكم. عن مآسيكم. عن بؤسكم. عن فقركم. عن أمراضكم. عن مدارسكم. عن مستقبلكم… إنهم في غاية الانفصام عنكم. إنهم ليسوا لكم، ولا يهمهم ما آلت إليه أحوالكم من بؤس. فلسطين تموت وهم أحياء يرزقون، ويقتاتون من خيراتها بما يشتهون. الإفلاس أصاب الفلسطينيين ، ولكنهم، أصابوا نصيباً من أموال السلطة التي هي أموال المواطنين. إنهم شركاء السارقين والعابثين بأموال السلطة، التي هي جنى أعمار الفلسطينيين .
ماذا أنت فاعل غداً أيها الفلسطيني . إنك أمام حل من اثنين، إما أن تموت بالضربة القاضية، أي الإفلاس والإنهيار، وإما أن توجه قبضتك لهذه الطغمة التي لا مثيل لها في تحكمها وتجبرها وغربتها وآفاتها.
إما أن تموت غداً جائعاً أو على أبواب المستشفيات بلا دواء، وإما أن تستجمع كل قواك وتطردهم خارجاً.
قبضتك هي الحل.