احْـفَـظْ لِـسـانَكَ.. بقلم مصطفى سبتة
بقلم مصطفى سبتة
دَعْ لِـلـخَـلـيـقَـةِ شَــأنَــهــا و تَــعــالَ
فــالــلّٰهُ أَوْلَـــــى بِــالـعِـبـادِ تَــعـالـى
مــا زادَ فـيـكَ إذا عَـلِـمتَ شُـؤونَـهم
أو قَـلَّ شَــأنُـكَ إنْ جَـهِـلـتَ مَــقـالا
دَعـهُـمْ فَـمـا لَـكَ بِـالعِبادِ و مـا لَـهُمْ
فيـمَا بَـلَـغتَ مِــنَ الـفُـضولِ مُـحـالا
دَعْ عَنكَ مايُرديكَ فـي نَظَـرِ الـوَرى
واخلَــعْ عَلــيكَ مِـنَ الرِّضـا أَحمــالا
واصْـنَـعْ مِــنَ الـعُـقَدِ الَّـتـي آسـيْتَها
إِذْ لاحَ فَــجــرُكَ لــلـوصـولِ حِــبــالا
قُـمْ لا تَـلُـمْ سُــودَ الـلَّـيالي و اغـتَنِمْ
فـيـهَـا الـبَـصيصَ ولَــو فَـضـاكَ أَلالا
واخـلُـقْ لِـروحِـكَ إن أَرَدْتَ سُـموهَا
صَـبــرَاً لِــتَـبـلَـغَ غـــايَــةً وَ مَـــنــالا
و اكـنُـسْ فُــؤادَكَ كُـلَّ يَـومٍ وَ اخـلِهِ
لِلـنّـاسِ تَــلـبَـثُ أو تَــشُــدُ رِحــــالا
و اخرُجْ بِــه لِـلـنّورِ حَـيـثُ يَـقـودُهُ
عَـقـلٌ و يُـجْـلَـدُ إنْ أَطـــالَ فِــصَـالا
و اجْـلِسْ و نَـفْسَكَ حـينَ كُلِّ عَشِيَّةٍ
واحـسِـبْ لَــعَـلَّكَ مــا رُزِقـتَ حَـلالا
واردَعْ ضَـمـيـرَكَ إنْ تَــجـاوَزَ حَــدَّهُ
وارجَــــعْ بِــحَــدِّكَ إنْ أَرَدْتَّ كَــمـالا
واحْـفَـظْ لِـسـانَكَ فَـالحَريقُ شَـرارَةٌ
وَالـــشَّــرُّ يَــبـلُـغُ بِـالـلِّـسـانِ قِــتــالا
عَـيْـنـاكَ لَـو حــادَتْ يَـمـيناً فَـاثـنِها
فـي غَـيـرِ أَرضِــكَ أن تَـحيدَ شِـمالا
واذهَـبْ بِـسَمعِكَ حَيثُ لا تَرضَى لَهُ
قيــلَاً و لا تَــرضَــى لَـــهُ مِــقـوالَا
و احذَرْ مُحــــاباةَ النَّمــيمِ بِقولِـــهِ
سَـيَـقُـولُ فــيـكَ كَــمَـا بِـغَـيرِكَ قالا
إيَّـاكَ لا تـــولِ الـمُـنـافِـقَ هِــمَّــةً
فَــغَـداً يَـبـيـعُـكَ إذ لِـغَـيـرِكَ وٰالـــى
و احذَرْ مُـقـارَعَـةَ الـصَّـغـيرِ فَــإنَّـهُ
يَـرقـى لِـشـأنِـكَ إنْ أَتَـحـتَ مَـجـالا
واهـبِـطْ لِــدونِ الأَهــلِ تَـعلُ مَـكانَ.
فَـالـمَاسُ مِــنْ قَـعـرِ الُأروضِ تَـعالى
لا تَـطـلُـبَـنَّ وَجــاهَـةً ، و اركُـنْ لَــهـا
تَـطـلُـبْـكَ رَغـمَـاً إنْ أَجَـــدْتَّ فِــعـالا
لِــبــسُ الــعَـبـاءَةِ لا يَــزيــدُ مَـهـابَـةً
إنْ لَـمْ يُــنِـرْ عَــقـلُ الـمُـهابِ عِـقـالَا
فـالـرَّاشِـدُ الفـاروقُ خَــيـرُ خَـلـيـفَةٍ
والــثَّـوبُ مِـــنْ آلِ الــرِّقَـاعِ تَـبـالـى
مََـهـمَا صَـنَعتَ فَـلَنْ تُـضيفَ لِـناقِصٍ
فَسُهولُ أَرْضِــكَ لَــنْ تَـصـيرَ جِـبالا
و احْفَظْ مَكانَكَ في المَجالِسِ ماتِعَاً
مِكـيـالَ قَــولِــكَ لِـلـحَـديثِ ثِــقَـالا
فَـمـهـابَةُ الرَّجُـلِ الـحَـكيمِ بِـصَـمتِهِ
وإذا تَـــكــلَّــمَ جُـــــــلُّ ذٰلِــــــكَ زالا
فَـرُزِ الــرِّجـالَ و لا يَــغُـرُّكَ قَـولُـهُـمْ
فَـعُـيـونُهُمْ بِـالـقَـولِ أَصَـدَقُ حـــالا
و ابــدَأ بِـذِكـرِ الــلّٰهِ مَـسـموعَاً تَـكُـنْ
واجـزِلْ تَـطبْ عِـندَ الحُضورِ وِصالا
واصْـبِـرْ عَـلـى مُـتَـحَذلِقٍ أو جـاهِلٍ
و تَــحَــرَّ لا تُـــولِ الـمَـنـاكِفَ بـــالا
واكــبَـرْ عَــلـى مُـتَـكَـبِّرٍ مُـتَـعَـجْرِفٍ
وابْــسُـطْ كَـمـالَـكَ فَــوقَـهُ وَ تَــعـالَ
أَبــنــاءُ تِـسـعَة يـــا ابـــنَ آدَمَ كُـلُّـنـا
وعَــلـى شَـفـيـرِ مَـصـيـرِنا نَـتَـوالـى
فَـالـرُّوحُ مُـلـكُ مَـنْ الـتَـهيتَ بِـمُلكِهِ
فَغَـداً تُـــرَدُّ و لَـــو مَـصـيـرُكَ طــالا
مـا دامَـــتِ الـدُّنـيـا لِـسَـيِّـدِ خَـلـقِـهِ
حَـتَّـى تَـــدومَ لِـخـائِـلٍ قَـــد خَـــالَا
فَارفِـقْ بِـنَـفـسِكَ لا يَـغُـرُّكَ زَهـوُهـا
لا نَــفـسَ تُـنـكِـرُ أصـلَـهـا الـصِّـلصالا
و الْـهِـمْ بِـخُـلـقِكَ عـــاذِلاً و مُـعـادِياً
لِـلـخَـيرِ و افْـسَحْ لِـلـصَّفاءِ مَـجـالا
واخفِضْ جَناحَكَ لِلسَّلامِ فَما انثَنَتْ
فيـكَ الــمُـروءَةُ لــو حَـقَـنتَ نِـكـالا
فَــالـشَّـرُ مَــعـقـودٌ بِــــأرذَلِ خَــلْـقِـهِ
و مُحـالُ يَــهـوَى الـطَّـيِّبونَ عِــذالا
فـإذا اضْـطُررْتَ إلى النِّزالِ و مُرغَماً
فَـاكـسَـبْ غَــريـمَـكَ إنْ أرادَ نِــــزالا
وزِنِ الـصَّداقَةَ فـي الـظَّلامِ فَـمَا لَـها
وَزْنٌ لِــيُـبْـصَـرَ إنْ لَــمَـحـتَ هِــــلالا
لِلـنَّـاسِ أَوزانٌ تُـــقــارِبُ بَــعْـضَـهـا
غَـيـرُ الَّـذي فـي الـقَـلبِ أَكـثَـرُ مَـالا
و يَفيضُ مِنْ عُنُقِ الفُؤادِ إذا انقَضى
مــالٌ وَ مـــلَّ الـحَـظُّ مِـنـهُ و مــالا
فَـالـنَّـاسُ لَـيْـسَـتْ بِـالـمَظاهِـرِ إِنَّمَــا
بِالـفِـكـرِ تُــبـصِـرُ لِـلـحَـيـاةِ جَــمــالا
فَـالـمَـظهَرُ الـجَـذّابُ يَـخـدَعُ فـارِغَـاً
و يَـروزُ نَـدْسٌ تُبَّــــــعَاً و زِمــــــالا
قَدْ صــارَتِ الأَشـنـابُ تُـعـتَقُ زيـنَةً
مُــــذ آلَ مِــنــهـا لِــلـخَـنَـا مـــــا آلا
زَمَـنٌ تَـوَلدَنَ و الـرِّجالُ تَـضاءَلَتْ
و يَــقــودُ أَشـبــاهُ الــرِّجــالِ رِجـالا
بَـعضُ الـسُّيوفِ مِنَ الحَديدِ تَشَكَّلَتْ
ويُـزَيِّــنُ الــحَـجَـرُ الـكَـريـمُ نِــصـالا
فَـالقَصدُ فـي بَـسطِ الـحَديثِ مَفادُهُ
أَنّـى بَـلـغـتَ بِــمـا بَـسَـطّتَ فِـضـالَا
أَعــرِضْ عَـنِ الـفِعلِ الَّـذي إن شـابَهُ
رِيـبٌ تُــضَـيِّـعُ بِــالـحَـرامِ حَــــلالا
و اسلُكْ طَريقَكَ في الحَياةِ فَسَهلُها
وَعـرٌ فَـكَـيـفَ إذا سَـلَـكـتَ تِـــلالا
فَـانظُرْ فَـحَولُكَ مِنْ فَصيلَةِ جِنسِنَا
بَـشَــرٌ بَــــواقٍ يَـمـتَـطـونَ خَــيــالا
فَـالبَعضُ مِـنهُمُ لَـوقَـرأتَ وُجـوهَهُمْ
لَـسَـلَـوتَ فـيـما قَــد قَــــرَأت مَــآلَا
فَـاخْـتَرْ رَفـيـقَ الــدَّربِ مِـمَنْ ما لَـهُ
وَجـهٌ لِــيُـقـرَأَ إنْ أَصَــبـتَ مَــطـالا
و احـقِر مِـنَ الـقَومِ الَّـذي بِـلِسانِهِ
نَـمِــرٌ و يُــصْـبِـحُ إنْ زَأَرتَ غَــــزالا
لا تَقــرَبَنَّ الـنَّذلَ في نَسَــبٍ و خُــذْ
مِـنْ بَــيــتِ أَصــــلٍ إنْ أَرَدْتَّ دَلالا
فَـإذا الـسُّـنونُ تَـلاءَمَـتْ بِـجُحودِه.
عِــنْــدَ الأَصــيـلَـةِ لا تُــبَــدِّلُ حَـــالا
و بَـنـونُـها يَـرِدُ الـمَـخـاوِلَ عِـرقُـهُمْ.
فَـاخْـتَـرْ لَـهُـمْ قَـبْـلَ الأُمـومَـةِ خَـالا
واخـتَـرْ أصـيـلاً لـلـكَـريمَةِ حَـيـثُـما
لا يَــصْـنَـعُ المــالُ الـوَفـيـرُ رِجـالا
فَـالـمالُ يَـذْهَـبُ و الأَصـالَـةُ ما لَـها.
عُـمــرٌ لِـتَـفـنَـى أو تَــشِــحَّ جَــــلالا
والـمـالُ لايَـشـري الـرُّجـولَةَ إذْ بِـها
نَـــــزفٌ و طَـــبْـــعٌ لِـــلـــرَّداءَةِ آلا
واقـصُـدْ بِـيـوتَ الأكـرَمينَ مُـجاوِراً
تَـــنَـــلْ الـكَمـالَ إذا أردتَّ كَـــمــالا
إنْ لَمْ تُــزَدْ فَـضـلاً فَـيَـكفي طـالـما
تَزدادُ مِــنْ شِـيَـمِ الـكِـرامِ خِـصـالا
و احذَرْ مُـجـاوَرَةَ الـبَـخيلِ فَـبَـيتُهُ
قَــبــرٌ وَ تُــحـسَـدُ إنْ قَــرَعــتَ دِلالا
وتَجَنَّبِ الـرَّجُلَ الـحَلوفَ و مَـنْ إذا
جادَلـتَ يَـسـبِـقُ بِـالـيَـمِينِ جِـــدالا
فَالصِّدقُ يُـقرَأُ إنْ نَـطَقْتَ وَ فُـسحَةٌ
لِـلـصِّـدقِ تَـنـضِبُ إذْ حَـلَـفْتَ طِـوالا
ويُـشَكُّ فـيكَ إذا اسْـتَعَنتَ بِـشاهِدٍ
لِــيَـقـولَ فـيـكَ مَـراجِـلاً و نِــضـالا
مَـعـنى الـرُّجولَةِ لا يُـصـاغُ و أَصـلُهُ.
فِــعــلٌ يُـذاعُ إذا أجَــــدتَ فِــعـالا
يـا أيُّــهـا الإنــسـانُ أنَّـــى تَـبـتَـغي
فَــضـلاً و تُـبـخِسُ رَبَّــكَ الأَفـضـالا
لا تَـرجُ دُنــيـاكَ الــغَـرورَ ، فَــواهِـمٌ
مَـن عاشَ فــي أحضــانِها مُخــتالا
هَل ذات يَومٍ قَد عَلِمـتَ مِـنَ الوَرى
مَـنْ طالَ أنـفـاسَــاً لَــهُ و خَـيالا ؟!
مَـن لَم يَنَلْ مِـــــنْ أَمـــرِهِ أنفَاسَــهُ
أَيَنالُ مِــنْ زَيـفِ الـدُّنا مــا نَالا ؟!!
هٰذي هـيَ الـدُّنـيـا فَــكُـلُّ مَـتـاعِـها.
إن لـم يَـــزُلْ فَـلِـصـاحِبٍ قَـــد زالا
بِالــلّٰهِ نُــؤمِــنُ و الـدِّيـانَـةُ مَــنـهَـجٌ
والـنَّـهـجُ يَـسـبِـقُ لِـحـيَـةً و سِـدالا
جَـرُّ الـمَـغانِمِ و المَـكاسِبِ قَـد غَـدا
باســمِ الــدِّيانَةِ حِــرفَــةً و مَجَـــالا
فَـاعرِضْ عَـنِ الـمَـرءِ الَّذي في دِينِهِ
غـايٌ لِـيَـبـلُغَ فـــي الـحَـيـاةِ مَــنـالا
وابـذُرْ فَـخَـيرَاً إنْ بَــذَرتَ حَـصَدْتَّهُ
أَجــرَاً وَ تَـكـسَبُ إنْ حَـصَدتَّ غِـلالا