ايمن السيسي يكتب : كل المقدمات تؤكد أن الجوع قادم..
ايمن السيسي يكتب : كل المقدمات تؤكد أن الجوع قادم..
كتب شريف الديروطي.
قبل بداية الحرب الأوكرانية لاحت مقدمات أزمة المياه في مصر بنقص نصيب الفرد من المياه إلى 580 متر في السنة (حد الفقر المائي 1000 متر)، وسينخفض بعد ثلاثين عاما عندما يقفز تعداد السكان إلى 167 مليون نسمة إلى 300 متر وتلك أزمة مصر الحقيقية ، وهو ما نبهت إليه أحداث حرب أوكرانيا (مساحتها 600 الف كم وتنتج 33 مليون طن قمح) بتأثيرها على الدول المستوردة للقمح ( مصر أكبر دولة في العالم استيرادا للقمح 12,1 مليون طن سنويا ) هذا الإسبوع ضربت أوربا أسوأ موجة حرارة وجفاف أدت إلى إحتراق مساحات شاسعة من الأراضي المنزرعة قمحا خصوصا فرنسا (30 ألف فدان ) وهي رابع دولة إنتاجا للقمح في العالم ب 10% من الإجمالي ، وأحترقت عشرات الألاف من الأفدنة في اسبانيا وايطاليا وانجلترا وغيرها ، ومع توقع خبراء الإرصاد إستمرار إرتفاع درجات الحرارة في أوربا وتقديري الشخصي أن الحرب الروسية ستستمر وتتمدد لتشمل مساحات شاسعة من أوربا بداية بفنلندا أو بولندا ، و أنها ستلتهم أوربا كلها لتعيد تشكيلها من جديد، وسيتوازى ذلك مع وضوح هشاشة المجتمع الأمريكي وضعف بنيانه كمقدمة للتتفكك، واشتعال الحرب الكونية خلال 5 سنوات على الأكثر، لتمضي سنوات خمس ملثلها حتى تشهد بوادر إستقرار في العالم …. فماذا نحن فاعلون في مصر وكيف سنواجه أزمات الغذاء ونقص القمح في بلد هي الوحيدة في العالم الذي تسمي الخبز ” عيش” ومعناه حياة ومعيشة ، و تنتج الآن 9 مليون طن ، ليس أمامنا إلا مضاعفة هذا الرقم ثلاث مرات لمواجهة خطر الجوع ، كيف؟ ، تقدم 280 ألف مواطن إلى الدولة لتقنين وضع اليد على الأراضى وأغلبها -إن لم يكن كلها – أراض صحراوية ، تروى من خزان الحجر الرملي النوبي – أكبر خزان جوفي في الصحراء الغربية – المتوسط الحسابي لهذه المساحات ينبئنا أن المطلوب تقنينه لن يقل عن 4 مليون فدان ، كان يمكن استصلاحها كلها منذ بدأ التقدم للتقنين إذا لم تضع الدولة شرط سداد عدة الاف عن كل طلب وسداد مبلغ عن كل فدان يخصم من نسبة 25% حال الموافقة ، وهذه كلها تثقل الكاهل وتخصم من القدرة على مباشرة الإستصلاح فليس كل المستصلحين أثرياء يمتلكون المال الكافي للإستصلاح ودفع المقدمات بل أن أغلب هولاء من متوسطي القدرات المالية ،فقط يمتلكون منه الذي يسعفهم لبدء الزراعة ويعوضون النقص بقدرتهم على العمل وتحمل مشاقه ،والأمل في النجاح ، وهو ما رأيته وشهدت في الفرافرة مثلا على مدى ثلاثين عاما توسعت فيها الزراعة من ألفي فدان تروى من العيون الرومانية وبئرين حفرتهما الدولةلخدمة أراضي 5 ألاف فرفروني وبعض الوافدين ، إلى ما يقرب الآن من 800 ألف لمستصلحين من أرجاء مصر كلها ، صحيح أن بعض الآبار ضعف أو قل تصريفه من المياه في بعض المناطق ، ولكن النقص لم يحدث لنفاذ الخزان الجوفي ولكن للسحب الجائر والزراعة بالغمر وسطحية الأبار ، وأذكر أني سألت المرحوم الدكتور حسين إدريس عالم المياه الجوفية وأحد المهندسيين العسكريين العظماء الذين بدأوا قوافل التعمير عام 1959 في واحات الصحراء عن إمكانية نفاذ الكمية فنفى وأكد أن الخزان عامر وحتى لو نفذ خلال مائة عام فليس من الحكمة أن نجوع نحن الآن لنوفر لأجيال قادمة هذه المياه ، معللا أن الله تعالى يخلق لكل جيل موارده ، فقط نبهنا الدكتور محمد البهي عيسوي شيخ الجولوجيون في العالم – وهو خبير بالمنطقة- إلى مراعاة نظم الصرف واتباع أساليب الري الحديثة حتى لا تتكرر مأساة سيوة ، ولذلك أتمنى حتى نتمكن من مواجهة إحتمال الجوع ونقص الغذاء أن يتم إطلاق يد المتقدمين للتقنين يإعفاء مؤقت من سداد هذه الأموال ليمكن لهم توجيهها لزراعة الأرض على أن يتم تسديدها محصولا على عدة سنوات قمحا ، وبذلك نكون زدنا من المساحات المنزرعة وضمنا وصول الإنتاج منه إلى الرقم الذي يوفر لنا أمان ال “عيش” …. ولاتزال الفرصة أمامنا قبل أن تشتعل الحرب العالمية ويفتقر العالم إلى الغذاء د ايمن السيسي