الحب الذى يأتي في سن النضج

تم نسخ الرابط بنجاح!
👁️ 10,086 مشاهدة

كتبت .. الأديبة والشاعرة سهام حلمى 

 

ليس للحب ساعةٌ تضبطها عقارب العمر، ولا نافذة يطلّ منها على الشباب فقط.
أحيانًا يجيء الحب حين نكون قد عبرنا محطات كثيرة، وذقنا مرارات لا تُحصى، وخسرنا طرقًا ظننا أنها النهاية… لكنه، كعادة كرم الله، لا يجيء ليكمّل ما انكسر، بل ليُعيد تشكيل الروح بطريقة أنضج وأعمق.

الحب فى سنّ النضج ليس اندفاعًا، ولا لهاثًا خلف وهم، ولا محاولة لملء فراغ.
إنه طمأنينة.
يأتى إلى القلب الذى تعب بما يكفى ليعرف الفرق بين التعلّق والراحة، وبين الانجذاب العابر والرفقة التى تُشبه حضنًا يلتف حول الروح قبل الجسد.

هؤلاء الذين تأخرت خطواتهم نحو فرصة ثانية… لم يتأخروا حقًا.
لقد كانوا ينضجون، يتعلمون، يرممون ما تهشّم بداخلهم، ويكتشفون المعانى التى لم يفهموها فى شبابهم.
وحين يأتيهم الحب فى هذا العمر… يجيء مختلفًا، ثابتًا، لطيفًا، ناضجًا، يشبه نُضج أشجار عاشت العواصف ثم ظلّت واقفة.

ليس حبًا فى “أواخر العمر”، بل حبًا فى أصدق الأعمار.
عُمرٌ يعرف قيمته، ويعرف ماذا يريد، ولا يساوم على كرامته، ولا يسمح لقلوبه أن تُهان، ولا يركض خلف من لا يراه.
عمرٌ يتعامل مع المشاعر كما يتعامل مع الأشياء الثمينة: بحكمة، وبهدوء، وباحترام.

الحب حين يأتي فى هذه المرحلة… يشبه هدية من الله، لا تُشبه الهدايا التى تُلقى بلا معنى، بل هدية محسوبة، مطمئنة، مكتوبة بيد كريمة تعرف ما يناسبك وما يشفيك وما يبهج قلبك الذى صبر كثيرًا.

فليست العبرة ببداية الحب… بل بنضجه.
ولا بسنّ العاشق… بل بوعيه.
وما دام الله يكتب… فكل توقيت هو التوقيت المناسب.

تم نسخ الرابط بنجاح!