اتركوها فإنها جيفه منتنه ..(1)
بقلم : عادل ابوطالب المعازى.
منذ ايام شاهدت أمور لاتليق بمسلم أن يتحدث عنها أو يثيرها خاصه أنى اعتقد لم يقع عليه ظلم أو اعتداء غير أنه يريد الفخر والتباهى على غيره ، وهذا اعتداء وظلم منه وقع منه على غيره وهى أمور نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لأنها تثير النزاعات وتمزق صله الارحام بين المسلمين وتبنى صروحا من الحقد والكراهية بدون داعى أو منفعه عامه او خاصه غير استحضار التعاظم والتفاخر الذي نهانا الله عنه ، لان الله تعالى لما قال ( وجعلناكم شعوبا وقبائل) قال لتعارفو لا لتفاخرو وتناحرو وتختلفو وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفاخر بالانساب والتعصب للعائلة والقبيلة ، اتركوها اى العصبية والتعصب فإنها جيفه منتنه، وانا عن نفسي اشُهد الله ثم اشهدكم اذا خُيرونى بين نسب القبيلة والإسلام اخترت الاسلام ووضعت مادونه تحت قدمى ، ولقد نهى الإسلام عن التفاخر بين الناس الذي يؤدي بهم إلى العصبية أو القبلية التي تؤدي إلى الشقاق والخلاف بين الناس، والتفريق بين المجتمع الواحد، بل وتؤدي بهم إلى قطع أواصر الصلة والمحبة بينهم.. وقد ورد في القرآن الكريم ما يؤكد على التواصل والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، ويحقق الوئام بين عموم المسلمين، من خلال رابطة العقيدة الإسلامية، التي هي أسمى رابط بين المجتمع المسلم.. وفي ظل هذا الهدف الأسمى للدين الإسلامي، وتأكيداً على رابطة العقيدة، ونبذ العصبية والقبلية التي كانت سائدة قبل الإسلام، .
وورد عن عمر – رضي الله عنه – قوله: «تعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم، وتعرفون به ما يحل لكم وما حرم عليكم من النساء ثم انتهوا» وقوله ثم انتهوا أي انتهوا عن التفاخر المؤدي إلى العصبية. وكان ديوان الجند الذي أنشأه عمر – رضي الله عنه – مرتباً على القبائل، فكان أول سجل للأنساب، ويبدو أن النسابين الأوائل أخذوا منه الكثير.
وقد جاء ذكر الفخر في القرآن العزيز في خمسة مواضع، كلها جاءت في مقام الذم، إلا أنها تكون مقرونة بصفة مقاربة من الصفات غير المحمودة، كالفرح، والاختيال، كقوله تعالى: (ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور) والفرح في القرآن إذا جاء مطلقاً فهو مذموم كما ذكر الراغب الأصفهاني وكقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 23].
وهكذا يبدو لنا أن الفخر خصلة ذميمة لأنه مباهاة وتعاظم في غير محله.
وإذا قدر أن محل الافتخار موجود لدى المفتخر، فإنه لا ينبغي له أن يتظاهر أمام الناس بمظاهر العظمة والكبرياء ولذا جاء في الحديث الشريف أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) قال ابن الأثير أي لا أقوله تبجحًا ولكن شكرًا لله وتحدثًا بنعمه.
والسنّة النبوية مليئة بالتحذير والتنفير من الفخر والمفاخرة ومن ذلك ما رواه مسلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)، وروى أبوداود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل عصبية وليس منا من مات على عصبية)
والعصبية أو التعصب هو المحاماة والمدافعة عن الباطل، أو استعمال الأساليب غير المشروعة في الدفاع، وسبب النهي عن الفخر والعصبية ظاهر، فهما خلقان ذميمان يخرجان الإنسان من دائرة العقل والاتزان إلى دوائر الغرائز المنفلتة، وهما خلقان يجرا والتهويل أو التهوين، وآثارهمافقد يترتب عليهما السباب والتلاعن، والتباغض والتهاجر، بل الحراب والقتال وفي عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وقعت مفاخرة بين المهاجرين والأنصار كادت تسبب بينهما حرباً، لولا أنه عليه الصلاة والسلام نزع فتيلها بالحال، فقد كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: مابال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم؟ فأخبر بذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: دعوها فإنها خبيثة».
وهناك نوع محرم، وذلك حينما يكون مبعث الفخر الكبر، وهو غمط الناس واحتقارهم، وكان كذبًا ومبالغة وادعاء، والمتأمل في واقعنا الاجتماعي يجد الفخر بنوعيه وإذا كان أحد النوعين جائزًا وسائغًا وفق وصفنا، فإن النوع الآخر لا يجوز، ولا يصح السكوت عنه ولا إقراره، ولا تشجيعه، بأي أسلوب أو وسيلة كان، قولية أو فعلية، لما يترتب على ذلك من الآثار السلبية الوخيمة، على الدين والدنيا، وعلى وحدة الوطن، وتماسك بقيه أن شاء الله.