الحنين إلى الذكريات
بقلم/هبه المنزلاوي
جَاءَتْ عَازِفَةُ الْكَمَانِ، تَنْشُرُ عَبَقَ الْأَحْلَامِ،
وَتَطْرُبُ كُلُّ الْآذَانِ، فِيهَا جَمَالُ الْأَلْحَانِ
تَلْعَبُ عَلَى الْأَوْتَارِ، وَكَأَنَّهَا تُشْعِلُ النِّيرَانَ
تَسْمَعُهَا قُلُوبٌ مُشْتَاقَةٌ، تَذْهَبُ مَعَهَا فَوْقَ السَّحَابِ
لِتَبْحَثَ عَنْ دُنْيَا النَّقَاءِ، وَتَبَنِّي حُلْمِ الْأَيَّامِ
وَتَجِدُ لِلرُّوحِ مَكَانٌ، تَتَحَرَّكُ مَعَهَا أَوْتَارُ الْوِجْدَانِ
تَعُودُ إِلَى أَمَاكِنِ الذِّكْرَيَاتِ، تَتَجَوَّلُ فِيهَا مَعَ الْأَحْبَابِ
ضَحَكَاتٌ وَلَهْوٌ مَعَ الْأَيَّامِ، حُبٌّ وَسَعَادَةٌ وَوَفَاءٌ
جَاءَتْ لَحْظَةُ الْإِعْصَارِ، وَشَدَّتْ بِأَوْتَارِهَا الْأَعْصَابُ
اسْتَيْقَظَتْ مِنْ سُبَاتِهَا وَبَكَتْ، أَيَّامُ السَّعَادَةِ قَدْ مَضَتْ
مَا أَجْمَلَ الزَّمَانُ الْوَافِي وَرَائِحَةُ الْأَجْدَادِ، وَدِفْءُ الْجُدْرَانِ
وَلَمْ شَمِلْ وَبَيْتٌ يَجْمَعُنَا، تَتَعَالَى ضِحْكَاتُنَا فِي الْفَضَاءِ
بَيْتُ الْحِكَايَاتِ وَالنَّبَضَاتِ، تَذْهَبُ فِيهِ كُلُّ الْهُمُومِ
أَيَّامٌ عَذْبَةٌ وَدَافِئَةٌ، كَانَتْ لِلْحُبِّ عُنْوَانًاً
فِيهَا تَضْحِيَةٌ وَأَمَانَةٌ، تُولَدُ فِيهَا الْمَعَانِي النَّبِيلَةُ
كُنَّا حَلْقَةً وَاحِدَةً، لَا تَعْصِفُ بِهَا الرِّيَاحُ
كُنَّا نَقَعُ وَنَنْهَضُ سَوِيًّا، وَنَعْرِفُ مَعْنَى الْأُخُوَّةِ
مَهْمَا جَنَى الزَّمَانُ عَلَيْنَا، سَنَظَلُّ نَحْنُ لِأَيَّامٍ
كَانَتْ بِالْحُبِّ عَامِرَةً، مَا أَجْمَلَ قُرَى الْأَجْدَادِ
كَانَتْ فِيهَا فَرْحَةٌ لَا تَنْتَهِي وَقُلُوبٌ لَا تُغَالِي
#نثر