كتب الباحث الاستاذ محمد عبد الواحد خطاب كاتب وباحث في علم المصريات والآثار
أن معظم المصريين القدماء كانوا مزارعين مرتبطين بالأرض ، وكانوا يسكنون منازل وبيوت شديدة الخصوصية ، تقتصر فقط على أفراد الأسرة الواحدة ، وبنيت من الطوب اللبن من أجل الإبقاء عليها باردة في حرارة النهار ، وكان لكل منزل مطبخ مفتوح السقف ، يتضمن غالباً حجر الرُحى لطحن الدقيق وفرن صغير لصنع الخبز ، وكانت الجدران تطلى باللون الأبيض وتغطى أغلب الأوقات بستائر من الكتان ، وتغطي الأرضيات بحصير من القصب ، في حين يتألف الأثاث من كراسى خشبية وأسرة ترفع من الأرض ومائدة فردية.
اهتم المصريون القدماء بدرجة كبيرة بالنظافة والمظهر ، وكان نهر النيل هو حوض الاستحمام الرئيسي لديهم ، مستخدمين صابوناً مصنع من الدهن الحيواني والطباشير ، واعتاد الرجال حلق كل أجسادهم بغرض النظافة ، واستخدموا الزيوت العطرية لتغطية روائح الجسد وكانت جميع الملابس مصنوعة من الكتان البسيط ، ويلغب عليها اللون الأبيض ، وقد لجأ كلاً من رجال ونساء الطبقة الحاكمة إلى ارتداء الشعر المستعار والمجوهرات ومستحضرات التجميل كنوعاً من التجمُل ، بينما لم يرتد الأطفال الملابس حتى بلوغ الثانية عشر من العمر ، وهو سن البلوغ والنضوج لدى قدماء المصريين ، ويتم أيضاً إجراء مراسم الختان والبدء في حلق شعر الرأس لدى الذكور في هذا السن ، وكانت الأم هي المسؤولة عن رعاية الأطفال ، بينما تقع مسؤولية الأب على تزويد الأسرة بالمال.
وكانت الموسيقى والرقص ترفيهاً شعبياً ومنتشر لأفراد الطبقة المتوسطة ومافوقها ، وشملت الأدوات الموسيقية بدايةً المزامير والعيدان ، قبل أن تتطور لاحقاً وتنتشر الأبواق وأنابيب القرع وتصبح أدوات شعبيه ومنتشره ، في عصر الدولة الحديثة ، استخدم المصرييون الجرس والصنج والدف والطبلة والعود في العزف ، واستوردوا القيثارة من آسيا ، وكانت الآلات الشبة جلجلية مثل الصُلاصل تستخدم بشكل مهم في المراسم والاحتفالات الدينية.
تمتع المصريون القدماء بمجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية ، بما فيها الألعاب والموسيقى ، فكانت لعبة سينيت من أوائل الألعاب لدى المصريين القدماء ، وظهرت بعدها لعبة أخرى تدعى ميهين ، وكلاهم ألعاباً لوحية تلعب على لوح ، أما ألعاب الزهر والألعاب الكروية فكانت شائعة عند الأطفال ، وتم أيضاً توثيق المصارعة كلعبة كما وجد في قبر بني حسن ، بينما استخدم أغنياء المجتمع المصري القديم الصيد وركوب القوارب كنوع من الترفيه.
ساعدت الحفريات والاكتشافات في القرية العمالية دير المدينة بصعيد مصر ، على الحصول على معلومات دقيقة عن الوضع الاجتماعي لدى قدماء المصريين في تلك القرية والتي استمر لأكثر من 400 سنة ، حيث أسهمت تلك الحفريات ودراستها عن معلومات في الجانب الاجتماعي والتنظيم والعمل وظروف المعيشه لم تكتشف في جميع الحفريات والاكتشافات الأخرى بهذا التفصيل الدقيق.
كما حافظ المطبخ المصري القديم على استقرار نسبي لفترات طويلة على مر الزمن ، حتى أنه ما زالت توجد تشابهات بين المطبخين الحديث والقديم ، تألف النظام الغذائي الشعبي من الخبز وبيرة الشعير ، وتكون الخضروات مثل البصل والثوم ، والفاكهة مثل التمر والتين كإضافات ، وينتشر النبيذ واللحم في الأعياد الدينية فقط عند العامة ، بينما اعتادت الطبقة الحاكمة عليهم بشكل أكثر انتظاماً ، وأكل السمك واللحم والدجاج بأكثر من طريقة ، حيث جففت وطبخت وشويت على شوايات.
وايضا شملت العمارة المصرية القديمة على بعض المعالم الأكثر شهرةً في العالم ، أهمها كانت أهرامات الجيزة ومعبد الكرنك في طيبة ، وكانت الدولة هي المسؤول والممول لمشاريع البناء ، إما للأغراض الدينية والاحتفالية أو لتعزيز وإظهار سلطة وقوة الملك ، احترف المصريون القدماء حرفة البناء ، واستطاع المعماريون ببناء بنايات حجرية ضخمه ذات تفاصيل دقيقة باستخدام أدوات بسيطة وفعالة في نفس الوقت.
لم تصمد مع ذلك المنازل الشخصية للمصريين القدماء حتى الآن سواء كانوا من الطبقة الحاكمة والنخبة أو العمال وغيرهم ، حيث استعملوا مواد سريعة التلف وغير قوية مثل الطين اللبن والخشب للتخفيف من درجة الحرارة ، عاش الفلاحون في منازل بسيطه ، في حين أن القصور الكبيرة ذات التفاصيل المعمارية الدقيقة كانت للطبقة الحاكمة والنخبة ، استطاع عدد قليل من قصور الطبقة الحاكمة في المملكة الجديدة من الصمود جزئياً ، مثل تلك القصور الموجودة في مالكاتا وتل العمارنة ، ووجد بها تفاصيل دقيقة وغنيه بالزينه والصور لأشخاص وطيور وبرك مياه وآلهة وتصاميم معمارية وهندسية ، بينما بنيت المعابد والبنايات الهامة بغرض البقاء إلى الأبد من الحجر بدلاً من الطوب اللبن.
تتكون المعابد المصرية القديمة الباقية الأولى ، مثل تلك التي في الجيزة ، من قاعات مغلقة فردية مع ألواح سقف مدعمة بالأعمدة ، تطورت الهندسة في عصر الدولة الحديثة ، وأضاف المعماريون الصرح والساحات المفتوحة والبهو واعتمدوا هذه التصاميم حتى دخول العصر اليوناني-الروماني ، اشتهر القبور ذات تصميم المصطبة في الفترات الأولى من مصر القديمة ، وهي مبنى مستطيل الشكل ذو سطح مسطح مبني من الطوب اللبن أو الحجر يغطي تحته غرفة الدفن والتي توجد تحت الأرض ، هرم زوسر المدرج مثلاً ، هو عبارة عن ستة مساطب حجرية فوق بعضها البعض ، كانت الأهرامات هي التصاميم الشائعة لمقابر الملوك في الدولة القديمة والوسطى ، قبل أن يتخلى عنها حكام اللاحقين لصالح المقابر الصخرية الأقل ظهوراً.