يرى تركيا ستخسر النزاع فى محافظة ادلب. ينبغى على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية القبول بأن حرب سوريا حُسمت. وحسب الخبير فإن على تركيا التوقف عن دعم المتمردين بغية عدم إطالة آلام الناس. خاض الجيش التركى على مدى أسبوع معركة ضد وحدات حكومة سوريا بشار الأسد فى ادلب. ثم إتفق الرئيس رجب طيب اردوغان فى 5 مارس مع أهم داعم للأسد، رئيس روسيا فلاديمير بوتين على وقف لإطلاق النار. وهذا ما زال قائماً. الى متى ستصمت الأسلحة؟. الى حد الآن لا يمكن التنبؤ الى متى سيدوم وقف إطلاق النار. لكن واضح أن سوريا وداعميها الروس واللبنانيين والايرانيين إتفقوا على تحرير مجدداً محافظة ادلب. كل ما نراه حالياً هناك هى مواجهات تقهقر من طرف تركيا وحلفائها. أنطلق من أنه خلال الصيف ستحصل مجدداً مواجهات وأن الهجوم الكبير الذى بدأ فى أبريل 2019 سيؤدى يوماً ما الى نجاح بشار الأسد. من المحتمل أن يؤدى وباء كورونا فى سوريا الى التزام أطراف الصراع فى محافظة ادلب ببعض الحذر ولاسيما وأن نظام الأسد يجب عليه التفكير فى الحفاظ على القدرة القتالية لوحداته القليلة. لكن يمكن الإنطلاق من أن الوباء لن يؤدى الى وقف المعارك. والى حد الآن لا يبدو أن وحدات الأسد تتقلص، والسكان المدنيون الهاربون فى المخيمات هم المتأثرون. الرئيس اردوغان يعرف أنه لايستطع ضد إرادة بوتين وبدون دعم من الغرب أن يوقف هجوم الأسد بل التخفيف منه فقط،الا يجب على حلف الناتو دعم اردوغان لحماية الناس فى ادلب؟ هناك مسئولية إنسانية للأوروبيين لكن يجب عليهم الإستجابة لهذه المسئولية فقط بإتخاذ إجراءات مساعدة. هذه الحرب الأهلية منتهية. ولو أراد حلف الناتو أو حتى الإتحاد الأوروبى التدخل لكان ذلك ممكناً قبل سنوات. والآن هذا ليس بأمر واقعى وبالذات على خلفية وباء كورونا. ونرى أيضاً أن تركيا قدمت الدعم فى السنوات الأخيرة لإسلاميين فى سوريا ـ وحالياً هناك منظمة هيئة تحرير الشام التى تسيطر فى إدلب. أنها المنظمة المنبثقة عن جبهة النصرة الداعمة للقاعدة. ولن يكون صحيحاً أن يتدخل الغرب الى جانب هذه المنظمة. الأوروبيون والأمريكيون يبلون بلاءً حسناً بأن يقبلوا بأن هذه الحرب الأهلية محسومة. ويجب على تركيا أيضا فعل ذلك ووقف دعم المتمردين. ويجب الطلب من المتمردين الإنسحاب من إدلب، لأنهم مثل الأسد مسئولون عن آلام السكان. هيئة تحرير الشام هى منظمة إرهابية توجد لسبب وجيه على قائمة الإرهاب فى كثير من البلدان بما فى ذلك أيضاً المانيا. بالنسبة الى تقييمى، الأمر الحاسم هو أن الحرب الأهلية خاسرة. فمحاولة المتمردين الحفاظ على إدلب ودعمهم من قبل تركيا يؤدى الى تمديد آلام الناس. بالطبع نظام الأسد هو فى المقام الأول مسئول عن تفجر الحرب الأهلية. والنظام هو أيضاً مسئول عن الجزء الأكبر من الضحايا وجرائم الحرب البشعة. وبالرغم من ذلك وجب القول إنطلاقا من نقطة معينة بأن هذه الحرب لا يمكن كسبها. فالجيش السورى الحر برهن فى بداية الحرب كيف يجب العمل فى هذا النوع من المواقف: عندما تقدم فى السابق نظام الأسد فى منطقة حمص الى بعض المواقع وكان يُخشى أن يحصل قصف كبير إنسحب المتمردون بغية إبعاد السكان المدنيين عن إستهداف النظام. وسيكون ذلك هذه المرة أيضاً أسلوب التعامل الصحيح. لكن هذا النوع من السياسة ليس متوقعاً من تركيا وحلفائها الاسلاميين فى عين المكان. واضح تماما أن الأسد سيستولى على المحافظة. وبالتالى فإن قضية مستقبل المتمردين مطروحة أصلا. أعتقد أن الإمكانية الوحيدة المتاحة لهم للبقاء أو لتفادى المعتقل بعواقب غير معروفة هى أن يتراجعوا فى إتجاه تركيا. وسيكون ذلك منطقياً، لأن تركيا دعمتهم على أبعد تقدير منذ 2012. وهى مسئولة أيضاً عن فرض اسلاميين لأنفسهم بين المتمردين منذ 2013. وعليه يجب عليها إستقبال المتمردين وكذلك عدداً متزايداً من اللآجئين. وكيفما كان السيناريو المحتمل، فإنه لا يمكن تفادى موجة لجوء. سيهرب أناس الى تركيا والمسألة هى فقط فيما إذا كانت تركيا ستفتح حينها الحدود. لكن اردوغان يريد تفادي سقوط ادلب في يد نظام الأسد بكل ثمن. لماذا يتمسك بذلك؟ منذ 2015 توجد أولوية في سياسة سوريا التركية. وهذه تقوم على أساس تفادى أن يتقوى فرع حزب العمال الكردستانى، ما يُسمى قوات وحدات حماية الشعب الكردى وأن يتحكم فى منطقة على شاكلة دولة. ومن وجهة نظرى يكون ذلك منطقياً لو ركزت تركيا على ذلك. لكن حكومة أردوغان تحاول مواصلة دعم المتمردين للسيطرة على نوع من الركيزة فى سوريا للمشاركة في أية تسوية سياسية. وهذه السياسة بالرغم من أن الحرب الأهلية محسومة هى السبب الرئيسى وراء الكارثة التى نشهدها الآن فى ادلب والتى تزداد تأزماً مع إنتشار وباء كورونا فى البلاد. وبإمكان تركيا العمل على أن يتوقف المتمردون عن القتال ضد نظام الأسد، لكنها لا تفعل ذلك. هنا يتعلق الأمر بإنقاذ بقايا سياستها المتبعة تجاه سوريا لكن هذه معركة تقهقر وتركيا ستخسر هذا النزاع. وزير الخارجية التركى سبق وأن أشار الى التخلى عن مناطق يراقبها حالياً متمردون جنوبى الطريق الدولى م4 لصالح روسيا. وستبقى منطقة صغيرة تراقبها ميليشيات متحالفة مع تركيا. لكن هذه المنطقة لن تكون قادرة على البقاء بشكل مستقل عن المساعدات الدولية. ما هى واقعية هذه المبادرة؟. لا أثق فى الحلول التى تسيطر فيها تركيا على مناطق المتمردين فى شمال سوريا. نظام الأسد مصمم على إستعادة جميع أجزاء البلاد. هذا سيستغرق بعض الوقت لكن سوريا وداعميها الروس والإيرانيين متفقون على إستعادة جميع الأراضى. ليس هناك حل تسيطر فيه تركيا على أية مناطق فى شمال إدلب. إنها معركة تراجع للحكومة التركية تريد بها البرهنة على أهميتها فى مفاوضات. تركيا ستبقى مهمة لكنها ستواجه الضغوط للتخلى عن هذه المنطقة.