السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق في حوار مفتوح مع الإعلامية ريم الرحماني
السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق في حوار مفتوح مع الإعلامية ريم الرحماني
يشهد النظام العالمي تغيرات دقيقة حادة وعميقة في جوهرها وتأثيراتها وفي نمط العلاقات بين الدول، فقد جاءت القيادة السياسية المصرية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية لتعكس قدرتها على التفاعل والانخراط بإيجابية لتقليص حجم التحديات الناجمة عن هذه المتغيرات، وإضعاف تأثيرها السلبي على الأمن القومي العربي واستثمرت الدبلوماسية المصرية ما وصلت إليه الدولة المصرية في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي من قوة عسكرية وسياسية، للتحرك بمرونة مع مختلف الدول وفي الإطارات الإقليمية ذات الصلة بدوائر السياسة الخارجية المصرية.
وكان الدور المصري حاضراً وبشكل فعال في الملفات والقضايا الرئيسية في المنطقة ، وقد كانت هذه التحركات الفعالة محكومة بجملة الثوابت والمحددات الخاصة بالسياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير.كماتحرص مصر على المشاركة في الجهود الدولية لإنهاء الأزمات، من خلال الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تعقد من أجل تسوية هذه الأزمات، وتتخذ موقفاً رسمياً داعماً لجهود الأمم المتحدة المتعلقة بالمصالحة والحوار والتسوية.وتتبع مصر سياسة استراتيجية تقوم على مساعدة الدول العربية لتخطي أزماتها بما يحقق الأمن والاستقرار فى المنطقة وانعكاس ذلك على الأمن القومي المصري، مع التأكيد على مبدأ تسوية المنازعات بالطرق السلمية.
فكان هذا الحوار مع السفير د محمد العرابي، رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأسبق حول الكثير من الملفات الشائكة
ومن اهمها:
١-استهداف جماعة الحوثيين اليمنية للسفن التي تمر من مضيق باب المندب متوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، أثار قلق المجتمع الدولي بشأن مستقبل حركة النفط والطاقة والتجارة العالمية من جهة ومدى تأثر قناة السويس من جهة أخرى.
ماهي برأيك الخسائر المحتملة التي قد يتكبدها الاقتصاد العالمي في حال اذا تطورت الأوضاع الأمنية في هذا المضيق الحيوي ؟
لاشك أن استهداف الحوثيين بعض القطع التجارية البحرية في مضيق باب المندب يثير مخاوف جميع شركات الشحن ، وبالتالي العملية ليست السفن التي تذهب إلي اسرائيل فقط ولكن بالطبع هناك مخاوف لدي شركات الشحن الكبري من استهداف القطع الخاصة بها في هذه المنطقة. فمن المؤكد أن هناك أضرارا اقتصادية بالغة بالاقتصاد الدولي بوجه عام والدول المتشاطئة بالبحر الأحمر بشكل خاص وخاصة مصر لأن بها أهم ممر ملاحي دولي وهو قناة السويس من المؤكد يتأثر مما يؤثر علي الاقتصاد الوطني في الدولة المصرية . كما أن إطالة أمد الإبحار بالنسبة لبعض السفن لتوصيل مستلزمات الانتاج والمواد الغذائية والنفط من شأنه أن يرفع الأسعار ويبطيء وتيرة الإنتاج في دول صناعية كبري وهو أمر يؤدي إلي مشاكل اقتصادية عالمية .
٢ – قرار محكمة العدل الدولية بمنع ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وذلك ضمن حكمها الابتدائي بشأن الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل وتتهمها فيها بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة
السؤال هل قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة دون الرجوع لمجلس الامن ؟وفي حال ما اذا استطاعت أن تكسب جنوب أفريقيا الدعوي ضد اسرائيل كيف يمكن ان ينفذ الحكم وماهي النتائج المحتملة؟
إن هذا القرار هو انتصار للقانون الدولي الإنساني، لأن مضمونه يضع إسرائيل في وضع الإدانة بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، خاصة أن المحكمة تضم ممثلين عن الأمم المتحدة التي ستكون ملزمة في وقف هذه الممارسات الوحشية التي يرتكبها قوات الاحتلال.
ولا شك انه قرار قانوني ومنصف تمت صياغته بدقة شديدة وبتوزان كبير،إلا أن هذا القرار غير بات أو نهائي، فمازال أمام جنوب أفريقيا فرصة لتقديم الكثير من الأدلة القانونية التي تؤكد عن قوة موقفها وتورط إسرائيل في عمليات إبادة جماعية.
أن إسرائيل تنتهج سياسة وحشية لإبادة الشعب الفلسطيني وبالتالي فإن هذه الإجراءات تسهم في إنقاذ القضية الفلسطينية من الزوال وتحافظ على حياة المدنيين الذين يتعرضوا لإعمال عنف وحشية.
٣- القضية الفلسطينية واحدة من أعقد القضايا العالمية
كيف يمكن أن نصل إلي حل شامل فيها في ظل أوضاع متغيرة دوليا واقليميا ؟
وهل تري أن هناك تأثير لحرب غزة علي أمن مصر القومي ؟
القضية الفلسطينية قضية صعبة ولكن في النهاية حلولها واضحة ومن يملك الحلول الآن هي دولة اسرائيل والولايات المتحدة معا وهما يقفان أمام اي تسوية سياسية خاصة بإقامة أي دولة فلسطينية وهذا يشكل صعوبة كبري في مواجهة حل سلمي يلبي تطلعات الشعب الفلسطينى في إقامة دولته .
من المؤكد ان حرب غزة لها تأثير علي الأمن القومي المصري لأنها تقع علي الحدود وهو أمر معروف استراتيجيًا أنه يشكل تهديد للأمن القومي خاصة أن هناك استعمال لأسلحة متطورة وفتاكة .
٤- بذلت مصر الكثير من الجهود لاحتواء الأزمة السودانية والحيلولة دون الدخول في نفق الحرب الأهلية المظلم ودعت الي قمة “دول جوار السودان ” التي استضافتها القاهرة واستقبلت عشرات الآلاف من الوافدين السودانيين عبر الحدود
فكانت هناك بعض الاصوات التي تتساءل لماذا استقبلت مصر السودانيين و لكنها رفضت سياسة تهجير الفلسطينيين فبماذا ترد عليهم ؟
وماهي فرص السلام المتاحة الآن في السودان بعد تجميد الحكومة عضوية بلادها في”إيغاد”؟
هناك خلاف كبير بين استقبال الأشقاء من السودان واستقبال الأشقاء من فلسطين ،خروج شعب فلسطين من أرضه معناه أن لن تكون هناك قضية فلسطينية ولن تكون هناك حقوق فلسطينية ولن يكون هناك قدرة علي إنشاء دولة فلسطينية ولكن استضافة الشعب السوداني هو استضافة مؤقتة إلي أن تسود حالة السلم مرة أخري داخل السودان ثم يعود إلي بلاده دون أن يكون هناك عواقب سياسية في هذا الأمر ،مصر تحافظ علي القضية الفلسطينية من الزوال وهو أمر هام للغاية وقدأشادت معظم الدول بالموقف المصري في الحفاظ علي الشعب الفلسطيني وتمسكه بأراضيه .
أما عن فرص السلام في السودان اعتقد أن الأمر لازال بعيدا لأن هناك حالة من الاستقطاب الداخلي ولا يوجد أي بوادر أن يكون هناك حل توافقي سلمي .
٥- أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر ترفض «مذكرة التفاهم»، التى وقعها رئيس الوزراء الإثيوبى مع زعيم ولاية «أرض الصومال»، والتى تمنح إثيوبيا ميناءً بحريًا وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر، مقابل اعترافها بهذه الولاية الصومالية، كدولة مستقلة.
كيف تقرأ وجهة النظر المصرية بشأن خطورة التحركات والسياسات الأثيوبية علي استقرار الاقليم وذلك مع اعلان وزراء الخارجية العرب ايضا رفضهم لهذه المذكرة التي وصفها أحمد ابو الغيط امين الجامعه انها انقلاب صارخ علي الثوابت العربية والافريقية ومخالفة للقانون الدولي والاتفاقات الدولية ؟
وجهة النظر المصرية في هذا الموضوع قائمة علي التقليل من حدة التوتر في الإقليم وخاصة في منطقة القرن الأفريقي وهي منطقة هامة جدا ومن الناحية الأخري نجد انه من الضروري أن يكون هناك أسلوب دبلوماسي مختلف وهو ما عبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلا أن هناك اساليب دبلوماسية يمكن أن تحقق بها أهدافك .
٦- انتهاك اثيوبيا لإعلان المبادئ الموقع بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم عام 2015، والذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي قبل البدء في عملية الملء وقيام أثيوبيا بالاستعداد للملء الخامس لسد النهضة دون تنسيق مع مصر والسودان
هل يضع ذلك عبئا على مائدة المفاوضات ؟
ومامدي امكانية التوصل الي اتفاق في ظل هذا التعنت الاثيوبي خاصة بعد الاضرار التي ظهرت بعد الملء الرابع من انتهاء فيضان النيل للأبد وجفاف مناطق كبيرة بالسودان وخسارة مصر 12 مليار متر مكعب من المياه؟
هناك نهج أثيوبي خاص باتخاذ قرارات فردية لا تعبأ بمصالح الآخرين وهذا تجلي أيضا في موضوع ميناء أرض الصومال . من هنا أري أن هذه الدولة تحاول ممارسة فرض أمر واقع علي الجميع بعيد عن أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحتي روح الإتحاد الأفريقي القائمة علي التعاون وحسن الجوار ومراعاة الآخرين وأري أن هذه الدولة لديها مشكلة في قيادتها والتعامل معها في المرحلة الحالية غير وارد وعليه يجب علينا ان يكون لدينا قدر كبير من الإحساس باحتواء هذه الدولة واحتواء أهدافها في المنطقة والقرن الأفريقي وأفريقيا كلها فهي خرجت عن الإطار الطبيعي لروح التعاون والصداقة للدول الأفريقية والإتحاد الأفريقي والذي مقره الرئيسي موجود في العاصمة أديس أبابا .
٧- جاء انضمام مصر للتكتل الاقتصادي العالمي بريكس في مرحلة فارقة للسياسة الدولية حيث يتحول العالم من سياسة القطب الواحد الي تعددية الاقطاب كيف تري المكاسب السياسية والدبلوماسية التي تستقيدها مصر من الدخول في هذا التكتل الاقتصادي العالمي ؟
انضمام مصر للبريكس خطوة ممتازة ولكن يجب أن لا نرفع سقف التوقعات من هذا الانضمام لأن القضاء علي المشاكل الاقتصادية لن يكون بالانضمام إلي مجموعات اقتصادية دولية . وخاصة أن البريكس كان في البداية هو تجمع اقتصادي ولكن هو الآن في سبيله إلي تجمع سياسي وهو ما يقلل من قدراته علي القيام بالتكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء ولكن انضمام مصر لهذا التجمع أحد أهدافه إعادة المسار بالنسبة للمجموعة إلي التعاون الاقتصادي والاهتمام بالتنمية أكثر من الانخراط في المسائل السياسية.
٨- فشلت الدبلوماسية في منع الحرب الاوكرانية الروسية
هل تعتقد ان الدبلوماسية يمكن ان تحل هذه الأزمة خاصة مع تصريح وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا “لاتوجد دولة في العالم تريد احلال السلام بقدر بلاده “؟
للأسف نحن نعيش الآن في عالم يسوده استعمال القوة أكثر من اللجوء إلي الأساليب الدبلوماسية في حل الخلافات بين الدول ولكن في النهاية ثبت أن القوة لا تستطيع حل شيء بل علي العكس تزيد من المعاناة و الخسائر بالنسبة للطرفين سواء كان أحدهم لديه الحق أم لا وفي النهاية الحروب لا تحقق نتائج علي الأرض ولكن دائما السلام تكاليفه أرخص كثيرًا من تكاليف الحرب .
اقرأ أيضًا:
البنك الأهلي المصري يوقع اتفاقية مع مكتب أبو ظبي للصادرات لفتح خط ائتمان بقيمة 100 مليون
بنك مصر 50مليون جنيه لدعم مشروعات التمكين الاقتصادي بقرى “حياة كريمة” في 7 محافظات
رئيس «الرقابة الصحية»: «الجودة» هي الفارق بين الخدمة الصحية المنظمة والعشوائية
البنك الزراعي المصري يطلق قرضاً جديداً للمساهمة في مصروفات التعليم لأبناء المزارعين
دكتور عُمر الشوربجي مدرس و استشاري المناظير الجراحية النسائيه و المشيمة الملتصقه
الدكتور محمد حسن زيتون استشاري امراض الباطنة والسكر ودهون الدم في حوار خاص للرأي العام المصري
القنصلية الايطاليه بالاسكندرية تحتفل بمئويه سيد درويش بشدو الفنانه لقاء سويدان
بنك القاهرة يواصل تحقيق أرقاماً قياسية في نتائج أعماله خلال النصف الأول من عام 2023