أخر الأخبار
حين تصبح المنافسة الشريفة البذرة الٱولى للحسد والحقد
الإديبة والشاعرة سهام حلمى
تم نسخ الرابط بنجاح!

👁️
10,125 مشاهدة
حين تصبح المنافسة الشريفة البذرة الٱولى للحسد والحقد
كتبت.. الأديبة والشاعرة سهام حلمي
———————-
يقولون “منافسة شريفة”…
وكأن الكلمة وحدها كفيلة بتجميل المعنى!!
وكأن وضع صفة مهذبة على الفكرة يكفي ليجعلها نقيّة.
لكن الحقيقة ليست في الألفاظ،
بل في القلوب التي تحملها!!
فكثيرا ما تكون تلك “المنافسة الشريفة”
ليست سوى البذرة الأولى لغيرة خفية،
النقطة التي يبدأ عندها القلب ينحرف درجة واحدة فقط،
ثم يجد نفسه دون أن يشعر
قد تحرك في اتجاه لا يليق بروحه.
الإنسان الذي يضع غيره هدفًا لسباقه
يشبه من يترك طريقه الممهّد،
ويتسلق جدارا غير جدار بيته،
يحاول رؤية ما عند الآخرين قبل أن يرى ما في يده !
يشبه من يشرب من كوب غيره ظنا أن الماء فيه أصفى،
بينما عطشه الحقيقي كان يحتاج أن يعود إلى بئره، لا إلى بئر الناس.
حين تتحول المقارنة إلى عادة،
تبدأ النفس في الانزلاق دون أن تنتبه.
شعرة رقيقة جدًا — أرق من خصلة هواء —
تفصل بين الإعجاب وبين الحسد…
بين الرغبة في التقدم
والرغبة في سقوط من أمامك…
بين أن تقول “أريد أن أنجح”
وبين أن تهمس داخلك “لا أريد أن ينجح هو.”
وهذه الشعرة…
أول ما تُمسّ، تتحول المنافسة إلى صوت داخلي مشغول بالآخر أكثر من ذاته،
وتبدأ النفس في التقلب،
تتعب،
وتستنزف طاقتها،
لا لأنها لم تُحقق شيئًا…
بل لأنها قررت أن تقيس إنجازها بمقياس أحد آخر.
الله لم يخلق إنسانًا نسخة من آخر،
ولا وزّع النعم على شكل قوالب متشابهة.
لكل روح رزقها الذي لا يشاركها فيه أحد،
قدراتها التي لا تتكرر،
وحلمها الذي لا يناسب غيرها.
ولذلك، حين يلتفت الإنسان لغيره قبل نفسه،
يُعطّل رزقه بيده،
ويغلق باب توفيقه بنفسه.
النجاح الحقيقي لا يحتاج خصمًا،
ولا يحتاج أن يتفرج صاحبه على طريق غيره.
النجاح ابن الإتقان، لا ابن المقارنة.
ابن السعي الصادق، لا ابن المنافسة المفتعلة.
وابن القلب الذي يعمل لله،
لا العين التي تراقب الناس.
المنافسة حين تحمل نية طاهرة
قد توقظ فينا الهمة،
وتشدّ عودنا،
وتجعلنا نرى قدراتنا بوضوح.
لكن حين تصبح غاية بذاتها،
تتحول إلى جرح صغير في الروح يتسع مع كل مقارنة،
وتصبح مثل يد تمتد لالتقاط ثمار بستان غيرها
فتسقط أوراق بستانها دون أن تشعر.
فلننظر إلى أنفسنا قبل أن ننظر إلى أحد،
ولنقيس نجاحنا بمقدار تعبنا،
لا بمقدار ما يملكه الآخرون.
ولنردد بيننا وبين أنفسنا:
“ما سيأتي لي، لن يأخذه غيري،
وما كتب لغيري لن يصل إليّ،
فلماذا أحمل قلبي فوق ما لا يخصه؟”
وحين نعود لأنفسنا…
نهدأ.
ونعرف أن الله لا يبارك في سباق لا نرى فيه سوى ظهر الآخرين.
بل يبارك حين ننظر إلى الأمام،
إلى الطريق الذي كُتِب لأجلنا،
ونسير فيه بثبات،
ونترك النتائج على الله…
الذي يعرف كيف يعطي حين نخلص،
وكيف يرفع حين نتواضع،
وكيف يفتح الأبواب لمن ركّز على وجهته لا على وجوه الناس.
تم نسخ الرابط بنجاح!









