أعلنت الحكومة المغربية مؤخرا تقديم دعم للصحافة الورقية بقيمة 21 مليون دولار، في مسعى إلى مساعدة الصحف المطبوعة على مواصلة عملها وسط جدل بين الصحفيين حول طريقة صرف المساعدة ومدى استفادتهم منها.وقال وزير الثقافة والشباب والرياضة في المغرب عثمان الفردوس خلال اجتماع مع لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب إن دراسة وضعية الصحافة الورقية خلال أزمة كورونا كشفت أن الدعم المعتاد غير كاف.
وأضاف الفردوس أن الوزارة قررت اتخاذ إجراءات استثنائية تفرق بين ما هو ظرفي يتعلق بالمرحلة الحالية وبين ما هو هيكلي يهمُ بنية الصحافة المطبوعة بشكل عام.
وأورد الوزير أنه بعد اتفاق مع وزارة الاقتصاد والمالية صدر قرار بتخصيص 75 مليون درهم (7.7 مليون دولار) لأجل تسديد تكاليف الأجور في المؤسسات الصحافية في ثلاثة أشهر هي يوليو وأغسطس وسبتمبر.
فضلا عن ذلك ستقدم الحكومة المغربية دعما للمطابع التي تطبع أكثر من 500 ألف نسخة في اليوم بـ15 مليون درهم (1.5 مليون دولار).وأشار الوزير إلى أن الدعم الاستثنائي سيتجاوز 21 مليون دولار موضحا أن الوزارة تلقت ما يزيد عن 130 ملفا من المؤسسات الصحفية بشأن الدعم المرتقب.
وتعاني الصحافة الورقية في المغرب تراجعا مستمرا في عدد القراء وسط منافسة شرسة من المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي.
ويشكل الزمن تحديا للصحافة الورقية إذ تجري طباعة الجرائد قبل يوم من عرضها في المكتبات والأكشاك في حين تقوم المواقع بنقل الأخبار على نحو سريع.
لكن المدافعين عن الصحافة المطبوعة يقولون إن الورق له رونقه أيضا، كما أن صحفيي الجرائد يكتبون ويعرضون الأحداث من زاوية خاصة وربما يستفيضون في التحليل، أو أنهم يحرصون أكثر على مراعاة قواعد المهنية مقارنة بالفوضى التي تسود بعض المواقع.
لكن وضع الصحافة الورقية ينطبق على دول كثيرة في العالم حيث أعلنت عدة صحف مرموقة عن وقف نسخها الورقية بسبب انفضاض القراء من حولها وانصرافهم إلى المنصات الإلكترونية.وتشير الأرقام إلى أن العدد اليومي لمبيعات جميع الصحف المغربية لم يتجاوز 230 ألف نسخة في سنة 2017، وهو رقم محدود في بلد يصل عدد سكانه إلى 35 مليون نسمة.
هل تحقق الغرض من الدعم الحكومي؟
يرى رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، سامي المودني أن الغرض من الدعم الحكومي الموجه للصحافة الورقية يتجلى أساسا في تأهيل المقاولات الإعلامية بشكل يمكن من توفير بيئة ملائمة لتطور مشهد إعلامي مستقل ومتعدد، ويساهم بالتالي في جعل السلطة الرابعة تقوم بدورها كاملا في مراقبة الشأن العام خصوصا وأن سوق الإعلانات في المغرب تواجه إشكاليات كبرى في ظل الثورة التكنولوجية، أبرزها تراجع عائدات الإعلانات لفائدة المنصات الاجتماعية الكبرى على شبكة الأنترنيت.وأضاف المودني في حديث السؤال المطروح هنا: هل حقق الدعم العمومي الهدف من وراء إحداثه مع العلم أن المواقع الإلكترونية والرقمية الإخبارية أصبحت تستفيد منه؟ ثم هل ينعكس هذا الدعم على الوضعية الاجتماعية للصحافيين المغاربة؟
وأضاف المودني أنه قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لابد من استحضار أمر مهم للغاية وهو أن دعم المقاولات الصحافية من المال العام ممارسة موجودة في عدد من الدول العريقة ديمقراطيا مثل فرنسا لأن الصحافة ليست سلعة خاضعة لمنطق البيع والشراء بناء على عدد المشاهدات وإنما حاجة مجتمعية لكل بلد يريد أن يطور ممارسته الديمقراطيةوأورد المودني أنه لا يمكن الجزم أبدا بأن الدعم العمومي الموجه للمقاولات الصحافية الورقية لم يحقق الأهداف التي جاء من أجلها في اليوم الأول ولكن هذا لا يعفي من طرح عدد من الإشكاليات أبرزها أن هذا الدعم لا يستفيد منه الصحافيون المغاربة والدليل على ذلك أنه حتى الآن لم تتم مراجعة ما يعرف في المغرب بـالاتفاقية الجماعية لصحافيي الصحافة الورقية والتي تنص على ضمان الحد الأدنى من الأجور والامتيازات الممنوحة للصحافيين في هذا القطاع الهام منذ سنة 2006.أما مدى مساهمة هذا الدعم العمومي في تعزيز التعددية والاستقلالية الإعلامية فيقول المودني إنه موجود في تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2015 و2016 الذي كشف أن الأموال التي تقدمها الدولة للصحف لا تذهب بالأساس إلى تأهيل هذه المقاولات وإنما لصرفها في أمور تسيير محضة