الطفل المغربي عدنان الذي تعرض للاعتداء الجنسي والقتل الجدل مجددا حول عقوبة الإعدام
كتب /ايمن بحر
استفاق المغاربة اليوم الأربعاء على خبر صدور حكم بالإعدام في حق المتهم باغتصاب وقتل الطفل عدنان بمدينة طنجة شمالي المغرب وهي القضية التي أثارت جدلا واسعا حول صرامة عقوبات الردع في المغرب.
وأججت هذه الجريمة التي وقعت في سبتمبر الماضي سجالا بين المطالبين بإنزال أقصى العقوبات على المتهم سواء بالإعدام أو الإخصاء، وبين والرافضين لإصدار عقوبة تسلب الحياة.
وكانت كاميرات المراقبة قد رصدت المتهم (24 عاما) باغتصاب وقتل الطفل عدنان وهو يستدرجه إلى شقة يستأجرها غير بعيد عن منزل الضحية وعقب أيام من البحث تم إلقاء القبض على المدان ولاحقه القضاء بتهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، المقرون بجناية الاختطاف والحجز مع التغرير بقاصر.
وتعود فصول الجريمة التي هزت الرأي العام المغربي وتجازوت أصدائها حدود المملكة، إلى أواسط شهر سبتمبر الماضي، عندما وجد الطفل عدنان (11 عاما) مقتولا بعد مرور خمسة أيام عن اختطافه على يد الجاني الذي قام باغتصابه ودفن جثثه في حديقة قريبة من منزل عائلته.
وعبر عدد من المغاربة عن ارتياحهم عقب النطق بحكم الإعدام على مغتصب وقاتل الطفل عدنان مطالبين بتطبيق العقوبة في أقرب وقت ممكن حتى يكون عبرة لـ وحوش آدمية تعيش وسط المجتمع المغربي.
في المقابل قال آخرون أن الإعدام لا يمكنه أن يشكل حلا لردع المجرمين وإيقاف الجريمة، وتبعا لذلك فإن المطلوب بحسب قولهم، هو إيجاد السبل الناجعة لحماية الأطفال من العنف الجنسي.
وعلق المغرب تطبيق عقوبة الإعدام منذ 28 عاما حيث نفدت آخر مرة يوم الخامس من سبتمبر سنة 1993 في حق ضابط شرطة اتهم بجرائم أخلاقية.
الإعدام.. حكم عادل؟
يرى عبد العالي الرامي رئيس منتدى الطفولة المغربي أن حكم الإعدام منصف لروح ولعائلة الطفل عدنان قائلا إنه يمثل رسالة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على طفل بأي شكل من الأشكال.
وأضاف الرامي في تصريح قال أن الإعدام هو العقوبة المناسبة في حق من ارتكب جريمة متكاملة الأركان، ومن اختطف واغتصب وسلب حياة طفل بريء حيث تعتبر هذه الجريمة من أبشع الجرائم التي شهدها المغرب في حق الطفولة مشيرا إلى أن الجميع اليوم ينتظر ترجمة هذا الحكم القضائي على أرض الواقع. ويتابع الناشط في مجال حقوق الطفل: هذا الحكم ليس منصفا فقط لعائلة عدنان بل هو منصف أيضا لجميع المغاربة اللذين تابعوا تفاصيل الجريمة المروعة كما يعد انتصارا للطفولة المغربية في فترة ارتفعت فيها جرائم اختطاف الأطفال واستغلالهم بأساليب بشعة.
وبدوره، يؤيد الرئيس الوطني للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان حسن جيدى إصدار حكم الإعدام ضد قاتل الطفل عدنان ويشدد على ضرورة تطبيقه وعدم ترك الجناة يواصلون حياتهم في السجون على حساب دافعي الضرائب. ويتابع الناشط الحقوقي في تصريح قال أن بعض المحكومين بالإعدام قد يستفيدون من فرصة تخفيف أحكامهم إن لم يتم تطبيق قرار الاعدام.
وحين سئل عن مدى مساهمة مثل هذه الأحكام في ردع المجرمين يقول جيدى: أهمية تطبيق حكم الإعدام تكمن في مواجهة الجرائم الشنعاء والمتكاملة الأركان، مثل جريمة الطفل عدنان أو القتل بالتسلسل والتصدي لها بأقصى العقوبات الممكنة.
هل يردع الإعدام المغتصبين؟
لا ترى الناشطة الحقوقية، خديجة الرياضي أي جدوى من تطبيق عقوبة الإعدام قائلة إنها لا تردع المجرمين، وتستدل على ذلك بفشل البلدان التي تطبق هذه العقوبة في القضاء على الجريمة وتقول هذه العقوبة من شأنها أن تساهم في إطفاء غضب الشارع لكنها غير قادرة على تجفيف منابع الجريمة.
وتردف خديجة الرياضي في تصريح إن دعوتنا لإلغاء عقوبة الإعدام الذي لا يطبق واقعيا لا تعني إفلات المجرمين من العقاب بل ندعو إلى سن عقوبات أخرى بديلة ونطالب بسياسة جنائية جديدة تأخذ بعين الإعتبار التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان والواقع المغربي.وتعتبر الرياضي وهي أيضا الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقول الإنسان أن حماية الأطفال من جميع أنواع الاستغلال لن تتحقق عبر تطبيق عقوبة الإعدام بل يجب اعتماد مقاربات أخرى لمنع تكرار مثل هذه الجرائم.
من جهة أخرى تؤكد رئيسة منظمة ماتقيش ولدي (لا تلمس ابني) نجاة أنور أعنيى العمل على القضاء على الجريمة التي يزداد ضحاياها يوما بعد يوم ولن تتوقف تداعياتها إن لم يتم التصدي لها بكل حزم وبانخراط جميع الفاعلين كل من موقعه. وتؤكد أنور على أن الاعتداء على الأطفال سواء كان جنسيا أو سالبا للحياة يعد إشكالية حقيقة وظاهرة ترخي بظلالها على المجتمع مشددة على وجوب مواجهتها بخطط استباقية من أجل حماية الأطفال من أي خطر يحدق بهم.
وتضيف أنور في تصريح : نتوفر داخل المنظمة على آليات اشتغال توصلنا إليها بعد بحث طويل وإطلاع على تجارب ناجحة بعدد من الدول لكن صوتنا يظل غير مسموع لدى أصحاب القرار.
وطالبت أنور بتفغيل سياسات حماية الطفولة إلى جانب اتخاذ إجراءات على مستوى المحافظات لمراعاة خصوصية كل منطقة ودعت إلى عدم التعامل مع قضايا الأطفال بشكل موسمي يجاري القضايا التي يتعاطف معها الرأي عام.