القاهرة تطفئ الحرائق.. كيف عززت مصر مكانتها كصانعة سلام فى الشرق الأوسط؟

القاهرة تطفئ الحرائق.. كيف عززت مصر مكانتها كصانعة سلام فى الشرق الأوسط؟
كتبت:هدي احمد
برزت مصر :بعد عواصف سياسية وعسكرية اجتاحت المنطقة خلال السنوات الأخيرة، واستطاعت أن تصمد وتعيد تموضعها الإقليمى رافعة راية السلام وسط عالم مضطرب، مفتاح هذا الصمود يكمن فى مزيج من عناصر ثابتة،
موقع جيواستراتيجى محورى، وقدرة استخباراتية ودبلوماسية متماسكة، وشبكة علاقات إقليمية ودولية واسعة، خاصة مع الولايات المتحدة ودول الخليج وتركيا، مكنت القاهرة من لعب دور الوسيط الموثوق بين أطراف الصراع،
هذه المقومات جعلت من مصر منصة رئيسية للتفاوض وتسوية النزاعات، ويظهر ذلك فى استضافتها لـ«قمة شرم الشيخ للسلام»، ومراسم توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار، لتؤكد من جديد حضورها الفاعل فى هندسة التهدئة الإقليمية وبناء مسار سلام مستدام.
وتجسد دور القاهرة فى أداء دبلوماسى متوازن جمع بين ثبات الموقف الرسمى الداعى إلى حل الدولتين، والتحركات الميدانية العملية مثل فتح المعابر الإنسانية، وضبط الحدود، والتنسيق مع الفصائل والجهات الدولية، ما منحها مصداقية نادرة كوسيط نزيه وفعال.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن مصر دشنت مسار السلام منذ نوفمبر ١٩٧٧، حيث يضع هذا النهج فى سياقه التاريخى الممتد، ويعكس استمرارية السياسة المصرية فى السعى إلى إرساء السلام باعتباره خيارًا استراتيجيًا لا تراجع عنه.
اعتمدت مصر فى إدارتها لأزمة غزة على استراتيجية متعددة المسارات، تمزج بين التحرك الدبلوماسى والسياسى والميدانى، فى إطار رؤية شاملة تهدف إلى تثبيت الهدنة وتحويلها إلى مسار دائم للسلام.
وتحركت القاهرة عبر ثلاث آليات متوازية: الأولى، فتح قنوات وساطة غير رسمية مباشرة بين الفصائل الفلسطينية، لتقريب وجهات النظر وتحقيق تفاهمات ميدانية عاجلة.
والثانية، التنسيق مع قوى إقليمية ودولية مثل قطر وتركيا والولايات المتحدة، بما يشكل ما يمكن وصفه بـ«حلف الضمانات» لتنفيذ أى اتفاق، وتثبيت التزامات الأطراف كلها.
أما الثالثة فتمثلت فى تحويل وقف إطلاق النار إلى عملية مؤسسية من خلال استضافة مؤتمرات دولية لإعادة الإعمار، وتشكيل لجان مراقبة تضمن استمرار التهدئة ضمن أطر قانونية وسياسية واضحة.
وأثمرت هذه المقاربة المتكاملة عن نتائج ملموسة تمثلت فى تبادلات للأسرى، وبدء تحركات إنسانية لإعادة الإعمار، وصولًا إلى توقيع وثائق السلام فى شرم الشيخ، التى وضعت الأساس لاتفاق تاريخى بوقف الحرب.
واعتمدت مصر فى تحركاتها السياسية على دبلوماسية شاملة ومتعددة الأدوات، هدفت من خلالها إلى تثبيت الموقفين العربى والإسلامى الداعمين لحقوق الشعب الفلسطينى، وإبقاء الاعتراف بدولة فلسطين على رأس أولويات الأجندة الإقليمية والدولية.
وقادت القاهرة حملات تحشيد عربية وإسلامية، واستثمرت حضورها داخل الجامعة العربية والمنظمات الدولية لتوحيد الموقف تجاه القضية الفلسطينية، مع الحرص على ربط الاعتراف بالدولة الفلسطينية بمسارات سياسية واقتصادية أوسع تشمل ملفات إعادة الإعمار، وتوفير الضمانات الأمنية، وترسيم الحدود الآمنة، بما يجعل من الحل النهائى عملية متكاملة لا مجرد تسوية شكلية.
أما رفضها الدائم للإغراءات والضغوط الخارجية، فقد كان موقفًا محسوبًا بعناية لا يستند فقط إلى أخلاقيات السياسة، بل إلى تكتيك استراتيجى يستهدف الحفاظ على مصداقية مصر التاريخية فى الدفاع عن القضية الفلسطينية وعدم الزج بها فى مساومات مرحلية.
وعبر الرئيس السيسى عن هذا التوجه بوضوح حين شدد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة والمساواة بين الشعبين، مؤكدًا أن السلام العادل لا يمكن أن يقوم على القوة وحدها، بل على الاعتراف المتبادل والإنصاف السياسى، وهى رسالة تلخص جوهر الرؤية المصرية فى إدارة هذا الملف المعقد.
وانتهجت مصر خلال السنوات الأخيرة سياسة توازن دقيقة فى تعاملها مع الصراع الفلسطينى–الإسرائيلى، تقوم على الجمع بين الواقعية الأمنية والصلابة السياسية، فمن جهة، حافظت القاهرة على قنوات التعاون الاستخباراتى والأمنى مع إسرائيل، انطلاقًا من ضرورات أمنها القومى، خاصة ما يتصل بحماية سيناء وتأمين ممرات الملاحة الدولية فى البحر الأحمر وقناة السويس، وهى ملفات تمس استقرار الدولة المصرية مباشرة.
ومن جهة أخرى، مارست ضغوطًا دبلوماسية وإنسانية مدروسة كلما تصاعدت العمليات العسكرية أو تفاقمت الأوضاع فى قطاع غزة، لتذكر المجتمع الدولى بمسئوليته، وتوازن كفة الميدان عبر أدوات سياسية وقانونية دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
هذا النهج الذى يمكن توصيفه بـ«التعاون مقابل الضغط» يمثل نموذجًا مصريًا فريدًا فى إدارة العلاقات مع إسرائيل، إذ يتيح لمصر الاحتفاظ بدورها كوسيط موثوق، وفى الوقت ذاته استخدام أدوات النفوذ لفرض ضوابط إنسانية وسياسية على سلوك الطرف الأقوى فى الصراع.
وأثبتت التجربة أن هذا الأسلوب منح القاهرة قدرة عملية على التدخل فى لحظات حاسمة سواء لوقف الهجمات، أو لفتح المعابر الإنسانية، أو لإطلاق سراح الأسرى دون المساس بثوابت موقفها التاريخى الداعم للحقوق الفلسطينية
نقدم لكم من خلال موقع (الرأى العام المصرى )، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
لمتابعة صفحة الرأى العام المصرى على فيس بوك اضغط هنا
لمتابعة صفحة الرأى العام المصرى نيوز على فيس بوك اضغط هنا
لمتابعة صفحة قناة نيو دريم على فيس بوك اضغط هنا
لمتابعة الرأى العام المصرى على الانستجرام اضغط هنا
لمتابعة الرأى العام المصرى على الواتساب اضغط هنا
لمتابعة الرأى العام المصرى على التليجرام اضغط هنا









