بقلم أحمد الوحش

قَتلَ الكثير ويفر الجميع حين يُذكَر اسمه، يُغرِق ضحاياه على اليابسة، يتسلل كالفأر ويتوارى كالحرباء ويلدغ كالثعبان، وقف المتهم في قفص زجاجي محكم الغلق، لا يمكن وضعه في قفص حديدي قد يتسلل خلسة والجميع لا يراه، صاح الحاجب “محكمة!”، وقدم المدعي العام التهم قائلاً “لكل داءٍ دواء إلا هذا” وأشار إلى القفص الزجاجي ثم أكمل “لا دواء له” فنظر الجميع إلى القفص الفارغ متعجبين عمن يتحدث، ثم أكمل “يتخذ المتهم من الرذاذ بساطاً لينتقل بين البشر، قتل الآلاف وأصاب الملايين ولُقِبَ بطاعون العصر…”.

متهم اليوم لا يُرى بالعين المجردة، جئت به إليك في مقالي أيها القاضي؛ لتحكم عليه بالعدل، نعم ستكون أنت يا سيدي الحكم اليوم، وسأكون أنا المحامي الخاص بالمتهم، أعلم أنك الخصم والحكم، لكن سيعتمد ذلك على نقاشي كطبيبٍ ومرافعتي كمحامٍ.
إن موكلي الماثل أمامكم يدعى كورونا المستجد من عائلة الفيروسات التاجية، محل ميلاده مدينة ووهان في الصين، اتهم البعض الخفاش وآكل النمل بأنهما من مصادر العدوى، ما حدث -حسب الرواية المعروفة- أنه انتقل عن طريق الطعام أو من السوق الشعبي في الصين، نعم إن موكلي كان سبباً في موت الكثير وإصابة أكثر، وظهر على ضحاياه ارتفاع في درجة الحرارة، وكحة جافة، وإرهاق عام…إلخ في الأسبوع الأول، ثم ضيق تنفس في الأسبوع الثاني، ويُنهي جريمته بالإختناق حتى الموت…

سيدي القاضي، جميعنا نخطئ ونصيب، ولا أبرر جرائم القتل، لكن أطلب من المحكمة الموقرة أن تسمح لي بذكر جانب آخر قد يخفف العقوبة عن كاهل موكلي.
جميعنا نعلم أن طبقة الأوزون قد تأثرت بسبب التلوث الناتج عن مخلفات البشر، مما أدى لإرتفاع درجة حرارة الأرض، إن هذا التغيير في طبيعة الخالق أدى لإنقراض الكثير من المخلوقات، وقَتَلَهُم الإنسان بطريقة مباشرة للصيد والمتعة، نحن لا نعيش بمفردنا على هذا الكوكب هناك الكثير من المخلوقات التي تملك الحق كما نملكه، تمادى الإنسان وقطع الغابات لتوسيع الرقعة السكنية، وتعدى على مساكن المخلوقات الأخرى واختل التوازن.

على الصعيد الآخر، كانت المائة عامٍ الأخيرة الأكثر دموية في التاريخ، والتي راح ضحيتها الملايين من البشر، قد أصبح الوضع مأساوياً، واستياء الطبيعة الأم من حماقات البشر في ازدياد يوماً بعد يوم…
كانت الطبيعة في أمس الحاجة إلى أخذ قسطٍ من الراحة، لكن كيف ذلك والبشر خارج منازلهم وسياراتهم ومداخن مصانعهم لا زالت تعمل، لقد منح كورونا الطبيعة متنفساً؛ لتستنشق الأرض من جديد هواءً لا يختلط به غبار أحذية البشر، فتجددت طبقة الأوزون، واستطاع المواطن الهندي رؤية جبال الهيمالايا التي كانت تختبئ لسنواتٍ خلف ستارةٍ من الدخان، حذفت الكثير من الأسماء من قائمة الحيوانات المهددة بالإنقراض، والمفاجأة الأكبر أن نسبة وفيات العام الحالي أقل من سابقه، اندثرت الحروب وقلت الحوادث والجرائم…إلخ

إنني لا أستطيع تبرير جريمة المتهم أو إدانته، هو واقعٌ كان لا بد منه، السؤال الأهم ماذا لو لم يكن؟ قد أجمعت التوقعات العلمية قبل تلك الأزمة عن مستقبلٍ أسود، والآن نسمع أصواتاً متفائلةً عن الحياة بعدها، هل هو مجرم أم لا؟ أترك لك الحكم النهائي.

اقرأ أيضًا:

• كشف أبو الغيط الدور السوداني في مواجهة إسرائيل ومعركة العبور
• التجمع يناقش مقترح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ببني سويف 
• الصحة: تفعيل خدمة الإقلاع عن التدخين في 14 عيادة بمستشفيات أمانة الصحة النفسية
• وزير الرياضة يهنىء منتخب مصر بالفوز بكأس إفريقيا للبومزا برواندا
• خليل: 30 يونيو ثورة أفرزت قائد عظيم.. وأنقذت المنطقة من طيور الظلام

ونقدم لكم من خلال موقع (الراي العام المصري)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، كأس مصر , دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.