مقالات
القلم والمشرط: هبة
بقلم أحمد الوحش
اشتد المطر في هذه الليلة الشتوية، ويُزلزل الآذان هزيم الرعد، ويكاد البرق يخطف الأبصار، راود ابتسام ذات الأربعين عاماً هاجس الخروج، ترددت لحظات وتجاهلت لحظات أخرى، لم تستطع الفرار من هذا الشعور، خرجت ابتسام؛ للوقوف في باحة الملجأ، لا تعلم لماذا تقف هنا، وفضلت العودة إلى الداخل حتى لا تصاب بإلتهاب رئوي، استوقفها صوت خافت كأنه بكاء رضيع، أهذا وهم آخر أم حقيقة؟ أكملت السير على كل حال، لكنها سمعت ذلك الصوت من جديد…
بحثت المشرفة ابتسام التي تعمل بالملجأ عن مصدر الصوت وتتبعته، فوجدت أمام البوابة رضيعاً يتلون وجهه بالزرقة من شدة البرد، من أين أتى الرضيع؟ وكيف جاء إلى هنا؟ ومن أتى به في هذا الجو العاصف؟ لا تعلم ابتسام لتلك الأسئلة جواباً…
أدخلت ابتسام الرضيع بسرعة، وقامت بتجفيف الرضيع المرتجف وتغير ملابسه المبللة، لقد كانت فتاة صغيرة بالكاد لم تتخطى الحول الأول، وكُتِبَ على ورقةٍ بين ثنايا ملابسها “هبة”.
أدرجت إدارة الملجأ هبة في قائمة الأطفال، فكان الملجأ بيتها، وعائلتها المشرفين والأطفال، اختلفت هبة عن بقية الأطفال، دائمة البحث تحب تعلم كل ما هو جديد، لم تكن فتيات الملجأ تلتحقن بالمرحلة الثانوية، أما صديقتنا الصغيرة تميزت في مراحل التعليم المختلفة، لتصبح الوحيدة بين ١٨٥ فتاة التي تلتحق بالمرحلة الثانوية.
عانت كثيراً وتحملت أكثر لكنها اجتهدت وسهرت الليالي، واستطاعت أن تحظى بمجموع كلية الإعلام -لطالما حلمت أن تصبح مذيعة- لم تكن حياتها الجامعية سهلة، إنها حياة جديدة خارج تلك الأسوار العالية التي تعزل من بداخلها عن العالم…
بعد بضعة شهور تأقلمت صديقتنا مع ذلك التغيير، مرت السنة الأولى بنجاح ليس بالباهر، فقد اجتازت السنة الدراسية بتقدير جيد جداً، أما في السنوات اللاحقة فقد استطاعت أن تحظى بالإمتياز، فتخرجت من كلية الإعلام بتقديرٍ عام امتياز.
بعد التخرج بأيامٍ جاءها اتصال من صديقٍ قديم؛ ليعرض عليها وظيفةً في جريدة، وكان هذا الإتصال الخطوة الأولى في طريق النجاح المهني، فعملت بالصحافة سنتين، وكان لها جمهورها الخاص؛ لتميز محتوى مقالاتها، والذي بدوره كان سبباً في شهرتها، وتردد اسم هبة في كل مكان، وعرض عليها تقديم برنامج في قناة تلفزيونية، لقد تحقق الحلم ولم يكن عملها بالإعلام أقل تألقاً من الصحافة…
جلست هبة ذات يومٍ تتأمل الجوائز وشهادات التقدير، لكنها شعرت أن هذا النجاح لم يكتمل بعد، لقد تذكرت ذلك المبنى العتيق؛ فعادت إليه لتقف بين عائلتها مجدداً، وتطوعت هبة للعمل في الملجأ، وعُيِنَت في مجلس الإدارة، اهتمت بتعليم الفتيات والتحاقهن بالجامعات، لقد كانت هبة نموذجاً يصعب على الساكن بين تلك الأسوار العالية تصديقه، لكنها امرأة قهرت الصعاب؛ وأثبتت أن المستحيل لا وجود له…
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى”.
عزيزي القارئ إن مقالي لك بين واقعٍ وخيال تمثل فيه هبة أحلام الكثير من هؤلاء الأبرياء الذين يستحقون حياة أفضل، وواجبنا أن ندعمهم بكل السبل؛ لنرى يوماً ما الكثير من هبة في مجتمعنا المصري.
اقرأ أيضًا:
- كشف أبو الغيط الدور السوداني في مواجهة إسرائيل ومعركة العبور
- التجمع يناقش مقترح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ببني سويف
- الصحة: تفعيل خدمة الإقلاع عن التدخين في 14 عيادة بمستشفيات أمانة الصحة النفسية
- وزير الرياضة يهنىء منتخب مصر بالفوز بكأس إفريقيا للبومزا برواندا
- خليل: 30 يونيو ثورة أفرزت قائد عظيم.. وأنقذت المنطقة من طيور الظلام
ونقدم لكم من خلال موقع (الراي العام المصري)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، كأس مصر , دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.