الرئيسية
اللواء صابر كاسح: عزمت على دخولي الجيش منذ استشهاد ابن عمتي مع الفريق عبدالمنعم رياض
حوار/ محمد البدوي
تزامنًا مع احتفالات الشعب المصري بالذكرى السابعة والأربعون بانتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والتي استطاع فيها جيشنا الوطني أن يحقق انتصارا عظيما على جيش العدو، فمنهم من سقط جريحًا والآخر من سقط شهيدا؛ ليروي أرض سيناء بدمائه الطاهرة، إلى أن تحقق النصر واستردت الأرض من يد العدو الإسرائيلي.
ويُعد اللواء أ.ح/ صابر محمد كاسح أحد الأسماء البارزة في سماء حرب أكتوبر المجيدة، والذي عزم على أن يأخذ بثأر ابن عمته الذي استشهد برفقة الفريق أول عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة.
وإلى نص الحوار:
بداية ممكن أن تحدثنا أكثر عن اللواء صابر كاسح؟
المقاتل صابر صابر محمد كاسح من مواليد السلوم بمحافظة مطروح، وُلدت في شهر أبريل من عام 1952.
متى تقدمت للالتحاق بالكلية الحربية؟
التحقت بالكلية الحربية في أكتوبر عام 1970، وتخرجت فيها سبتمبر 1972.
ما الأسباب التي دفعت سيادتكم للالتحاق بالكلية الحربية؟
أسباب التحاقي بالكلية الحربية عديدة منها كراهية اليهود منذ نكسة 1967 عندما كنت خارجا صباح يوم 5/ 6/ 67 للذهاب للمدرسة وقابلني الزملاء وقالو لي أرجع الحرب قامت، وكان هذا اليوم ستقام فيه المباراة النهائية للمدرسة بين الفصول وفصلي كان مؤهل لأخذ الكأس، حرمتني أسرائيل من أخذ الكأس وأخذت سيناء.
لقد عرفنا أن الشهيد مفتاح عبدالرؤوف ابن عمة سيادتكم؛ فهل كان سببا في التحاق سيادتكم بالكلية الحربية؟
أو بمعنى آخر ما السبب الرئيسي الذي دفع اللواء صابر كاسح للالتحاق بالكلية الحربية؟
نعم كان لي ابن عمتي الوحيد مفتاح عبدالرؤوف أبوزيد استشهد على الجبهة مع الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وكان مثال للفتى المتدين الرياضي الكريم المثالي وكنت أحبه كثيرا.
والغريب إنه كان يتيم الأبوين فقد أمه وأبيه ولا يوجد له غير أخته أصغر منه، ولا يحق له دخول الجيش ولكن الجهل بقانون التجنيد تم تجنيده “له حظ في الشهادة”، وفي جنازته المهيبة في مطروح قررت وحلفت أن أخذ بثأره وأنا في المدرسة الثانوية كيف الله أعلم.
بعد أن حصلت على الثانوية العامة تقدمت بأوراقي للالتحاق بإحدى الكليات العسكرية وكان حظي هو التحاقي بالكلية الحرببة، وتفوقت في اللياقة البدنية والجري.
ما هو السلاح الذي التحقت به أثناء تواجد سيادتكم بالجيش؟
تخرجت في الكلية الحربية في شهر سبتمبر 1972 وتم توزيع على اللواء مشاة أسطول بالأسكندرية، وكان بيتبع قوات الصاعقة وكنت فخور بذلك لأني كنت قريب من تحقيق الهدف وفسح العار، وتوليت وظيفة قائد فصيلة بذلت المجهود لكي نكون أحسن فصيلة في اللواء بالتدريب والترابط مع الجنود.
كيف كان الاستعداد والتمهيد للحرب؟
كان التركيز في تدريباتنا على كسر حاجز الرهبة والخوف من امتلاك العدو الصهيوني أسلحة متطورة وحديثة، وأيضا التركيز على رفع الروح المعنوية لدى الجنود وتحفيزهم على الهمة وارتجاع الكرامة المصرية والأخذ بالثأر من العدو.
في حالة تكاسل الجنود كيف كان التصرف أو العقاب من جانب سيادتكم؟
كان العقاب عبارة عن كلمة “كيف ستلتقي مع العدو وأنت على هذا الحال؟؟ وكيف ستأخذ بثأرك؟؟”، وكان هذا أشد عقاب.
ماذا عن موعد الحرب وهل كان الوقت معلن لدى القيادات؟ وكيف تلقوا نبأ المعركة؟
موعد الحرب كان مفاجئة لنا والعدو في ذات الوقت، ولكن كان لدي إحساس بالحرب وتأكد ذلك بتحرك اللواء من الأسكندرية إلى الجبهة في منطقة الجيش الثالث الميداني بمعسكر حبيب الله.
ماذا عن تشكيل الوحدة الخاصة بسيادتكم ومدى استعداداتها للحرب؟
أول مرة أخدت بها على الجبهة كان في أول أكتوبر 1973 وكذلك جنودي، عبرنا قناة السويس في السادس من أكتوبر من البحيرات المرة وكان هدفنا احتلال ممر الجدي بعمق سيناء، وصلنا إلى 28كيلومتر شرقا في وقت المغرب وتصدت لنا كتيبة مدرعة من اليهود والطيران والمدفعية وكانت معركة تصادمية، ودمرنا عدد كبير من مدرعات العدو التي كانت في اتجاهها للجيش الثالث “احتياطي قريب” ومنعناها من التدخلات في عبور الجيش الثالث وأخذت ثأري بقتل رامي رشاش في برج دبابة باتون بيدي وبنار بندقيتي وكان أول فرد أقتله بيدي هذا العدو.
ماذا عن الخسائر التي حدثت؟ وكيف تم العمل على تعويضها؟
كانت خسائرها في كتيبتي كبيرة جدا وأخذنا أمر بالدخول في حضن الجيش الثالث لإعادة التشكيل وتعويض الخسائر، وتكليف الكتيبة بالدفاع عن مطار كبريت وبعد حدوث الثغرة وسيطرة العدو الصهيوني على مطار كبريت قررت أن أعبر بباقي فصيلتي البحيرات وأن أنضم إلى قوة الجيش الثالث.
ماذا عن المهمة الجديدة التي تم تكليف سيادتكم بها أثناء التواجد بالجيش الثالث؟
كان أثناء الانضمام لقوة الجيش الثالث تم تكليفي بالاستعداد لقيادة “لنش” أي “قارب” مملوء بالإمداد “مياه وتعيين” من قيادة الجيش من اللواء أحمد بدوي شخصيا إلى موقع كبريت، والأهم جهاز الإشارة نظرا لعدم وجود وسيلة في موقع كبريت، وتم تنفيذ المهمة بنجاح في يوم 4/ 11/ 1973، وكان له أثر عظيم في نفوس وضباط الموقع ورفع روحهم المعنوية.
وتوالت هذه الرحلات بعد ذلك بعدما أطلق عليها اليهود “رحلات الموت” وذلك وتعرضها للمخاطر منذ لحظة الانطلاق من قاعدة الإمداد وحتى الوصول إلى موقع كبريت.
ماذا عن النقطة الحصينة للعدو الإسرائيلي “حصن بوتزر” نقطة كبريت؟
وصف موقع كبريت هو نقطة قوية تقع على نقطة أقرب مكان في البحيرات بين الشرق والغرب حوالي 85 متر، والموقع في المنتصف بين ج٢ ، ج٣.
تم حصار موقع كبريت من جميع الجهات وحصار الجيش الثالث الميداني وأنا وفصيلتي معهم حتى مطلع فبراير 1974.
حافظت على فصيلتي أفراد وأسلحة والرجوع بهم وتم تكريمهم أفضل تكريم، والفضل لصمود موقع كبريت بقيادة العقيد إبراهيم عبدالتواب وكان استقبلني بأول إمداد للموقع وكانت فرحته كبيرة جدا بوصولي مع قارب الإمداد.
ما هي أغرب المواقف التي يتذكرها اللواء صابر كاسح أثناء المعركة؟
أغرب المواقف كان تعطل موتور اللنش قبل الوصول للموقع بحوالي 500 متر، واستخدمنا المجاديف وكنا عكس التيار مما عطل وصولنا السريع وعندما تم استهدافنا من قوة العدو المحاصرة للموقع دبتّ فينا روح غريبة ووجدت اللنش يسبح بمنتهى السرعة وقفز الجنود في المياه وجروا القارب.
ماذا عن اللواء صابر كاسح بعد انتهاء الحرب؟ والمواقف الإنسانية التي يتذكرها؟
من المواقف الإنسانية أنني لم أرى أمي من شهر أغسطس 1973 وحتى فبراير 1974، وعند السؤال عليّ في قيادة الجيش كان الجواب أنه مفقود كون إن الكتيبة تم تدميرها.
كيف كان استقبال البطل اللواء صابر كاسح بعد انتهاء المهمة بنجاح؟
لقاء العودة كان لقاء فرحة كبيرة جدا من الأم والأخوات والأهل جميعا استقبلني أهل مطروح جميعا من أطفال ونساء ورجال وكانت سهرة حتى الصباح.
وأيضا من المواقف والذكريات أثناء نزولي أجازة نزلت في رمسيس ولم يكن معي فلوس فذهبت إلى منزل دفعتي في السيدة الحنفي وقلت لسائق التاكسي سوف احاسبك هناك، وعند دخولي الحارة ذهبت إلى مكوجي صاحبنا فوجئت بالحارة تخرج كاملة وتقول صاحب الضابط مجدي حي عايش وحملني الناس على الأعناق والهتاف تحيا مصر صابر حي، فقلت للمكوجي أعطي التاكسي حقه رد السائق حق مين أنت تستحق كل الخير أنا سعيد بتوصيل بطل، واتعملي أفضل استقبال.
ما هي الرسالة التي يقدمها اللواء صابر كاسح لأبطالنا بالجيش المصري؟
الخلاصة هي كل من حضر حرب أكتوبر 1973 سواء كان ضابط أو جندي أو صف ضابط أو مدني فهو بطل حقيقي.