مع ادفارد مونك فى مصر.. النرويج تحتفى بالفنان الغامض

مع ادفارد مونك فى مصر.. النرويج تحتفى بالفنان الغامض

كتبت/مي عبد المجيد 

حلت مملكة النرويج، ضيف شرف فى معرض الكتاب بالقاهرة فى الفترة من 24 يناير إلى 6 فبراير 2024، وافتتحت قرينة ولى العهد النرويجى الأميرة، ميت ماريت سفيرة الأدب النرويجى

، فى الخارج البرنامجوترغب مؤسسة «نورلا»، وهى اختصار الأدب النرويجى فى الخارج خلال الفاعليات فى  المساعدة، لضمان وصول المدى الأوسع من الأدب النرويجى إلى قرائها فى جميع أنحاء العالم، خصوصا بين أدباء النرويج والقراء العرب، لإشعال دائرة المعرفة بين الثقافتين من جميع الأعمار.

من بلاد الفايكنج فى أقصى الشمال، حيث شمس منتصف الليل وأساطير عن المحاربين الشجعان، جاء هؤلاء محملين بثقافة مختلفة، بهدف إثراء الحوار والاستمتاع بأجواء شرقية آسرة، ويعد معرض الكتاب فرصة رائعة لتقديم مجموعة غنية من الأعمال الأدبية النرويجية، تحت شعار “الحلم الذى نحمله”، ومن هذه الأحلام النرويجية القوية، تلك التى قدمها فنان متفرد، اتسم بمزاج حاد،

نقله فورا على القماش أو الورق فى هيئة تحف فنية باقية، وولد الفنان التشكيلى ادفارد (إدوارد)، مونك فى 1863 ورحل فى 1944، أى أنه توفى فى الثمانين من عمره بعد حياة فنية ثرية قدم فيها أكثر من 1700 لوحة موثقة، ومنها “سيلف بورتريه” أو تصوير شخصى،

وقد تمتع بوسامة ظاهرة فى لوحاته فى فترة شبابه، وأشهر أعماله لوحة “ذا سكريم” أو الصرخة اللوحة الملهمة، وكذلك لوحات “الشمس” التى يعتز بها النرويجيون أيضا، و”مادونا” وغالبا ما يطلق لقب مادونا على السيدة مريم العذراء، عليها السلام، لكن فى اللوحة الجريئة هى محل خلاف، و”الطفلة المريضة” المستوحاة من تجربة شقيقته المتوفاة”.

وينتمى مونك، للمدرسة التعبيرية وهى حركة حداثية، بدأت فى الشعر والرسم، نشأت فى شمال أوروبا فى بداية القرن العشرين تقريبا، وتتمثل سمته النموذجية، فى تقديم العالم من منظور شخصى فقط، وتحويله بشكل جذرى للتأثير العاطفى، من أجل إثارة الحالات المزاجية أو الأفكار، وسعى الفنانون التعبيريون إلى إحداث نقلة فنية من خلال التعبير عن معنى التجربة العاطفية، بدلا من الواقع المادى.

وصور مونك لوحة “الصرخة” فى  1893، وأصبح الوجه المتألم فى اللوحة أحد أكثر الصور الفنية شهرة، حيث ينظر إليه على أنه يرمز إلى القلق الذى يعانى منه الإنسان، وهى صورة على ممشى بجانب الجرف لما يشبه الرجل يمسك رأسه ويديه بقوة!
ويتذكر مونك، أنه كان فى الخارج للتنزه عند غروب الشمس عندما فجأة، أدى ضوء غروب الشمس إلى تحويل السحب إلى “لون أحمر دموى”. لقد شعر “بصرخة لا نهاية لها تمر عبر الطبيعة”

، حدد العلماء المكان على مضيق يطل على العاصمة أوسلو، واقترحوا تفسيرات أخرى للسماء البرتقالية بشكل غير طبيعى، بدءا من آثار ثوران بركانى إلى رد الفعل النفسى لأنه كان بالقرب من مصحة نفسية، وربما جاءت الصرخة منها.
ومن كتابات مونك عن اللوحة، ما جاء فى مذكراته بعنوان “22 يناير 1892 فى نيس”:
فى إحدى الأمسيات كنت أسير على طول الطريق، وكانت المدينة على جانب واحد. والمضيق البحرى أدناه، شعرت بالتعب والمرض، توقفت ونظرت إلى المضيق البحرى كانت الشمس تغرب

، والسحب تتحول إلى اللون الأحمر الدموى، أحسست بصرخة تمر عبر الطبيعة، بدا لى أننى سمعت الصراخ، لقد رسمت هذه الصورة، رسمت الغيوم على أنها دماء حقيقية. صرخ اللون. أصبح هذا الصرخة.
فى عام 1978، اقترح العالم الأمريكى روبرت روزنبلوم،

أن يكون المخلوق الغريب الموجود فى مقدمة اللوحة مستوحى من مومياء بيروفية، التى من الممكن أن رأها مونك فى المعرض العالمى لعام 1889، فى باريس، هذه المومياء التى دفنت فى وضع الجنين، ويداها إلى جانب وجهها، أثارت أيضا خيال الفنان الفرنسى بول جوجان، وتمت مقارنة صور الصرخة بمعاناة الفرد، الذى يخوض اضطرابات نفسية والشعور بتشويه البيئة والنفس.

وفى الثقافة الشعبية، استلهم فنانون آخرون منها أعمالهم، فما بين 1983-1984، قام فنان البوب الأمريكى آندى وارهول، بعمل سلسلة من مطبوعات الشاشة الحريرية التى تنسخ أعمال مونك، بما فى ذلك لوحة الصرخة، كما أن تعبير وجه الطفل كيفن مكاليستر (ماكولاى كولكين

) فى أفيش فيلم”وحدى بالمنزل” انتاج 1990 مستوحى من الصرخة.كما يعتمد قناع “جوستفيس”، أو وجه الشبح الذى يرتديه الخصوم الأساسيون، على نفس التعبير الهلوع فى سلسلة أفلام الرعب الأمريكية الشهيرة “سكريم”، أو الصرخة.
أما لوحة الشمس التى صورها فى 1909، فهى موضوعة كبوستر ضخم فى جناح النرويج بمعرض الكتاب، وربما تكون الشمس أعظم إنجاز للرسم الجدارى الحديث،

تم تصميمه بشكل متماثل، واحتل المساحة الأمامية الهائلة لقاعة اجتماعات جامعة أوسلو، وهيمنت من خلال الحجم، والواجهة المطلقة، وقوة الصور

، وقام مونك بتوسيع صورة الشمس المتوهجة بأشعتها المتعددة و المتدرجة باللون الأصفر الذهبى، وانتقلت الشمس فى هذه اللوحة الجدارية من دور جزئى إلى دور احتضانى.
وكما يقال إن هناك شعرة تفصل بين العبقرية والجنون، وربما للجنون جاذبية أيضا، فقد أضفى البعض هالة من هذا الطابع الاستثنائى حول مونك.

يوزفينه لانجبريكيه خلال حوارها مع الأهرام العربي

يوزفينه لانجبريكيه: تعبيرات مونك تصل إلى غزة

قدمت السيدة يوزفينه لانجبريكيه، محاضرة عن مواطنها الفنان التشكيلى تحت عنوان « ادفارد مونك: تعبيرات الحياة»، مقدمة عن حياة وفن ادفارد مونك، بجناح النرويج، وقبل إلقائها لهذه المحاضرة الرفيعة، أبدت سعادتها بوجودها فى مصر منذ ثلاثة أيام فقط، ومشاركتها فى الفاعليات

، وتحدثت عن الفنان والمتحف باعتبارها رئيس النشر فى متحف مونك «مونك موسيت»، وقالت إن غالبا ما يرتبط معرض الكتاب بالكتب، لكن هناك أيضا جانبا للفن التشكيلى، وتسعى النرويج فى معارض الكتاب العالمية على التعريف بالفنان مونك، والذى تعتبر لوحته «الصرخة»

من أيقونات الفن التشكيلى العالمى، على غرار لوحة «الموناليزا»، لفنان عصر النهضة الإيطالى ليوناردو دافنشى، وأوضحت أن الفنان قدم 6 نسخ من اللوحة، منها 3 نسخ فى متحف مونك، فى العاصمة النرويجية أوسلو، نسخة بالألوان الزيتية، ونسخة بالألوان الباستيل

، ونسخة بالحفر (الجرافيك)، والباقى فى دول أخرى.
وكان لقاء «مجلة الأهرام العربى» مع لانجبريكيه على هامش المحاضرة:> فى ظل تزايد المشاكل فى عصرنا خصوصاً الحرب على غزة كيف نعيد تفسير صرخة مونك؟
لن أتحدث عن إعادة تفسير أعمال مونك وإسقاطها على الأحداث، لكن بالطبع اللوحة تقف كرمزية على كل هذا الرعب الرهيب، والخراب الذى يعيشه سكان غزة،

ولا ضرورة لكل هذا الرعب! وكذلك يتصل هذا السؤال بالجانب الأدبى عموما، فاعلم أن حدود مصر متاخمة لغزة، لذا نعمل على تقريب وجهات النظر من خلال الأعمال الأدبية، ونسعى لترجمة الأعمال لتقريب وجهات النظر، بين الثقافات وترجمة الآداب، لأن ذلك سيساعد على احترام الآخر وتقبله

.
> عانى ادفارد مونك من اضطرابات نفسية مثل فنسنت فان جوخ وعباقرة آخرين من الفنانين المصورين فهل الفن التشكيلى وسيلة سحرية  لتخفيف هذا الألم؟
لا، لم يثبت أنه عانى من اضطرابات نفسية، هو فقط استخدم الفنون للتعبير عما يدور فى نفسه.
> هل تريدين إضافة شىء؟

نعم، ربما يمكننى أن أضيف شيئا عن معرض الكتاب. بالطبع أريد أن أتحدث عن تجربتى الشخصية الرائعة، فأود أن أقول إن الشعب المصرى ودود، وما لاحظته أنه يقدم المساعدة بحب، وبالطبع فإن الهدف الرئيسى من وجودنا هنا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، هو تصدير الآداب والعلوم الإنسانية النرويجية إلى هذه البقعة من العالم فى مصر والعالم العربى.

اقرأ أيضًا:

• رفض الإبادة الممنهجة فى غزة ومساعى نقل الحرب لبلادنا

• شكوك بين الديمقراطيين حول قدرة بايدن على هزيمة ترامب

• إطلاق 5 ملايين رسالة إرشادية للمعتمرين عبر الشاشات الإلكترونية

• الاحتلال لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس

• زيزو وفتوح يحصلان على راحة من تدريبات الزمالك بعد الانضمام للمنتخب

• دكتور يوسف شلتوت اخصائي أمراض النساء والتوليد في حوار خاص للرأي العام المصري والإجابة عن أهم الأسئلة المتداولة

• الصحة: فحص 5 ملايين و474 ألف طفل ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع

 

نقدم لكم من خلال موقع (الرأى العام المصرى )، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.