“بدنا إبليس وما بدنا إدريس”
محمود سعيد برغش
الملك إدريس السنوسي ملك ليبيا الملقب بالملك الزاهد
كان نموذجاً فريداً من نوعه بين الملوك العرب ينفرد بميزات تميزه عن غيره من الحكام .
الملك محمد إدريس الأول هو أول حاكم لليبيا بعد الاستقلال عن إيطاليا وعن قوات الحلفاء في 24 ديسمبر 1951 م وحتى حدوث الانقلاب الليبي ضده عام 1969 م .
الملك إدريس أول ملك عربي رفض أن يحج على نفقة الدولة وأصر على الحج على نفقته الخاصة على الرغم من كل المحاولات لثنيه عن ذلك .
الملك إدريس أول ملك عربي يصدر مرسوما يلغي فيه لقب “صاحب الجلالة” مؤكدا أن هذا اللقب من خصائص الله تعالى وحده .
الملك إدريس منح قصره في البيضاء ليكون جامعة ومنح قصره في بنغازي ليكون جامعة ، فإهتمامه بالعلم أكبر من إهتمامه بالقصور .
الملك إدريس قرر إلغاء عملة ليبية صدرت تحمل صورته لأن العملات في تلك الفترة كانت جميعها تحمل صور الملوك مثل ملك المغرب وملك الأردن وملك السعودية ، فقام الوزراء بوضع صورة الملك ادريس على العملة بدون علمه وعندما علم الملك غضب وأمر بإلغائها ، فأخبروه بأن إلغاء العملة سوف يسبب في خسارة للخزانة الليبية تقدر بملياران جنيه ، فبقيت العملة لفترة محدودة ثم قاموا بإصدار عملة أخرى لا تحمل صورته .
الملك إدريس هو الحاكم الوحيد لدولة نفطية غنية كشفت الأيام عدم تملكه لأرصدة أو حسابات مصرفية خارج ليبيا، بل وأظهرت المصادر الموثوقة بعد وفاته بأن الحكومة التركية هي من تكفلت بدفع تكاليف الفندق الذي كان ينزل به عند حدوث انقلاب سبتمبر الذي قام به القذافي ودفعت مصاريف سفره منها إلى اليونان قبل رحيله إلى مصر حتى وفاته في 25 مايو 1983 ودفن في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة بعد أن نقلت جثمانه طائرة عسكرية خصصتها الحكومة المصرية لذلك.
وكان الملك قد حكم عليه بالإعدام غيابياً من قبل محكمة الشعب الليبية في نوفمبر 1971.
وتقول زوجته السيدة فاطمة في رسالة لها بعد الانقلاب وتحديداً في 13 سبتمبر 1969م :
“إننا نحمد الله على أن تيجان الملكية لم تبهرنا قط، ولا نشعر بالأسف لفقدها، فنحن كنا دائمًا نعيش حياة متواضعة، ولم يغب عن أذهاننا مثل هذا اليوم، كما نحمد الله كثيرًا على أننا لا نملك مليمًا واحدًا في أي مصرف حتى يشغل بالنا المال”.
الملك إدريس … عندما حدثت ضده مظاهرات وكان سمعه قد ثقل سأل مرافقيه ماذا يقولون ؟
فقالوا : ” يقولون بدنا إبليس وما بدنا إدريس ” . قال : ” اللهم استجب ” .