جدلية الموت والحياة في ظل تفشي المرض
د/أحمـــــــــــــــــــد مقلـــــــــــــــــــــــــــد
في واقعنا المعاصر وفي الوقت الراهن سار هذا الفيروس القاتل (COVID-19) يمثل تهديداً مباشراً يهدد جميع البشر في كل مكان على إختلاف المواقع والبلدان والوسط الاجتماعي والمرحلة العمرية والنوع وهذا ليس محض مصادفة فهذا خطر أعمي يصيب من يصيب دون إنذار فهو مطلق الحدود. لذا فالواجب بالنسبة لنا أن نتخذ ما يطلب منا من إحتياطات أمان واجبة ونصائح طبية ذات مرجعية علمية من جهات موثقة وحيث أن وزارة الصحة والسكان قد تفاعلت وخصصت رقم واتس آب لاستقبال بلاغات واستفسارات المواطنين حول فيروس كورونا «01553105105» وقد تم تخصيص الخط الساخن “105”، و”15335″ لتلقي استفسارات المواطنين بشأن فيروس كورونا المستجد والأمراض المعدية.
وقد دعت وزارة الصحة والسكان المواطنين إلى عدم لمس الأيدي للأنف والعين والفم إلا بعد التأكد من نظافتها وتطهيرها خاصة أثناء مخالطتنا للآخرين في أماكن العمل والتنقل بين المواصلات العامة، حيث أن ملامسة الفم والعين والأنف واليد الملوثة قد يتسبب في نقل فيروس كورونا إليك، ومن النصائح الموثقة للوقاية من خطر هذا الفيروس القاتل ما يلي: –
• ضرورة غسل اليدين لمدة لا تقل عن “20 ثانية” بالماء والصابون لما له من أهمية في قتل الفيروس.
• ضرورة تعقيم اليدين وجميع الأسطح بالكحول الايثيلي “الايثانول” تركيز (70%) لما له من فاعلية في قتل الفيروس أيضا، وهو يحضر من مكونات طبيعية ويستخدم في صناعة المستحضرات الطبية والمعقمات والعطور والمنظفات، ورمزه الكيميائي “C2H5OH”. كما أنه يتم تعقيم المنزل والأثاث وجميع الأسطح المعدنية والخشبية بمحلول الكلور المخفف.
• ضرورة إستخدام محلول الكلور المخفف مع الحرص في استخدامه وملاحظة تخفيفه طبقاً لنسبة التخفيف المسجلة على غلاف العبوة وفي أغلب الأحيان تكون نسبة التخفيف 1/10 أي كل كوب كلور نضيف له 9 أكواب ماء. ويكفي أن نعد كمية من المحلول المخفف تكفي ليوم واحد فقط ٢٤ ساعة لكون الكلور يفقد فاعليته بعد مرور هذا الزمن ولا بد من تحضير كمية جديدة من المحلول. ويجب “مراعاة عدم ملامسته للجلد” فهو مخصص لتطهير الأسطح والأرضيات. ولا يتم خلط الكلور مع الصابون السائل أو المنظفات التي تحتوي على مادة “الأمونيا” لان مزجهم ينتج عنه غاز الكلورامين ويشكل استنشاقه خطراً على صحة الرئة
.
وفي إطار إتخاذ تلك التدابير والوسائل للوقاية وما تقوم به الدولة بجميع مؤسساتها الحكومية في تعقيم المباني الحكومية والمنازل والشوارع باستخدام المعقمات والأجهزة الحديثة وقد كان الجيش المصري له المبادرة في توفير معدات وأجهزة قمة في الرقي والتخصصية في التعقيم لجميع المؤسسات الحكومية من جامعات ووسائل مواصلات عامة ومحطات قطارات وشوارع ومساجد وغيرها من الأماكن بغرض تحقيق أقصي حماية للمواطن المصري. ولا ننكر الدور الإيجابي الذي يقوم به المجتمع المدني من خلال المبادرات الشبابية والمجتمعية لتعقيم المنازل والشوارع بالمدن والقري في ربوع مصر، والأن وقد اتخذنا من الوقاية وسيلة دفاع فإننا لأبد أن نعلم أن عدونا ضعيف ولكن خطره مجهول حتى الآن لذا لنفسح للطب المجال ليقول مقولته ويتخذ كافة الإحتياطات اللازمة ليكون هذا العلاج فعال وناجح في تحقيق هدفه بلا مضاعفات
ولكن المؤشرات الإيجابية أن هناك دول كثيرة تعمل على توفير تجارب سريرية لعلاجات وتسجيل النتائج ونسب الشفاء ومؤشرات التحسن وقد سمعنا جميعاً عن العلاج الفرنسي والعلاج الأمريكي والعلاج الألماني وأخيراً العلاج الياباني “أفيجان” وهذا العقار أنتجته شركة “فوجي فيلم” اليابانية، كأحد العلاجات المستخدمة في علاج الأنفلونزا، ويعتقد بعض الباحثون أنه ربما قد يكون له نفس القدر في التأثير على باقي الفيروسات المستجدة، حيث أنه قد حقق نجاحا في أول جولتين من الاختبارات السريرية، مما جعل الشركة المصنعة توجه بزيادة الإنتاج فربما يكون هو أول علاج فعال وآمن لفيروس كورونا المستجد.
وقد أعلن السيد الأستاذ الدكتور/ خالد عبد الغفار ، وزير التعليم العالي في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد فايق، مقدم برنامج “مصر تستطيع” على قناة دي ام سي بأن عينات دواء “أفيجان” وصلت مصر من حوالي شهر تقريبا كما أكد سيادته أنه مبكر جدا أن نقيم نتائج الدواء وقياس حجم تأثيره على الفيروس، خاصة أنه يجب متابعة الحالات من خلال عمل بعض التحاليل والأشعة اللازمة وذلك حتي يمكن نشر نتائج محققة واعتمادها، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تطوير مستمر لتطوير هذا العلاج، واكد الوزير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لديه ثقة كبيرة في علماء مصر ويتابع بشكل يومي وبصورة مستمرة كل التفاصيل الدقيقة للأبحاث العملية.
وفي إطار هذه التنويهات والتوجيهات وفي إطار خطة الدولة لمواجهة هذا الفيروس الفتاك والحد من أثره وفي إطار حرص الدولة لتوفير علاج فعال وآمن فإني أرجوا من الجميع أن يكون لديه الثقة والصبر فنحن لسنا بمعزل عن دول العالم وما بها من خطر محقق ولكننا وحتي الآن وبحفظ الله مازلنا في الحدود الآمنة ويجب أن نستمر في حرصنا علي النظافة الشخصية والحرص علي تعقيم المنازل وذلك في إطار خطة المواجهة، والتي تتم بالتزامن مع ما يقوم به جيش من العلماء لتنفيذ خطط علاج علمية ومقننة لدراسة ومعرفة أثر العلاجات التي يتم تجربتها وتحديد نسبة الشفاء وتحديد الأثار الجانبية وذلك من خلال التجارب السريرية لأثر العلاج وفاعليته.
وأخر ما أود أن أطمئنكم عليه هو وعد “الله” سبحانه وتعالي بإن علاج الفيروس القاتل (COVID-19) وجميع الأمراض لها علاج فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود -واللفظ له- والترمذي والنسائي في الكبرى، وابن ماجه عن أسامة بن شريك، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت، ثم قعدت، فجاء الأعراب من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتداوى؟ فقال: تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد الهرم.
وقال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن حبان في صحيحه. وصححه الحاكم، والذهبي. وأخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله عز وجل داء، إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله. وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وصححه الحاكم والذهبي.
وللحاكم من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله لم ينزل داء- أو لم يخلق داء- إلا أنزل -أو خلق- له دواء. علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام» قالوا: يا رسول الله وما السام؟ قال: (الموت).
ولكن برغم هذا الوعد الألهي في العلاج فقد ظهرت كارثة أخلاقية تتنافي مع الطابع الإنساني لإحترام حرمة الموتى فقد شاع في الآونة الأخيرة إعتراض بعض الأهالي على دفن من مات ضحية لفيروس “كورونا” بالمدافن الخاصة بذويه في مقر سكنه، وهذا ظناً منهم أن العدوى ستنقل من الميت للحي بعد الدفن. وهذا خطأ، حيث أن معظم مسببات الأمراض لا تعيش لفترة طويلة في جسم الإنسان بعد الموت، و العدوى لا تنقل إلا بالمخالطة أو بملامسة الحالة المصابة نفسها أو السوائل من الرئتين التي تسربت عن طريق الأنف أو الفم أثناء التعامل مع الجثة، وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد دليل على أن الجثث تشكل خطر مباشر للإصابة بالأمراض الوبائية خاصة بعد إكتمال غسل الميت وتكفينه وتعقيمه واتخاذ الإحتياطات اللازمة طبقاً لاستخدام ممارسات الاستجابة للكوارث القياسية التي أشارت إليها منظمة الصحة العالمية باسم “إدارة الجثث”، حيث يرتدى مسئولي الدفن معدات أثناء دفن الجثث بشكل طبي آمن ويستخدمون الإحتياطات الوقائية اللازمة، ومن كل ما سبق ينبغي عدم اعتراض الجنازات بهذا الشكل المهين، خاصةً وأن أغلب الحالات كانت لأطباء يعملون في العزل الطبي، وقد ضحوا بحياتهم لإنقاذ حياة الآخرين وأرواحهم. فعن على رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يا علي. ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا. رواه الترمذي.