السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي
رئيس جمهورية مصر العربية
في المؤتمر الصحفي المشترك مع المستشار الألماني
عبده الشربيني حمام
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم إليكم وإلى حكومة جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة بخالص الشكر على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال في برلين، وعلى المباحثات البناءة والمثمرة التي أجريناها معاً اليوم، في إطار حرصنا المتبادل على تعزيز علاقاتنا على الصعيد الثنائي، وكذا على التشاور والتنسيق الوثيق حول كيفية معالجة التحديات الجسيمة التي يشهدها عالمنا اليوم.
لقد شهدت السنوات الماضية نقلة نوعية حقيقية في الشراكة الثنائية بين مصر وألمانيا على كل الأصعدة، قامت بالأساس على رؤية مشتركة تثمن علاقات الصداقة بين بلدينا وشعبينا وتبتغي تطويرها ونقلها لآفاق أرحب، على أساس إدراك ثاقب بالثقل والتأثير الحضاري لمصر وألمانيا في محيط كل منهما الإقليمي وعلى الساحة الدولية، وكما أكدت للمستشار “شولتز” اليوم، فإن مصر ملتزمة بالمضي قدما بكل قوة على طريق تعزيز وتعميق الشراكة التقليدية بين بلدينا وشعبينا، خاصة إذ نحتفل خلال العام الجاري بمرور سبعين عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية المصرية الألمانية.
السادة الحضور،
لقد أعربت للمستشار “شولتز” اليوم عن تقدير مصر البالغ للتعاون الاقتصادي والتنموي القائم مع ألمانيا، والذي يشهد، ومنذ سنوات، مشاركة ألمانية نشيطة في جهود التنمية المصرية، وانخراط قوي للشركات الألمانية العملاقة في تنفيذ مشروعات كبرى تساهم في تغير وجه الحياة على أرض مصر، من خلال إقامة بنية تحتية ضخمة وحديثة في العديد من القطاعات الحيوية، وبما يؤسس لقفزة تنموية تحقق طموحات المصريين في حياة أفضل على أرضهم. إن هذه الشراكة القوية، والثقة التي وضعتها مصر في الشركاء الألمان، تتجاوز مجرد كونها تقديراً لا شك فيه لريادة ألمانيا وخبراتها التكنولوجية المعروفة في مختلف المجالات، وإنما تعتبر بنفس القدر شهادة على قوة العلاقات السياسية بين البلدين، وما يوليه كل منهما من تقدير لشراكتنا وحرصنا المشترك على تعزيزها.
دولة المستشار “شولتز”،
تشهد الساحة الدولية اليوم تحديات متعددة، في ظرف دولي لعلكم تتفقون معي أنه دقيق وحرج، ويتطلب منا جميعاً إعمال الحكمة، وإبقاء قنوات التشاور مفتوحة، فضلاً عن شحذ الأفكار للتوصل لحلول لمعالجة هذه التحديات.
وفي هذا الإطار فقد أسعدني أن تبادلنا اليوم وجهات النظر بشأن عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وأن أجرينا مناقشات مثمرة شملت موضوعات دولية وإقليمية ملحة.
وفي هذا الإطار فقد أطلعت المستشار “شولتز” على استعدادات مصر الجارية لاستضافة القمة العالمية للمناخ COP27 في شرم الشيخ نوفمبر القادم، ولقد سعدت اليوم، في إطار التحضير لاستلام مصر لرئاسة القمة أن شاركت مع المستشار “شولتز” في افتتاح “حوار بيترسبيرج” حول المناخ، والذي يعد محفلاً مهماً للتداول في كيفية تنسيق الجهود الدولية لتحقيق تقدم ملموس حول هذه القضية التي تمثل التحدي الأبرز لمستقبل الأسرة الإنسانية بأكملها.
كما تطرقت مناقشاتنا اليوم كذلك إلى الوضع الاقتصادي الدولي الصعب الناشئ عن الأزمة في أوكرانيا، خاصة على صعيد أمن الغذاء والطاقة في العالم، والتأثيرات السلبية غير المسبوقة التي شهدتها أسواقهما بسبب الأزمة، واتفقنا على أن الوضع الحالي يفرض على كافة الفاعلين الدوليين، التحلي بالمسئولية لإيجاد حلول وآليات عملية تخفف من تداعيات الأزمة على الدول الأكثر تضرراً. ولقد أكدت للمستشار “شولتز” في هذا السياق على رؤية مصر بضرورة وأهمية إبقاء الباب مفتوحاً أمام الحوار والحلول الدبلوماسية من قبل كافة الأطراف المعنية.
تناولت مباحثاتنا كذلك اليوم عدداً من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والتي تمس مباشرة بالاستقرار والأمن على امتداد منطقتنا، حيث أكدت للمستشار “شولتز” أن مصر، انطلاقاً من دورها ومسئوليتها التاريخية في محيطها الإقليمي، عازمة على الاستمرار في بذل جهودها الصادقة بالتنسيق مع الأشقاء والشركاء، لتسوية الأزمات ومعالجة مسببات التوتر في المنطقة، وبالنظر لاهتمام ألمانيا التقليدي بالشرق الأوسط، فقد اتفقنا على أن يظل التنسيق بيننا إزاء قضايا المنطقة مستمراً، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوضع في ليبيا، وسوريا، واليمن، فضلاً عن سبل مواجهة التطرف والإرهاب وظاهرة الهجرة غير الشرعية. كما أطلعت المستشار “شولتز” على آخر تطورات قضية سد النهضة، مؤكداً على استمرار مصر في سعيها لإيجاد حل عادل يراعي متطلبات أمنها المائي الذي لا تفريط فيه، من خلال التوصل لاتفاق قانوني ملزم لملئ وتشغيل السد.
لقد أفردت والمستشار “شولتز” جزءاً مهماً من مباحثاتنا اليوم لبحث سبل تعزيز تعاوننا في مجال الطاقة، سواء على المستوى الثنائي مع ألمانيا أو مع الاتحاد الأوروبي، حيث أكدت للمستشار “شولتز” استعداد مصر التام لوضع أسس لشراكة قوية مع ألمانيا في مجال الطاقة بأنواعها، سواء من خلال تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي بالاستفادة من الإمكانيات المصرية الكبيرة في هذا القطاع، أو من خلال إقامة شراكة ممتدة مع ألمانيا في إطار رؤية مصر الطموحة للتحول لمركز تميز في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة، خاصة من الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح.
واعتزازاً من مصر بشراكتها مع ألمانيا والحوار الشفاف حول كافة اهتماماتنا، فقد حرصت خلال لقائي بالمستشار “شولتز” على اطلاعه على التطورات المهمة التي يشهدها محور أساسي من محاور عملنا الوطني في الشهور الأخيرة وهو ملف حقوق الإنسان، في إطار المقاربة الشاملة التي تتبناها الدولة المصرية في هذا الصدد، انطلاقا من أن حق الإنسان في الحياة الكريمة والتنمية والحصول على الخدمات الأساسية بجودة عالية، هي أسس ضرورية لتأمين تمتع المجتمع بالحقوق والحريات السياسية التي كفلها الدستور المصري، والتي تلتزم الدولة بصونها وحمايتها. ولقد كان على رأس هذه الخطوات إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي تتضمن خطوات تنفيذية وآليات للتقييم والمتابعة بمشاركة المجتمع المدني، فضلا عن إطلاق الحوار الوطني، وإنهاء حالة الطوارئ في مصر.
دولة المستشار “أولاف شولتز”،
أشكركم مجدداً على حسن استقبالكم، وعلى مباحثاتنا المثمرة والبناءة اليوم، وأتطلع لاستقبالكم القاهرة في القريب ضيفاً عزيزاً على مصر لنستمر معاً في ترسيخ أواصر صداقة بلدينا وشراكتهما التقليدية التي نعتز بها.
وشكراً لكم.
**********