رمضان بين حرية الرأى… وحرية العقيدة !!رمضان
دراما كل عام
رمضان بين حرية الرأى… وحرية العقيدة !!
قلم أشرف بدر
متابعة عادل شلبى
حرية الرأى… وحرية العقيدة .. على قدر ما يحمله هذا الشهر الكريم من زخم روحاني ,إلا أنه أصبح موسما ثقافيا واجتماعيا بفضل الدراما التى تعرض خلاله ويتنافس فيها المتنافسون “مؤلفون ومخرجون “فى عرض رؤياهم- أو ما يملى عليهم- للأوضاع الإجتماعية والثقافية والتاريخية والمعيشية..الخ
وفى النهاية يكون الحكم للجمهور وفقا لجودة التوظيف الأمثل للمحتوى من حيث الشكل والمضمون.
ومع كل “رمضان ” وبعد أول حلقة لكل مسلسلات الدراما يتجدد الحديث عن “حرية التعبير وحرية العقيدة فيما هو معروض فى دراما صنعت لتزاحم الناس فى عبادتهم ,وتؤصل مفاهيم غريبة ومغلوطة على تقاليدنا وعادتنا!!
دعونا أولا نتفق أن جوهر الحرية يكمن في اختيار العقيدة وممارستها بغير إكراه.
ولعل الخلط بين المشاركة السياسية والعقيدة الدينية يعد أحد أسباب حالة الإنفصام وعدم التجانس بين ممارسة حرية الرأى وبين ممارسة الشعائر والعقائد الدينية ,والنتيجة اختلال ميزان السلام الإجتماعى الحاصل الأن.
حرية الرأى كفلها الإسلام للإنسان , وجعل التعبير والقول في مواطن عديدة جهاداً وعبادة. وهى الأساس فى وجوده وحياته , بل هى الأساس فى خلق الله تعالى للكون ,وفى فكرة اليوم الآخر”القيامة “.
إلى هذا الحد تمتد جذور حرية الرأى فى عقيدة الإسلام، وذلك بالقطع ينهى كل الحجج التى يخترعها أنصار مصادرة الرأى باسم الدين.
لكن هناك الكثير من الناس يتحدثون عن أن حرية “الكفر”, واعتناق ما يشاءون من المذاهب الضالة هى جزء أصيل من ” حرية الرأى” ،وعندما تناقشهم يلجموك بقول الله تعالى: “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”!!
وهذا خلط شيطانى غير مبرر ,وفهم خاطىء للأية الكريمة والمقصد الألهى . . والحقيقة أن الآية لا تخير كما ظنّوا أو زعموا بين حرية الكفروالإيمان ,لأن التخيير يستخدم له حرف «أو» لا حرف «الواو»، وفي الآية حرف «الواو» .
ومن أوضح الأدلة على أن المراد في الآية – التي معنا – التهديد والتخويف: أن الله سبحانه أتبع ذلك بقوله تعالى: “إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا، وهذا أبلغ دليل على أن المراد بالآية التهديد والتخويف؛ إذ لو كان التخيير على بابه لما توعد فاعل أحد الطرفين المخير بينهما بهذا العذاب الأليم، وهذا واضح كما ترى.
والمراد بالظالمين هنا: الكفار؛ بدليل قوله قبله: {وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}، وقد كثر إطلاق الظلم على الكفر في القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} والآية-وفقا لعشرات المفسرين – نزلت في كفارٍ متكبّرين من قريش رفضوا أن يجلسوا مع الفقراء المؤمنين في مكة المكرمة، وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخصهم بمجلسٍ لا يحضره غيرهم ليحاوروه، فنزل قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا,وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”.
إن من أخطاء التفسير أن تؤخذ الكلمة من سياقها، ويبنى الحكم على ذلك، فلو قرأت قوله تعالى: (فويل للمصلين) ووقفت، كان المعنى تهديدا للمصلين ووعيدا، ولا ريب أن هذا عكس المراد تماما، فلا يستقيم المعنى إلا بإكمال الآية بعدها ليتضح أن المراد صنف من المصلين، وهم الذين جاء وصفهم في الآيتين بعدها، فالآية مرتبطة بالآيتين، لا تنفك عنهما، فتأمل.
وكذا قوله تعالى (لا تقربوا الصلاة)فإن المعنى لا يستقيم إلا بإكمال الآية (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فأصبح النهي عن حالة معينة لا عن قرب الصلاة بالكلية.
ويروى أن الصديق ابوبكر رضي الله عنه وقف يوما خطيبا في المسلمين فقال: “أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَأُونَ هَذِهِ الآيَةَ : “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ” ، وإِنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : ” إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ الله بِعِقَابٍ مِنْهُ ” .
إن النفخ فى الناس باسم الحرية يجعل منهم عبيداً لأهوائهم، خاصة وأن البعض منهم يفهم في ضوابط الحرية شيئاً واحدا، وهو أنك لا تضر بالآخرين، ويقول: حريتك تقف عند ضرري..وهوعكس مبدأ “لا حرية في فعل المعصية”..وضد شريعة الله وقوله “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”.
شيءٌ خطير أن يسعى الإنسان في طريق مسدود ، أو في طريق ينتهي بالشقاء ، أو في طريق ينتهي بالخسارة المبينة ، قال تعالى :﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً , الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً”
اللهم أهدى ضالنا ..واغفر لمذنبنا.