جمال عبد الناصر يكتب : “حياة سعيدة”.. ونهاية حزينة
كتبت/مي عبد المجيد
“إذا أردت أن تصمد للحياة فلا تأخذها على أنها مأساة، بل ملهاة وعبث “.. لا أعرف لماذا ألحت تلك العبارة في ذهني بعد انتهاء مشاهدتي للمسرحية العراقية (حياة سعيدة) المشاركة في الدورة الرابعة عشرة بمهرجان المسرح العربي ببغداد،
التي ألفها الكاتب العراقي علي عبدالنبي الزيدي، وأخرجها د. كاظم النصار، فالمسرحية تحمل إيقاعا منضبطا وهي نموذج جيد للكوميديا السوداء ،
وقبل الخوض في تحليل العرض يجب التنويه إلي أن أعمال الكاتب علي عبد النبي الزيدي تتميز بالبساطة اللغوية، فيستطيع العامي قراءة أعماله بسهولة ويسر، كما تتميز أعماله بالعمق الدلالي وما وراء المعاني.
“حياة سعيدة” دراماتورجيا وتصميم الديكور: د . سعد عزيز عبد الصاحب، والبطولة لحسن هادي، لبوة صلاح، علاء قحطان، وهديل سعد، ومصمم الإضاءة: عباس قاسم،
و الموسيقى والمؤثرات لمحمد فؤاد، وتبدأ المسرحية أحداثها بعريس وعروسة يهربان من تفجير يحدث قرب مكان زفافهم ويدخلان منزل قريب ليكملا ليلة عرسهم فيه
، لكنهما يكتشفان أن عريسا آخر ينتظر عروسه ايضا والذاهبة الى صالون التجميل، ولكن المشاهد في نهاية العرض يكتشف أن تلك الشخصيات مرضي نفسيين.
العرض يتعمق في الأوضاع السياسية والإجتماعية في العراق، وما هو خلفته الحرب والصراعات في ذلك الوطن الذي مازال يتشافي من آثار نفسية بسبب نكبات الحروب والتهجير والخطف والقتل على الهُوية،
ويقدم ذلك كله مستندا علي الكوميديا السوداء، وعلي كوميديا مخلوطة بالدموع والمفارقات، والفكاهة المرة، لنري فرحان وفرحانه يشركان ويتفقان
على الكيفية التي ستكون عليها نهايةُ كلِّ واحد من أبنائهما فولدهما البكر (باسم) سيكون مع خيار الذبح أما ابنتهما (بسمة) فمع خيار القتل والاغتصاب
بدلا من بيعها في سوق النخاسة في حين (بسّام) إبنهما الثالث فسيكون مصيره الخطف والإختفاء المجهول.
المخرج كاظم نصار قدم لنا عرضا منضبطا في إيقاعه، جعل مشاهديه يدخلون في حالة توتر منذ اللحظة الأولي للعرض، وصنع لنا حركة مسرحية تتماشي مع الخط الكوميدي الذي يسير فيه داخل النص رغم فداحة الموت الذي ينتظر فرحان وفرحانة خارج المنزل
، وقسم المخرج خشبته لثلاثة مناطق في كل منطقة رسم لها حركة وأداء مختلفة، فهناك منطقة الواقعية المريرة خارج المنزل ” العالم الخارجي
” التي نسمع عنها، ومنطقة الأحلام بجوار السرير الذي مفترضا أن تتم عليه ليلة الزفاف ، ومنطقة ثالثة هي عالم المحاكمة العقلية الذي عبرت عنه تلك الطاولة التي احتلت منطقة يسار المسرح.
أداء الممثلين عامل من أهم عوامل نجاح هذا العرض، فالممثلين الأربعة لديهم حالة من الإنضباط في الاداء، والممثلة لبوة عرب تمتلك مرونة في أدائها، وتستخدم كل أدواتها كممثلة وتوظفها حسب الموقف لسلاسة وهي تمتلك مفردات أداء لا مثيل له،
أما الممثل حسن هادي الذي يقدم دور “فرحان” فيتمتع بخفة ظل وتلوين في صوته ويمتلك حضور وكاريزما علي المسرح منذ ظهوره الأول علي الخشبة،
وأيضا يتمتع الممثلة علاء قحطان بالروح المرحة، ولا يختلف عن الممثلين الآخرين في احترافية الأداء ، أما الممثلة هديل سعد التي قامت بدور الممرضة
، وبرغم حدود مساحتها الصغيرة في الظهور لكنها نجحت في اشاعة الغموض بأدائها لنكتشف في النهاية حقيقتها ودورها في الحكاية، فالأداء التمثيلي من الممثلين جميعا مشبع بطاقة وحيوية علي الخشبة .
مسرحية ” حياة سعيدة ” تمثل بالنسبة لي نوعا من المسرح أحبه وهي الكوميديا السوداء، فهي ملهاوية تتحول إلي مأساوية، لتتحول كل حياة سعيدة لنهاية حزينة .
عرض حياة سعيدة
عرض حياة سعيدة
عرض حياة سعيدة
عرض حياة سعيدة
عرض حياة سعيدة
اقرأ أيضًا:
رفض الإبادة الممنهجة فى غزة ومساعى نقل الحرب لبلادنا
شكوك بين الديمقراطيين حول قدرة بايدن على هزيمة ترامب
إطلاق 5 ملايين رسالة إرشادية للمعتمرين عبر الشاشات الإلكترونية
الاحتلال لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس
زيزو وفتوح يحصلان على راحة من تدريبات الزمالك بعد الانضمام للمنتخب
دكتور يوسف شلتوت اخصائي أمراض النساء والتوليد في حوار خاص للرأي العام المصري والإجابة عن أهم الأسئلة المتداولة
الصحة: فحص 5 ملايين و474 ألف طفل ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع