رحلة الحياة … اليوم … الغد
كتب د فوزي الحبال
العظمةُ التي جاء بها القرآن الكريم منهج ودستور حياة، لنصلَ بها معًا لما هو خيرٌ في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) .
لا تخبئوا ملابسكم الجميلة للمناسبات، ولا طقم الصحون الفخمة للضيوف، البسوا كل يوم و كأنه عيد، و ضعوا من زجاجة العطر الغالية، التي تخافون أن تنفد .
أطعموا أولادكم في الأطباق الفخمة و لا تخافوا أن تنكسر،
الضيوف يمكن أن يأتوا مرة واحدة في الشهر، لكن أولادكم سيعلمون أن الغالي ليس خسارة فيهم، و أن تفاصيل حياتهم ستكون جميلة من غير مناسبة خاصة، و سيبقى في ذاكرتهم أن بيتهم بيت عز وكرم، البسوا وتمتعوا، اضحكوا و لا تحملوا هم الغد، من الممكن عندما يأت الغد أن نكتشف أن البارحة كان أجمل .
وتساءلت بعدها تُرى لماذا يحرص ركاب القطار أو الطائرة الذين تجمعهم الأقدار في رحلة سفر على أن يتعاملوا فيما بينهم برقة وأدب واستعداد للمجاملة والحرص على مشاعر الآخرين ؟
وأجد الجواب دائماً في أنهم يعرفون أنهم رفاق سفر لن يطول وسوف يتفرقون بعده ويذهب كل منهم إلى وجهته،لهذا فهم يترفعون خلال الرحلة القصيرة عن الصغائر،فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يهوِّن رفاق رحلة الحياة على أنفسهم وعلى شركائهم متاعب السفر بنفس هذه الروح وبحسن المعاشرة وبالتعاطف المتبادل ورحلة الحياة مهما طالت قصيرة .
إنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح، حتى لو كانت تلُفّها العشوائية المطلقة، فهنا تطغى فوض العجز، فتضيق الأرض وتُصفد الأبواب، وتُسد الطرق، ويتلاشى الأمل، ويتضاءل النور، ويفرد الظلام جناحيه، ويفقد الجمال جماله، فلا لذَّة تبقى ولا راحة تغمرنا، فتتحول البسمة إلى دمعة والسعادة إلى ألم .
إنْ كنت تعاني من ضائقة أي كانت مالية، اجتماعية، صحية، نفسية أو حتى ذلك الخَليط من أحاسيس العجز والفقر، التي أحيانًا تَتدفق علينا في لحظة واحدة في هذه الحياة، عليك فقط أن تَتقِ الله، فسرعان ما يجل لك مخرجا، فإذا اتقيتَ الله في رزقك، جعلَ لك الله مخرجًا من فقرك، وإذا اتقيت الله في جسدك عافاك الله من سقمك، وإذا اتقيت الله في بصرك وفرجك عافاك الله في عزوبيتك وزوجك، وإذا اتقيت الله في عملك كفاك الله دخلك، وإذا اتقيت الله في الحبِ كفاك الله حب الناس، وهكذا هذا هو جزاء المتقين في الدنيا، فكيف بالآخرة ؟
السعادة والفرح لقلوبكم جميعاً، اصدقائي ، احبائي ، و كل من عرفته .