عظمة إمرأة في خلافة عمر
عظمة إمرأة في خلافة عمر
بقلم: – الدكتور/ أحمد كمال الدين حسن أحمد مقلد.
إن العمر يمر والسنين تفعل فعلها فينا فتغير وتبدل وفي المرآة نواجه أنفسنا ولا نكتشف التغيير والتغير الحادث فينا لكوننا تعودنا والفنا أنفسنا ولكن هناك من لا تشغله النظرة في المرآة لكون ظروف الحياة قد تغلبت عليه ومن تلك الأمثلة كانت هناك إمرأة مر بها (عمر بن الخطاب) في زمن خلافته وهو أمير المؤمنين وكان راكباً على حمار، فاستوقفته تلك السيدة طويلاً ووعظته. وقالت له: “يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، وأعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف بالموت خشي الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب.” و(عمر بن الخطاب) واقف أمامها، يسمع كلامها في إمعان وقد أحنى رأسه مصغياً إليها … وقد كان برفقته أحد مرافقيه وهو (جارود العبدي)، فلم يستطع صبراً لما قالت تلك المرأة لأمير المؤمنين فقال لها في غضب: “قد أكثرت أيتها المرأة العجوز على أمير المؤمنين”. فقال عمر بن الخطاب: “دعها … أما تعرفها؟ هذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سنوات وعمر أحق والله أن يسمع لها.” وفي رواية أخرى: قال له: يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الموقف. قال: “والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما زلت إلا للصلاة المكتوبة، إنها خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سنوات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر”. نعم إنها (خولة بنت ثعلبة) تلك السيدة الخلوقة التي حين راجعت زوجها أوس بن الصامت بشيء ما فاختلفا في ذلك وغضب منها فقال: “أنت عليَ كظهر أمي”، فقالت له زوجته خولة والدموع تنهال من عينيها لشدة ما سمعت منه:”والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغُهُ..” ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال فجلس في نادي القوم ساعة، ثم دخل عليها يراودها عن نفسها، ولكنها امتنعت حتى تعلم حكم الله، فقالت: “كلا… والذي نفس خولة بيده، لا تخلصنَّ إلى وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه”.
خرجت خولة حتى جاءت رسول الله ، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، فقالت له: “يا رسول الله، إن أوساً، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم وعجز مقدرته، وضعف قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه أنا بشيء إن وجدته، وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً قال: “أنت على كظهر أمي”.، فقال رسول الله : “ما أراكِ إلا قد حرمت عليه”، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام وتبين لرسول الله ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أراكِ إلا قد حرمت عليه”. ، وأزاحت الصحابية الجليلة المؤمنة الصابرة نفسها واتجهت نحو الكعبة المشرفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، وفي عينيها دموع وحسرة، قائلة: “اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما شقّ على من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون فيه فرج.” تقول (السيدة عائشة رضي الله عنها)، وهي تصف لنا حالة (خولة): “فلقد بكت وبكى من كان معها ومن أهل البيت رحمةً لها ورقة عليها”. يذكر أنها قالت إن لي صبية صغار ان ضممتهم الي جاعوا وان ضممتهم إليه ضاعوا، وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه. فقال رسول الله : “يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرأنا” ثم قرأ عليها: –
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، فلما قالت “خولة” إن زوجها لا يملك من المال ما يعتق به رقبة، وإنه شيخ كبير لا يستطيع الصيام المتتابع لشهرين، وإنه لا يملك ما يطعم به ستين مسكينا تبرع له نبي الرحمة بمكيال من التمر وتبرعت “خولة” بمثله، فقال لها صلى الله عليه وسلم: “قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيراً” ففعلت.
ومما سبق لا يسعنا الا ان نشكرها علي حرصها علي منزلها واسرتها وابنائها وزوجها رغم ظلمه لها وعظيم ارتباطها بالتشريع وحرصها علي تطبيق أوامر المشرع وحين لم تجد الإجابة أنزل الله لها الإجابة ومن هنا يجب أن نرتبط بالله ونطلب منه العون في تحقيق كل أمانينا ورغباتنا ، وحين كانت (خولة) تنتظر تطبيق الكفرة من زوجها طبقا لما أقر الله فلم تدعه لظروفه الصعبة بل تدخلت في دفع الكفارة ولم تترك زوجها ليجاهد ويعاني من مشقة توفير ما يلزم لها ولكنها حاولت توفير الحل وذلك حتي لا تعرضه للحرج من جانب ولا تقهره وتجعله غير قادراً علي الوفاء بحفظ كيان الاسرة لعدم الاستطاعة وهذه المرأة هي كل مرأة مؤمنة بأوامر الله وتنفذ نواهيه وتحرص علي كيان الأسرة قبل المشاعر العارضة والمظاهر الزائلة وهذه المرأة كانت قوية حين أرادت أن تخرج جيل قوي من أسرة مترابطة وغير مفككة . لذا يجب مراجعة أنفسنا فيما نحن فيه الأن في عصر المدنية والتحضر الزائف فقد زادت نسبة العنوسة من جانب وزادت نسبة الطلاق وأنتشر جيل من الأبناء غير متحملي المسئولية
اقرأ أيضًا:
- كشف أبو الغيط الدور السوداني في مواجهة إسرائيل ومعركة العبور
- التجمع يناقش مقترح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد ببني سويف
- الصحة: تفعيل خدمة الإقلاع عن التدخين في 14 عيادة بمستشفيات أمانة الصحة النفسية
- وزير الرياضة يهنىء منتخب مصر بالفوز بكأس إفريقيا للبومزا برواندا
- خليل: 30 يونيو ثورة أفرزت قائد عظيم.. وأنقذت المنطقة من طيور الظلام
ونقدم لكم من خلال موقع (الراي العام المصري)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، كأس مصر , دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.