فى أحد الجنايات المنظورة أمام المحكمة طلب أحد المحامين الحاضرين مع المتهم اجلا لحضور المحامى الاصيل وتمسك المتهم والمحامي المنتدب معه بذلك فرفضت المحكمة وفصلت فى الموضوع فما هو مدى صحة ما ذهبت إليه المحكمة فى ذلك ؟
كتبت / اماني فرحات
فى حقيقة الأمر أن الدستور قد كفل حق الدفاع بالنسبة للمتهم وكفله كذلك قانون الإجراءات الجنائية واشترط ان يكون دفاعا جديا وليس صوريا أو شكليا ومكن القانون فى سبيل ذلك المحامى المدافع عن المتهم ببعض الحصانات فى سبيل أداء أمانة الدفاع فلا ينبغى للمحكمة مصادرة ذلك دون سببا غير مقبول
وقد نصت المادة ٢١٤ فى منتصفها (ويندب المحامى العام من تلقاء نفسه محاميا لكل متهم بجناية صدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قد وكل محاميا للدفاع عنه )
والواضح من نص المادة أنها اشترطت حضور محام مع المتهم سواء وكيلا أو منتدب وذلك لضمان حق الدفاع
وفى الحالة التى عرضنا للسؤال بصددها لا ينبغى للمحكمة وفقا لنص المادة وغيرها من مواد قانون الإجراءات الجنائية أن تمنع المتهم من اختيار دفاعه وقد أكدت ذلك محكمة النقض فى أكثر من حكما لها بقولها(اختيار المتهم لمحاميه والمدافع عنه حق أصيل مقدم على حق القاضى فى تعيين محام له وإصرار المتهم المحامى الحاضر على طلب التأجيل لحضور محاميه الاصيل والتفاف المحكمة عن هذا الطلب دون الإفصاح فى الحكم عن علة عدم إجابته فيه إخلال بحق الدفاع يبطل المحاكمة )
ويتضح من حكم محكمة النقض أنه يجب عن عدول المحكمة عن طلب التأجيل لحضور المحامى الاصيل أن ترد على هذا الطلب بأسباب سائغة وواقعية كأن يتكرر ذلك الطلب من المتهم لأكثر من مرة وتشعر المحكمة أنه محاولة لإطالة أمد التقاضى والنكاية دون داع لذلك أما وأن تسكت المحكمة دون أن ترد على ذلك الطلب فذلك كله يبطل اجراءات المحاكمة
بل أكثر من ذلك أن المحام المنتدب عن طريق المحكمة يجب أن يمكن من الدفاع عن المتهم دفاعا حقيقة وقد أكدت ذلك محكمة النقض فى أكثر من حكما لها بقولها (حتمية الاستعانة بمحام لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعا حقيقة لا شكليا واقتصار المدافع عن المتهم بجناية بطلب استعمال الرأفة يبطل اجراءات المحاكمة وقد فرضت المادة ٣٧٥ من قانون الإجراءات الجنائية عقوبة الغرامة على كل محام منتدب كان أو موكلا من قبل المتهم الذى يحاكم ف جناية إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم وذلك فضلا عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضاها الحال ولما كان ما ابداه المحامى المنتدب للدفاع عن الطاعن على السياق المتقدم لا يحقق فى صورة الدعوى الغرض الذى من أجله يتوجب الشارع الاستعانة بمحام ويقصر دون بلوغ غايته ويعطل حكمة تقديره فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة )
ومما سبق يتبين أن الدفاع الحاضر مع المتهم سواء كان منتدبا أو وكيلا يجب أن يكون دفاع حقيقا وان يحقق الغرض الذى توخاه المشرع من اشتراط حضور محام مع المتهم فى مواد الجنايات