بنك مصر
بنك مصر
بنك مصر
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
مقالات

كريستالة الفرادة و الهيبة

مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 14

   كريستالة الفرادة و الهيبة 2كريستالة الفرادة و الهيبة 3كريستالة الفرادة و الهيبة 4

كريستالة الفرادة و الهيبة 5


كريستالة الفرادة و الهيبة

الناقدة : وداد معروف / مصر

كريستالة الفرادة و الهيبة .. ” تعددت الوجوه والكريستالة واحدة ، هكذا أرى أمي وجوه كريستالة ، وجهها يشع مرة فتضئ الدنيا ، ويصفو أخرى فيظهر فيه وجهي ، وجهها يحمل ملامحي وملامحها ، أراها وجوها تحمل وجوه الأمهات في بلدي” .
إذًا فقد جعل العالم الجليل أ.د محمد عبد العزيز عبد الدايم ، ( أستاذ النحو والعروض ؛ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة ) ، من السيرة الذاتية لوالدته ، سيرة لأمهات مصر الراقيات الرائعات .
شاركْتُ في أمسية نقدية أقامها نادي دار العلوم لمناقشة (الرواية السيرية) ، كما أطلق عليها أ.د عبد الدايم ، في مارس الماضي ، ثم تسنى لي اقتناء الرواية إهداءً منه ، قرأتها في أسبوع ، فهي تقع في 303 صفحة ، عشت معها وعاشت معي الكريستالة حتى سكنتني ، تعرفت من خلال السرد الأمين للابن البار ، على سيدة أدهشتني بحكمتها وامتلاكها لمشاعرها ، واستلامها سفينة تحمل أبناءها الستة بعد الوفاة المبكرة لوالدهم ، وهو بعدُ في الخامسة والأربعين ، كانت حينها في الثلاثين من عمرها ، ولأنها ليست كالنساء العاديات ، فقد رسمت للسفينة خط ملاحتها ، تسير فيه دون تدخل من أحد في طريقة قيادتها لتلك السفينة ، فللتربية عندها أسرار وهي ( عدوى) ، فالعدوى أنها تلتزم الهدوء والحكمة والمنطق ؛ حتى يضطر إليها من لا يعرف حكمة ، هي أيضا إيحاءً و حسما و منطقا ، تلتزم اللفظ المناسب حتى يستحي من أمامها ، من أي لفظ غير مناسب ، أما في الصواب والخطأ فهي تلتزم التربية بالإيحاء ، وللرغبات الصحيحة تعتمد تربية الاختيار ، ولتقوية ابنها وحسم الأمور معه ، ليس أمامها إلا طرده من البيت ، كل هذا وهي لم تدرس علم نفس ولم تخصص له قراءة خاصة .
في البداية من المهم أن نعرف من هي الكريستالة؟ ، إنها المرأة ذات الأصل الطيب ابنة تاجر القطن الكبير ، التي تربت في بيت عز ورفاهة ، كان فيه الخدم والمساعدون ، فلم تُهَنْ في عمل ولا في خدمة ، فقد كان عندها من يخدمنها ، كان بيت علم ودين ونشأت على ذلك ونشَّأت أبناءها نفس التنشئة ، حببتهم في الخير وفعله ، تزوجت من معلم لغة عربية ، من قرية مجاورة ، يضاهيها نسبا ومكانة ، الكريستالة قارئة نهِمة ، رغم كونها لم تكمل في تعليمها المرحلة الابتدائية ، لكنها شغفت بالقراءة كون والدها التاجر الكبير ، دارس في الأزهر وكذلك جدها ، فوجدت الكتب في بيتهم أمرا عاديا ، هذه القراءة شكلت شخصيتها ورتبت عقلها، هذا إلى جانب صفات أصيلة فيها ، ورثتها عن والديها ، الحكمة والشخصية القوية وحسن الرأي ، كان أكثر ما أدهشني في الكريستالة أنها كانت مستمعة جيدة ، حتى وإن لم توافق محدثها الرأي ، فهي تحترم كل الآراء وتقبل الاختلاف ، وتعرف أن الناس كالفسيسفاء ، يختلفون ليكتملوا ، كما أنها كانت تناقش إخوتها الذكور وهم جميعا في مستوى تعليمي مميز ، تناقشهم في كتابات الرافعي والعقاد وطه حسين ، وروايات نجيب محفوظ وعبد الحليم عبد الله ، تقرأ الجرائد اليومية وتلم بالسياسة والاقتصاد ، والاجتماعيات كل ذلك جعلها شخصية مثقفة واعية ، انعكس على حياتها كلها ، وحياة أولادها .
كتب الدكتور محمد عبد العزيز عن والدته ، بأمانة علمية ظهرت في أنه كان يراجع أمه في المواقف التي سردها ، ويقرؤها كتاباته ، فتصحح له وتزيد تفاصيل لم يذكرها ، كما فعل ذلك أيضا مع خاله ، عرض عليه مسودة الرواية ، ففعل كما فعلت الوالدة ودقق الأحداث والمواقف .
هذه السيدة التي تميزت بصفات كريمة ، هي لا تشعر أنها تستحق الكتابة عنها ، حينما أخبرها ابنها أنه سيكتب سيرتها في كتاب ، وكان هذا بعد جائحة كورونا وقد أصابته الجائحة ، فأراد أن يحفظ هذه السيرة العطرة بين دفتي كتاب ، حينما أخبرها بمشروعه الكتابي ، قالت له : أنا ككل الأمهات ، ليس في حياتي ما يستحق الكتابة عنه ، وكان هذا دأبها دائما فكثيرا ما تردد ، حينما يعجب أحد من محيطها العائلي بشخصيتها ، تقول: والله ما عندي شيء متميز ، وكل النساء مثلي .
لما رأت إصراره علي الكتابة عنها ، نصحته بقولها : لا تجعلها طويلة فيملها الناس ولا يقرأونها .
وأنا أقول لها كيف : ” لا يكتب عنك أيتها الحكيمة ، التي ما طلبت وما ألحت على أحد من أولادها أن يزورها يوما ، وإنما تتركهم على راحتهم ، كيف وأنت من قلت في رفضك التدخل في حياتهم ، عيشوا حياتكم بما يسعدكم ، وإن كان ثمة خطأ لا يمنع سعادتكم ، فلا يخبرني به أحد ، دعوهم يعيشون بسعادتهم ، ولا تفسدوا سعادتي بهذا الخبر ، لن أناقش فيه ابني ما دام يتقبله ، ولن أنغص عليه حياته ، ولن أحزنه بمناقشته ” .
عندما طَلب أحد أبنائك لجهة سيادية ، وكان مسافرا خارج البلاد ، وشعرت أن هذا الأمر يضغط عليه نفسيا ، أنت من بادرت وذهبت للجهة السيادية ، وقدمت إليهم ما يحتاجون من معلومات عادية ، وقلت لهم : لدي كل ما تحتاجونه من بيانات ، فقالوا لك : لماذا أرهقت نفسك وجئت؟ ، كان يكفي الدكتور ، قلتِ : لدي كل ما تحتاجونه من بيانات ، مما يخص هذه الرحلة ستجدونها عندي ، ثم قلتِ لهم : ما بقي لديكم من أسئلة وما تحتاجون أحد آخر تسألونه؟ ، فشكروكِ وانصرفتِ ، وأنت المرأة التي لا تخرج من بيتها إلا للعزاء أو لزيارة مريض .
حتى ترفعي عن ابنك الضيق بهذا الأمر ، واتصلت به وقلت له : انتهى الأمر يا عم والأمور إلى خير ، كما أنك عدلت لابنك في هذه الرواية معنى وأنت من تعديت من العمر الثمانين ؛ حينما كتب عن أخته أنها شاركت أمها الترمل ، فقد قعدت على إخوتها الأيتام ، فصوبَتِ له وهو أستاذ النحو والصرف ، وقلتِ له : لَمْ تقعد ، وإنما تزوجت ، فالقعود هو عدم الزواج .
كتب الدكتور محمد عبد العزيز الرواية السيرية ، على طريقة اللوحات المتنوعة ، فهو لم يلتزم فيها تسلسل الأحداث ولا تتابع المواقف ، وإنما مشاهد من حياة ومواقف تلك الأم الحكيمة .
كانت علاقة الابن بالأم علاقة صداقة نادرة ، فهو يناقشها في كل أمور حياتهز، المكالمة اليومية بينهما قد تمتد لساعة ، يعاقب نفسه إن مر يوم ولم يهاتفها ، تتنوع الحوارات بينهما ، قد تكون في شؤون العائلة ، وقد تكون في الاقتصاد أو في السياسة أو في الحديث ، عن رواية قرأتها أو قرأها هو ، أو يستشيرها في قرار سيتخذه ، كما أنه كان يراجعها في مواقف صدرت منها في زمان بعيد ، ولم يفهمها حينها ، فتشرح له ما خفي عليه .
كما قال العقاد إن لكل شخصية مفتاحا ، فإذا عرفته أمكن لك الدخول إلى هذه الشخصية ، ومفتاح شخصية الكريستالة ، هو ( الهَيْبة) فهي شخصية صاحبة هيبة ، وهي محافظة على تلك الهيبة حتى مع أولادها ، تضع حدودا لا تتعداها ولا تسمح لأحد أن يعبرها.
“من كلماتها : ستر الله للناس خير من ألف شهرة ومجد ” ، من منا يعلم الغيب ؟ ولكني كنت مطمئنة أن الله سيدبرها ، وهو يعلم أني غير سعيدة بحجبك عن فضيلة ، كما قالت عند تقدم الخطَّاب لابنتها ، وكانت ترفض خطوبتها قبل أن تكمل تعليمها ، حين اعتبر ابنها هذا الرفض نوعا من الظلم للفتاة ، كونها لم تعرف ، فقالت له : صرف الخطاب وتأجيل الأمر قرارنا نحن ، أما قرارها فقبول أو رفض ما نفكر في قبوله .
الحديث عن الكريستالة يطول ، وعن بر الأبناء بها ، وخاصة كاتبنا يعجب ويدهش ، لكني سأختم بقول الكاتب : ” لقد صغت عشرات النظريات ، وصنعت المناهج ذوات العدد ، وأخرجت في كتبي أكثر ما في الكلام من ظواهر ، نقدت لهم روائع فكرنا ، وطاولت المستشرقين ، وكانت لكلماتي اليد الطولى على ما قالوه ، فما أطاقه عقل وما أنصفه قلب ، …. يا أمي ، لا يقتني الناس كتب العلماء ، وإذا أُهديتْ إليهم لا يقرؤنها ، وإذا قرأوها عجزوا عن مواكبتها نقدا ، أو حتى فهما ، اتركيني آوي إليك بعد رحلتي الطويلة ، فقد صرت مجهدا ” .
فهذه الرواية السيرية كانت لكاتبها العودة للاستشفاء بالذكريات ، والاسترواح بعطر المحبة والبر باالأم وبا المرأة بعامة .

اقرأ أيضًا:

يوتيوب

ونقدم لكم من خلال موقع (الراي العام المصري)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، كأس مصر , دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابعونا

                                  مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 19 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 20 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 21 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 22 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 23 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 24 مؤتمر كيان المرأة المصرية .. تكريماً لمجهود كل امرأة تحت شعار رائدات النجاح 25

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى