كورونا العولمة .. و استقلالية الجغرافيا “الجزء الثالث” كورونا هي العلاج
بقلم / محمد حنفي
لم يدر بخلدي في أسوء كوابيسها وخاصة مع تفشي جائحة كورونا أن تقوم الحكومة بالمضي قدما في تصفية الشركات وخاصة الصناعات الاستراتيجية التي يقوم عليها الانتاج بصفة أساسية مثل الأسمنت والحديد والصلب وسط إجراءات احترازية بعزل ليس الدول وإنما أنت على وشك عزل ليس محافظات فقط وانما مراكز وقرى في جميع أنحاء العالم .
راهنت منذ أيام على وعي الحكومة فيما يحيط بالدولة المصرية من أخطار خاصة وأن الدولة المصرية تعاني من محاولات خارجية لحرمان مصر من حقها المائي ، وعدم قيامها بأي محاولات لتصفية شركات وسط مخاوف مجئ العمالة في الخارج الي مصر مما قد يزيد أزمة البطالة وتقلص واردات العاملين بالخارج مما يزيد من الأزمة الإقتصادية التي لا تعيشها مصر وحدها وانما العالم أجمع .
لا تعتبر شركة الحديد والصلب مجرد شركة ذات طبيعة استراتيجية فحسب وانما هي نتاج ثورة قادها الزعيم جمال عبد الناصر ضد الاحتلال والاقطاع والظلم والفساد وسيطرة رأس المال على الحكم .
أنشئ عبد الناصر شركة الحديد والصلب كأداة هيمنة على دول أفريقيا حيث نجح بالتعاون مع السوفيت في إنشاءها بطاقة أربعة أفران كانت تصدر للخارج في عهد عبد الناصر وأوائل عهد السادات ، بل كانت تخدم المجهود الحربي وقدمت للحرب ما لا يعرفه الكثير من إنتاجها كصناعة أساسية لإمداد كافة مصانع الانتاج الحربي بالحديد اللازم .
امتد تأثير الشركة للنقابة العامة ، بل لقد تبرع عمالها بيوم عمل مجانا كل شهر بعد نكسة 1976 للمجهود الحربي مع عمال مصر وقادت اللجنة النقابية كفاحا تاريخيا لإنشاء الاتحاد الاقليمي لعمال حلوان مع قيادات العمل النقابي بشركة حرير حلوان رشاد الجبالي وسيد فايد وأسهمت في تغيير بروتوكول زيارة مناحم بيجن وكنيدي بعيداً عن حلوان حينما أعلنوا في بيان رسمي للجنة النقابيىة للشركة عدم مسئوليتها عن سلامتهم أثناء زيارة المصنع .
ما لا يعرفه الكثيرون أن شركة الحديد والصلب هي التي أنشئت شركة الحديد والصلب الليبية وشركة الحديد والصلب بجنوب أفريقيا ، كانت تتقاضى سنوياً منهما أمولاً طائلة من تعاقدات صيانة سنوية لأفران هذه الشركات حتى تم إلغائها في 2005 من وزارة القوى العاملة أنذاك .
العجيب في الأمر ، أن البعض حاول بيع الشركة في أوائل 2014 إلا أن حزب التجمع بقيادة رفعت السعيد دافع دفاعا مستميتا عن الشركة بصفته عضو مجلس نواب بل لقد نجح في إحضار مصطفى نايض رئيس اللجنة النقابية أنذاك في جلسة استماع بالبرلمان قدم خلالها دراسة مستفيضة عن إمكانية إعادة هيكلة الشركة بالتعاون مع الاتحاد السوفيتي بتكلفة قدرها مليون دولار .
إلا أن الحكومات المتعاقبة وضعت الحلول في الأدراج وتراجعت مؤقتاً عن المساس بالشركة لتفاجئ بمحاولات تدريجية لتصفية الشركة بزيادة خسائرها وإجبار العمال على الخروج على المعاش المبكر بشكل غير رسمي وايقاف معظم قطاعات الشركة عن العمل
، ليتراجع حجم العمالة من 25000 نعم خمسة وعشرون ألف عامل الى 2500 نعم ألفان وخمسمائة عامل الأن .
العجيب أن الشركة لديها أًصولاً هائلة غير مستغلة ولم يحاول أحد استثمارها لسد العجز تضم 790 فدان وضع يد بمساكن التبين بالمرازيق ،و654 فدان وضع يد بالواحات البحرية ، بالاضافة الى 54 فدان اشترتها الشركة من الشركة القومية للأسمنت من 1979 ، وقطعة أرض بمساحة 45 ألف متر بأسوان نتيجة تسوية نزاعها مع شركة الصناعات الكيماوية “كيما” وكميات خردة قدرت بمبلغ 600000 ستمائة ألف جنيه وجبل التراب الذي يضم خردة بقيمة 700000 سبعمائة ألف جنيه، غلا إن تقدير وزير قطاع الأعمال في سبتمبر 2020 بحوالي 5 مليار جنيه تصل اليوم لحوالي 7.5 مليار جنيه .
أصبحت كورونا هي العلاج لكافة الدول النامية في انتاج غذائها وتصنيع احتياجاتها في ظل تعرضها في أي وقت للعزل وخاصة الدول العربية وفي القلب منها مصر بمصانعها المتعثرة وخاصة مصانع حلوان والمحلة الكبرى وكفر الدوار وغيرها من البقاع الصناعية التاريخية .
سيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي ، أهالي حلوان تعتبر أمس يوماً أسود في تاريخ حلوان التي قاومت الاحتلال ووقفت في وجه التطبيع مع اسرائيل ولم تنحني بعمالها لهزيمة يونيو 1967 ، بل إن كورونا أصبحت ناقوس خطر في أنعزال العالم وهنا يتبادر سؤال الى الذهن ، هل إذا أعلنت معظم دول العالم عزل مصر عن العالم لتفشى جائحة كورونا أو لأي سبب أخر .. هل تستطيع مصر أن تكتفي ذاتيا أم سنموت جوعاً وعطشاً ؟؟؟!!!