مصير الإتفاق النووى الإيران بعد فوز بايدن
كتب /ايمن بحر
اللواء رضا يعقوب المحلل الاستراتيجي والخير الأمني ومكافحة الإرهاب يعود الملف الإيرانى النووى الى بؤرة الإهتمام مرة أخرى. فى تطور جديد قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى تقرير لها أن أيران إنتهت من نقل أجهزة الطرد المركزية المتطورة من سطح الأرض الى أخرى تحت الأرض. وتعد هذه النقطة إتهاكاً للإتفاق النووى مع القوى الكبرى. بالإضافة الى ذلك فإن مخزون أيران من اليورانيوم منخفض التخصيب تجاوز إثنى عشر ضعف الكمية المسموح بها بموجب الإتفاق. وقد إتجه ترامب الى الإنسحاب من الإتفاق النووى. وبعد إنتخاب بايدن يتجه الى تغيير سياسة ترامب.
بايدن وإيران: عودة للإتفاق النووى القديم أم تفاوض على آخر جديد؟.
مع قرب تولى جو بايدن السلطة تريد الأطراف المختلفة إعادة إحياء الإتفاق النووى مع إيران، وفى حين تتمسك طهران بالإتفاقية النووية القديمة يلمح الغرب بأنه يريد المزيد من الإضافات وتوسيع الصيغة القديمة. لن يكون من السهل إحياء إتفاق تم تعطيله لسنوات ومحاولة نقضه وهدمه بلا رحمة بيد أن الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن تعهد بالقيام بذلك، ورحبت طهران بهذا التوجه.
وفى وقت سابق من هذا الأسبوع قال الرئيس الإيرانى حسن روحانى إن بلاده ستعود الى العمل بالإتفاق النووى الجديد المعروف بإسم خطة العمل الشاملة المشتركة بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية التزامها هى الأخرى لكن هذا لوحده قد لا يكون كافياً.
فهناك فرصة أن تطلب الولايات المتحدة والقوى الأوروبية المزيد من الحكومة الإيرانية، فمن ضمن التوقعات أن يتم فتح ملف برنامج إيران الصاروخي المثير للجدل ودعمها الإقليمي لجهات تعتبرها الولايات المتحدة وأوروبا مزعزعة للاستقرار. وكانت إيران قد أعلنت أنها على إستعداد للتفاوض بخصوص هذه المخاوف مع جيرانها الخليجيين فقط. وفى حال إستمرار الجدل حول هذه الأمور فإنها قد تفشل محاولات الإتفاق النووى. الرئيس دونالد ترامب كان قد صرح مراراً أن إيران لا ترقى الى مستوى روح الإتفاق النووى وكان ترامب يكرر هذه الأقوال فى كل مرة كانت بلاده تفرض عقوبات على طهران. فإدارة ترامب كانت مقتنعة أن الإتفاق النووى القديم كان فاشلا لأنه لم يحد من تحركات إيران فى المنطقة.
عن هذا الأمر تقول كيلسى دافنبورت مديرة سياسة منع الإنتشار النووى فى جمعية الحد من الأسلحة وهى منظمة غير حزبية مقرها الولايات المتحدة: إنه بدلاً من وأد الإتفاق كان بإمكان ترامب البناء عليه لمعالجة المخاوف الأخرى. لكنه لم يفعل. قال ترامب مراراً إنه يريد إتفاقاً جديداً مع إيران . ومع ذلك، كما تشير دافنبورت لم يكن لديه إستراتيجية قابلة للتطبيق لتحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة الحالية. الآن ومع تصريحات بايدن الجديدة بأن الولايات المتحدة ستعود للإنضمام الى هذه الإتفاقية، تتعالى الدعوات من أجل حث بايدن على إبرام إتفاق جديد.
إحدى هذه الأصوات المطالبة بإتفاق جديد صدرت من المانيا حيث صرح وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس فى مقابلة مع مجلة دير شبيغل الأسبوعية مؤخراً أن العودة الى الاتفاق السابق لن يكون كافياً بل يجب أن يكون هناك إتفاق على إضافات جديدة على الإتفاق النووى رافائيل غروسى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: هناك اإفاق بين السياسيين الغربيين على وجود حاجة لاتفاق جديد لإحياء الإتفاق النووى الإيرانى.
وعلاوة على المانيا أشارت فرنسا والمملكة المتحدة كذلك الى دعمهما لصفقة جديدة. وفى بيان صدر فى مطلع كانون الأول / ديسمبر رحبت الأطراف الأوروبية الثلاثة بالإتفاق النووى المعروف بإسم (E3) المسار الدبلوماسى الموسع مع إيران لمعالجة المخاوف أيد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسى توجه الدول الأوروبية مع إيران مضيفاً لا أستطيع أن أتصور أنهم سيقولون ببساطة لقد عدنا الى المربع رقم واحد، لأن المربع رقم واحد لم يعد موجوداً ودفع إيران لتقديم المزيد هو أمر صعب وفقا لإيلى غيرانمايه الخبير فى خطة العمل المشتركة فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية: الطريقة الوحيدة للتوجه نحو مزيد من المفاوضات مع إيران تكون بتنفيذ الإتفاق النووى وبناء الثقة داخل المؤسسة السياسية الإيرانية للوصول الى إنطباع بأن بإمكانهم فعلاً الحصول على صفقات مع الغرب بطرق مستدامة تفيد إيران أيضاً. ويقول غيرانمايه: إن تخطى الإتفاق النووى لعام 2015 وإقتراح مجموعة أوسع من الشروط والوصول الى إتفاق أكبر، وهو ما لم يكن الإيرانيون على إستعداد لقبوله حتى فى عهد ترامب لن يكون ممكناً الآن
وعلى الرغم من أن حملة “الضغط” القصوى على إيران فشلت فى تحقيق نتائج يشير بعض مسئولى ترامب الى أن بايدن يمكنه الإستفادة من هذه التجربة. اليوت أبرامز الممثل الخاص للولايات المتحدة لدى إيران وفنزويلا وهو أحد أولئك الموجودين حالياً فى البيت الأبيض الذين يعتقدون أن حملة الضغط الحقت الماً كبيراً بإيران وأن بايدن يجب أن يستخدمها للحصول على صفقة أفضل. وأوضح أبرامز فى ندوة عبر الإنترنت نظمتها مجموعة متحدون ضد إيران النووية هذا الأسبوع أنه لدينا نفوذ كبير دعونا نستخدمه. على العكس من ذلك ، ترى دافنبورت أن السيناريو الذى يواجه بايدن مشابه لمفاوضات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة: يجب على الولايات المتحدة أولاً تحييد الخطر المتزايد الذى تشكله إنتهاكات إيران للإتفاق النووى وإستعادة الثقة فى مصداقية الولايات المتحدة من خلال الإنضمام الى الإتفاق، ثم متابعة المحادثات لمعالجة هذه القضايا الحاسمة التى تقع خارج حدود الإتفاق النووى. حتى الآن، رفضت إيران إضافة أية بنود أخرى الى الإتفاقية. وقال وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف فى نوفمبر/ تشرين الثانى فى مؤتمر سياسى فى روما: لن نعيد التفاوض على إتفاق تفاوضنا عليه. وتعتبر إيران برامجها للصواريخ الباليستية بمثابة خط دفاعى رئيسى. وغالباً ما يقارن المسئولون الإيرانيون النفقات العسكرية الكبيرة نسبياً لجيرانهم مقابل صناعة الأسلحة والطيران الإيرانية الخاضعة للعقوبات. ويؤكدون أنه ما لم توافق الدول الأخرى فى المنطقة على نفس القيود فإن طهران غير مستعدة لتقديم تنازلات.
الحل الإيرانى المقدم من قبل طهران لإنهاء المأزق يدعو لحوار إقليمى وبدون رعاية لقوى عالمية. وتنص (مبادرة هرمز للسلام الإيرانية) والتى يطلق عليها إختصاراً (Hope) (الأمل) على دعوة جيرانها لمناقشة مخاوفهم الأمنية الإقليمية وذلك بحسب ما كتب وزير الخارجية جواد ظريف. وبدلاً من المشاركة المباشرة للقوى العالمية تدعم HOPE وجود هيئة دولية عليا للمشاركة مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك لرعاية نتائج المحادثات.
وقد لا تكون المبادرة الإيرانية واقعية تماماً. ومع ذلك، يمكن أن يكون إقتراح إيران نقطة إنطلاق بدونه لن يكون الإتفاق النووى فعالاً بحسب دافنبورت فالقوى الغربية هى المزود الرئيسى للدعم العسكرى والدفاعى لدول الخليج ولا يمكن إستبعادها من المحادثات. بالإضافة الى ذلك ترى دافنبورت أن التعامل مع أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للإستقرار تتطلب إجراء محادثات مع الطرفين فى الشرق الأوسط والقوى العالمية وتضيف دافنبورت: من أجل تقديم المزيد من الضمانات بأن إيران لن تسعى الى الحصول على أسلحة نووية فى المستقبل من المهم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة التى قد تدفع طهران الى إتخاذ قرار بأن فوائد الأسلحة النووية تفوق تكاليف الحصول عليها لقد تغير الشرق الأوسط كثيراً منذ توقيع الإتفاق النووى. وقد قامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين وهما من الدول العربية المجاورة لإيران بالتطبيع مع اسرائيل ويعتقد أن إسرائيل كانت وراء عدة هجمات على إيران. العلاقات متوترة. إعادة عقارب الساعة الى عام 2015 أمر مستحيل ولكن إذا فشلت الدبلوماسية مرة أخرى فإن إنتشار الأسلحة وإنهيار الإقتصاد الإيرانى المحتضر قد يتبعان ذلك. وهذا بدوره يمكن أن يؤدى الى تبعات أمنية خطيرة للشرق الأوسط والعالم أكثر خطورة مما هو قائم حاليا.