تفسير هذه الأية الكريمة من كتاب رب العالمين
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
متابعة عبده الشربيني حمام
إلى حضراتكم تفسير هذه الأية الكريمة : بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي .
وقال أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض; لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة; ولهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود : ” لحد يقام في الأرض أحب إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحا ” . والسبب في هذا أن الحدود إذا أقيمت ، انكف الناس – أو أكثرهم ، أو كثير منهم – عن تعاطي المحرمات ، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببا في محاق البركات من السماء والأرض; ولهذا إذا نزل عيسى [ ابن مريم ] عليه السلام ، في آخر الزمان فحكم بهذه الشريعة المطهرة في ذلك الوقت ، من قتل الخنزير وكسر الصليب ووضع الجزية ، وهو تركها – فلا يقبل إلا الإسلام أو السيف ، فإذا أهلك الله في زمانه الدجال وأتباعه ويأجوج ومأجوج ، قيل للأرض : أخرجي بركاتك . فيأكل من الرمانة الفئام من الناس ، ويستظلون بقحفها ، ويكفي لبن اللقحة الجماعة من الناس . وما ذاك إلا ببركة تنفيذ شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلما أقيم العدل كثرت البركات والخير; [ ولهذا ] ثبت في الصحيح : ” إن الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد ، والشجر والدواب ” .
ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا محمد والحسين قالا حدثنا عوف ، عن أبي قحذم قال : وجد رجل في زمان زياد – أو ابن زياد – صرة فيها حب ، يعني من بر أمثال النوى ، عليه مكتوب : هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل .
وروى مالك ، عن زيد بن أسلم : أن المراد بالفساد هاهنا الشرك . وفيه نظر .
وقوله : ( ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) أي : يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات ، اختبارا منه ، ومجازاة على صنيعهم ، ( لعلهم يرجعون ) أي : عن المعاصي ، كما قال تعالى : ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) [ الأعراف : 168 ] .