بنك مصر
بنك مصر
بنك مصر
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
منوعات

هكذا هي الحقيقة

بقلم/ اشرف زيدان
لست أدري ما هو السر وراء ذلك الإحساس الخفي الذي أشعر به من آن لآخر، أن هناك من يتربص بي، يرصد حركاتي، يراقبني في صمت. .
هكذا بدأت حديثها معي
كانت نظرتها غير مستقرة، يملؤها القلق والارتباك، نظرت لي نظرة استعطاف وتوسل وهي تطلب مني أن أنصت لحكايتها. .
قالت بصوت مرتعش:
لقد اعتدت أشياء كثيرة منذ صغرى، ولكن كان أغربها علي الإطلاق هو شغفي بان أغرق نفسي داخل المغطس مغمضة العينين وأنصت إلي صوت أعضائي الداخلية، كنت أرى في ذلك متعة لا مثيل لها، حيث استشعر صوت نبضات قلبي وكأنها معزوفة ذات إيقاع خاص. .
حتى كان يخيل إلي أني أسمع صوت تدفق الدم في أوردتي، أنه شعور لا يماثله أي شعور. .
دأبت على تلك العادة حتى كان هذا اليوم الذي قررت فيه الإقلاع عن تلك العادة، كانت تلك هي أول مرة أشعر بمن يتربص بي، شعرت أن هناك ما يدفعني للالتفات حتى أرى أن كان هناك شخصاً ما يراقبني.
ظل يتكرر بعدها هذا الشعور، كان يحدث حينما أتواجد في قطارٍ مزدحم، أو أثناء الليل حينما أبقي وحيدة، أو أثناء تجوالي في أحد المتنزهات.
أصبحت أشعر بالتشتت وان هناك من يتعقبني وإني مهددة طوال الوقت من شيء لا أعرفه. .
بل أصبحت حياتي سلسلة لا تنتهي من المطاردات بين شيء مادي وآخر غير مرئي، كاد يصيبني الجنون، حتى أن البعض نصحني بزيارة المشايخ، وبالفعل ذهبت لبعض الجلسات، وشعرت ببعض من الراحة ولكن سرعان ما عاد هذا الإحساس من جديد يلاحقني
ربت على كتفها في محاولة مني لتهدئتها، وطلبت منها أن نستشير صديق لي طبيب نفسي في حالتها، ربما كان هذا عرض لمرض نفسي وبالتداوي يزول. .
وكانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لي حين شخص الطبيب المعالج حالتها بان ما تعاني منه لا ينتمي لا من قريب أو بعيد لأي مرض نفسي. .
لكنه ومن خلال دراسة متأنية لحالتها اتضح أن هناك رواسب في عقلها الباطن هي التي تتحكم فيها من تتمثل في بعض الحكايات المرعبة التي كانت تقصها عليها جدتها، والتي ظلت مختبئة في دهاليز عقلها الباطن، وعند أول فرصة أخذت تتحكم فيها وحولت حياتها إلى جحيم ملتهب. .
تذكرت والدي رحمة الله عليه حين قال لي
إن أكبر مخاوفنا هي تلك التي تسكننا، لا تلك التي تحيط بنا.
وما بين الماضي والحاضر نكون نحن ، و هكذا هي الحقيقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى