بنك مصر
بنك مصر
بنك مصر
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
مقالات

هَل يُولَد الإنسان بالإبداع؟ صباحك تكنولوجيا

هَل يُولَد الإنسان بالإبداع؟
صباحك تكنولوجيا :: بقلم د/ حنان عبد القادر محمد

يَعيش العَالم تَحديات كُبْرَى اقتصادية وَتِكْنُولُوجِيَّة ومَعرفية وتَنموية وهذه التحديات تَسْتَوْجِب حُلُول غير تقليدية تَكْمُن في ضَرورة البحث عن اَلْمُبْدِعِينَ وَالْمَوْهُوبِينَ في كُلّ فِئات اَلْمُجْتَمَع وتهيئة المناخ أمام قُدُرَاتهمْ وإمكاناتهم حتى تتفجر عَلماً ومَعرفة وإنتاجا، فنحن نَعيش في عَصر الخَارج عن ايقاعٌة ضَائع! عَصر لم تَعُدْ تِكْنُولُوجْيَا اَلْحَوَاسِب الآلية فيه ولا الإنترنت مُجَرَّد تَرف معرفي بَل ضَرورة حَياه، حيث أن أهم ما يُمَيِّز هذا العَصر أنه يَتشكل مِن خِلال فُتُوحَات عِلمية مُذْهِلَة في وسائل المواصلات والاتصال والإنتاج وعلاقات الإنتاج وَتِكْنُولُوجْيَا المعلومات وهذه التغيرات العلمية كانت نِهاية لعصر التطور البطيء، وتبلورت مظاهر الثروة المعلوماتية الجبارة في مفاهيم تُحَاوِل تَرجمة ما يَحدث في عَالمنا من مُتَغَيِّرَات مُتَسَارِعَة أحدثتها الثروة المعلوماتية الجَبارة، وتتمثل هذه المفاهيم في: الكوكبية (العولمة) والكونية (الاعتماد المتبادل) والإبداع.

والإبداع لا يُمْكِن أن يَتحَقق إلا في مُنَاخ تعليمي يَقُوم على اَلْحُرِّيَّة والتسامح مُؤْمِن بأن تَعدد الآراء أمر مَشروع وأن الدهشة وإثارة اَلتَّسَاؤُل هُمَا أساس المَعرفة، وَالْبُعْد عن النظام التعليمي الذي يَخلق نُسَخ كَرْبُونِيَّة وأنماط مُتَطَابِقَة تَفتقر إلى التفرد والإبداع، وَالْبُعْد عن نظام الامتحانات الذي لا يَقِيس إلا ما حفظة الطالب واستظهرة مُتَجَنِّبًا البَحث عن قٌدرات الطالب وامكاناتة، مع تدريب المعلم بشكل جيد على ذلك حيث أن التعليم هو الوسيلة المركزية لأحداث التغيير، والإبداع خَاصية مميزة للإنسان قَديمة قِدم الإنسان نفسه وتَتَعدد الآراء وتختلف في تَعريف مَعنى الإبداع لدرجة يَصعب مَعها اَلْوُصُول إلى تعريف مُحَدَّد لمعنى الإبداع وهذا مردود إلى أن الإبداع كظاهرة إنسانية ثَرى في مُحْتَوَاهُ مُتَعَدِّد في جوانبه إذ يَرتبط بِه قُدُرَات الفَرد العقلية ودوافعه اَلنَّفْسِيَّة وسِماتة الانفعالية..

ولا شك أن الإبداع أَعدل الأشياء قِسمة بَين البَشر وهبها الله لهم درجات، فالإنسان يَملك إرادة اَلْوُجُود تِلك التي تَكْمُن وراء كُلّ معنى وهدف في حياته، وما الفروق بين الناس إلا دليل على أن فُرَص تنمية اَلْقُدُرَات والإمكانات غير مُتَكَافِئَة بين الناس، ثم إن البيئة اَلْمُخَصِّبَة للإبداع، والمفجرة لإمكانات الإنسان قد تكون موجودة في موقع وغائبة عن موقع آخر فيزدهر الإبداع هنا ويخبو هٌناك. يقول أينشتين: إن العلم ثمرة الخيال فعند اكتشافه قانون النسبية لم ينسب نجاحه إلى تفوقة كعالم في الرياضيات وإنما إلى قُدْرَته على التخيل، فعن طريق التخيل يُمْكِن للعقل تجاوز ما هو قائم إلى ما هو قادم.

ولعلك تتساءل عَزِيزِي القارئ هَل يُولَد الإنسان بالإبداع؟ وبِمعني آخر هَل الإبداع جَوهر وجود الإنسان؟ أم مُكْتَسَب بِحُكْم النشأة والبيئة، وللإجابة عن هذه التساؤلات أستشهد العلماء بالمسيرة الحضارية الإنسانية التي تدل على أن الإبداع هو جَوْهَر وجود الإنسان وهو اَلْمُكَوَّن الراسخ الذي ميز الوجود الإنساني عن باقي اَلْمَوْجُودَات، فما نعيشه من تطورات عِلمية وَتِكْنُولُوجِيَّة ومعلوماتية جَاء نتيجة جُهْد إبداعي إنساني واستغرق الإف السنين فمر الإنسان بمراحل كَان تفكيره فيها نرجسياً حتى وصل إلى بِدايات تَشكيل اَلضَّمِير وَالْمَوْضُوعِيَّة، وهذه الحضارات هي نِتاج عَقل الإنسان وخياله الخصب ووعيه بذاته وبهذا الوعي وهذا العقل وبتلك اَلْقُدْرَة علي التخيل عاش الإنسان في حالة من التنافر مع الطبيعة وعدم الانسجام وعَدم التكيف.

وقد جَعلت هَذه اَلْقُدُرَات من الإنسان كَائناً فَريدًا في الكَون بأسره فرغم أنه جُزء من الطبيعة خاضع لقوانينها إلا أنه قَادر عَلي تَجاوز اَلنِّظَام الذي يَشمل بَقية اَلطَّبِيعَة، وقد أنقسم اَلْعُلَمَاء إزاء قضية الوراثة والبيئة إلى ثَلاث أقسام للإجابة عن التساؤل هل الوراثة هي المسئولة عن التباين في عالم البشر أم البيئة وكانت الإجابة حسب رؤية كل فريق: الفريق الأول ويمثله القائلين بالحتمية الجينية ويرى أن الاختلاف بين البشر مردود إلى الاختلاف في الجينات الوراثية، الفريق الثاني: ويمثله القائلين بالحتمية البيئية ويرى أن الفروق الفردية في العقل والمعرفة والشخصية والعمل ما هي إلا نواتج للتعلم والخبرة اَلْمُكْتَسَبَة، والفريق الثالث: وَيُمَثِّل الاتجاه الدينامي بين الفريقين ويرجع الفروق بين الناس إلى التفاعل بين مُحَدِّدَات الوراثة وَمُحَدَّدَات البيئة.

وَيُمْكِن تَعريف الإبداع من خِلال اَلنَّظَر ألية كَأُسْلُوب حَياة أو كعملية عَقلية تَسير وفق مَراحل مُعِينَة أو كَمُحَصِّلَة نهائية تتمثل في إنتاج شَيْء مَلموس أو يَسمع ويَرى، فالإبداع أسلوب في الحياة حَيث يَعيش الفَرد الحَياة بوصفها خِبرة مُتَجَدِّدَة، فالإبداع هو تنظيمات من عَدد من اَلْقُدُرَات العَقلية البَسيطة. ومن هذه اَلْقُدُرَات عَوامل الطلاقة والمرونة والأصالة، ويتم التمييز بين نوعين من التفكير وهما التفكير اَلْمُحَدَّد: ويعنى أن هُنَاكَ إجابة صحيحة لما يُفَكِّر فيه الفرد، والتفكير اَلْمُنْطَلَق: ويندرج تحته عدد من العوامل العقلية التي تتمثل في الطلاقة بأنواعها الأربعة (اللفظية والاتباطية والتعبيرية والفكرية) والمرونة بنوعيها (التلقائية والتكيفية) ثم الأصالة والحساسية للمشكلات وإعادة التجديد.

وتأسيسا على كل ما سبق نقول: إن الإبداع هو جوهر وجود الإنسان! الإنسان يُولَد وهو مُزَوَّد بِقُدُرَات عقلية مُتَمَيِّزَة وبإمكانات تتواصل بغير انتهاء ومواهب شتى، وخيال خصب، وهذه اَلْقُدُرَات وتلك المواهب تظل خبيئة طَي النفس بَاحثة عَمن يُخْرِجهَا من حَيز اَلْكُمُون إلى حَيز التحقق الخلاق في الواقع، وعلى هذا، فإن الناس مُبْدِعُونَ بطبيعتهم، لأنهم يملكون العقل وَالْقُدْرَة والإمكانية، وتلك هي المساواة التي تَجَمُّع اَلنَّاس حَوْل قَاسِم مُشْتَرَك واحد ينهلون منه هٌو الإبداع، فالابداع يٌفجرة الشٌوق الدائم الى المعرفة، والطفل الصغير يتصف بالتلقائية والرغبة فى اقتحام المجهول وهو يتعلم من البيئة المحيطة به واذا سمحت له الظروف فإنه يستطيع أن يستثمر طاقاتة الخلاقة فى سن مبكرة.

ويجب التأكيد على أن الإبداع لايتحقق إلا في إطار اختيار اَلشَّخْص اَلْمُنَاسِب لِلْمَكَانِ وثَقافة مُجْتَمَع تُشَجِّع علي الإبداع وتَحتض اَلْمُبْدِعِينَ وَتُتِيح فُرَصًا خَلاقة أمامهم للتعبير عن إمكاناتها الثرية وَالْمُتَنَوِّعَة، فالإبداع إفراز للعقل وللثقافة التي تُمَثِّل البيئة الإبداعية معاً والعَقل يَأتي أَوَّلاً والثقافة في المَحل الثاني، والعَقل قد يَعيش في بِيئة مُخَصِّبَة للابداع، فتتجلي قُدُرَاته الخلاقة وَصُرُوحه التفسيرية، وقد يَعيش في بيئة مُعَوَّقَة للإبداع فتخبو إمكاناته وَقُدُرَاته ويستسلم للخرافة والأسطورة وأساليب التفكير اللاعقلاني.. وَلِلْحَدِيثِ بقية،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى