وفي الحال مر وفد قادم من العراق من الصحابة الكبار وفي مقدمتهم سيدنا عبد الله بن مسعود وكبار الانصار رضي الله عنهم جميعا فسالوها ما يبكيك ؟ قالت هذا زوجي ابي ذر ، لا نجد ثوبا نكفنه فيه . فتسابق الانصار من يكفنه في ثوبه فكفنوه ثم صلوا عليه جميعا ، ودعوا له بالجنة والمغفرة .
وتذكر الصحابة يوم غزوة تبوك لما تاخر ابو ذر عندما تعثر بعيره ، وجاء ماشيا يلهث ، يجري تارة ويمشي تارة اخري ، وحيداً بلا أنيس ولا جمل يركبه في الصحراء المحرقة ، يريد اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم بتبوك . وما ان راه النبي يومها حتى امتلأ وجهه صلى الله عليه وسلم بالبشر والسرور ، ثم البسه تاج التميز والانفراد والاخلاص .
فقال يومها الرسول للصحابة “يرحمك الله يا ابا ذر تمشي وحيداً وتموت وحيداً وتبعث يوم القيامة وحيداً “، وحيداً أي متميزاً من كثرة خصالة الحميدة وقد تحققت البشرى . رضي الله عن سيدنا ابي ذر الغفاري وأرضاه ، وصل الله وسلم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد .
يوم القيامة سيكون في غاية الروعة وأنت تمشي ولأول مرة في زمرة المرضي عنهم ويتقدمك سيدنا محمد ﷺ ، { يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ، سيكون يوماً جميلاً جداً عندما تكون ضيفاً مرغوباً أنت وأهلك وتسمع نداءً خاصا لك ادخل ،{ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ } . سيكون يوماً رائعاً ،عندما تُبعث وترى الملائكة في إنتظارك تتلقاك { وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } ، سيكون يوماً رائعاً عندما تطلقها صرخة في العالمين من الفرح .. { هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } ، سيكون يوماً سعيداً عندما تنظر خلفك وترى ذريتك تتبعك لمشاركتك فرحتك { أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } .
لن تكون قادراً على إخفاء نضارة وجهك السعيد عندما يكون رفيقك هناك سيدنا محمد ﷺ وموسى وعيسى ونوح وإبراهيم عليهم السلام { فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} ، هناك ستتذكر ما تلوته هنا { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}. يوم القيامة ليس مرعبا كما يتخيل البعض ولكنه سيكون يوما رائعاً وجميلاً لمن سار على العهد وعمل لذلك اليوم ، ( لا يحزنهم الفزع الأكبر ) . رزقنا الله ووالدينا وإياكم وجميع المسلمين الفردوس الأعلى من الجنّة برفقة ،حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .