التعلم عملية دينامية بنظام تجهيز المعلومات
صباحك تكنولوجيا بقلم د/ حنان عبد القادر محمد
التعلم عملية دينامية تعنى توصيل المعلومات الى العقل وإعادة تنظيمها فالقدرة على تبديل تركيزنا بين المهام أو المحفزات الخارجية تسمى بالانتباه وهو عبارة عن مفتاح التغييرات في الذاكرة البشرية وهو ليس وظيفة موحدة؛ فهو يتألف من عمليات فرعية، فقدرة الفرد على التركيز على مهمة أو حافز واحد مع تجاهل المعلومات المشتتة للانتباه تسمى الانتباه الانتقائي؛ وهو يتحسن تدريجياً من سن السادسة حتى المراهقة، ويختلف من فرد لآخر، ويرتبط بشكل كبير بالتعلم الذي يُعَدّ عملية مركبة لتجهيز المعلومات، وهي تستلزم تزويد القائمين على العملية التربوية بمبادئ ونظريات التعلم الفعال والتطبيقات التربوية التي ترتكز إليها، كي يتمكنوا من أداء مهام التدريس، بما يحقق أهداف التعليم والتعلم.
فتنوع المعرفة بحاجة إلى التدريب على أساليب مختلفة لمعالجة مجالات وأنواع التعلم المختلفة، وهي التعلم المعرفي: الذي يتضمن المعارف والحقائق وما يتعلق بها من مفاهيم ونظريات ومبادئ، والتعلم الوجداني: ويتمثل فيما يتم تعلمه من القيم والاتجاهات والمعتقدات والانفعالات، والتعلم النفس حركي: ويتمثل في تعلم المهارات التي ترتكز إلى التآزر الحسي- الحركي. وهذه الأساليب تساعد على تحقيق التعلم الفعال والانتقال بطرقة وأساليبه المختلفة من قاعات الدراسة إلى الحياة اليومية كي تستخدم في المواقف المختلفة، وتزيد من قدرة الفرد على ترجمة ما تعلمه إلى هذه المواقف.
والأنواع المختلفة من التعلم قد يتعلمها الفرد في مواقف تربوية مقصودة وقد يحدث بطريقة عرضية غير مقصودة منها مواقف التعلم داخل الأسرة أو عن طريق الإعلام أو دور العبادة وغيرها، وتقع عملية تجهيز المعلومات التي يراد تعلمها بين معارف متاحة من مصادر متنوعة يتم تشفيرها وتخزينها في الذاكرة طويلة الأمد لاسترجاعها في المواقف الحياتية المختلفة عن طريق فك تشفيرها عن طريق ما يسمى الذاكرة العاملة، أي يتم تحويل وضغط المعلومات الحسية التي يستقبلها الفرد من البيئة المحيطة بإعطائها رمز تشفير للمساعدة على حفظ واسترجاع المعلومات، ويساعد التخزين على استبقاء المعلومات والاحتفاظ بها في الذاكرة لحين استرجاعها وتتم استعادة المعلومات المخزنة في الذاكرة بفك التشفير الخاص بها. وبمعنى آخر هي مدخلات عبارة عن معارف يراد تعلمها يتم عمل عمليات تجهيز المعلومات من خلال موقف التعلم والتي تؤدي للمخرجات وهي نواتج أو أهداف التعلم.
وهناك أنواع متعددة من الشفرات وهي الشفرة البصرية Visual code: وفيها تمثل المعلومات كخصائص بصرية ومن هذه الخصائص الحجوم، والأشكال، والألوان. وهي تشبه الصور البصرية، والشفرة السمعية Auditory code: وفيها تمثل المعلومات في هيئة ملامح سمعية مثل نغمة الصوت أو نوعه أو حدته. وقد يسمى هذا النوع بالشفرة الفونيمية Phonemic code، والشفرة المنطوقة Articularity code: وفيها تمثل المعلومات كما ينطق أو يتكلم بها وتشبه الشفرة السمعية، ولكن تتضمن حركات العضلات Muscles لإصدار الأصوات. وتسمى أحيانا بالشفرة الفونولوجية، والشفرة الدلالية Semantic code: وفيها تمثل المعلومات في ضوء الدلالات أو المعاني التي تدل عليها، والشفرة اللفظية Verbal code: وفيها تمثل المعلومات ككلمات في ضوء الخصائص التي تميز الحروف التي تكونها.
ولكي تكون نتائج التعلم محققة للأهداف بشكل كبير يجب أن تتنوع الطرق التي يتم استخدامها في تناول المعلومات ومعالجتها داخل الفصل الدراسي بما يحقق الأهداف، فكل فرد لديه إستراتيجية يستخدمها لتذكر المعلومات بشكل أكثر كفاءة أثناء الدراسة، لعدم وجود أسلوب تعليمي يناسب الجميع، فالبعض منهم يدون الملاحظات والبعض يفضل الاستماع إلى المحاضرات، والبعض يصنع المخططات؛ والمخطط عبارة عن هيكل معرفي يعمل كإطار عمل لمعرفة الأشخاص والأماكن والأشياء والأحداث وتساعد المخططات الأشخاص على تنظيم معرفتهم بالعالم وفهم المعلومات الجديدة. في حين أن هذه الاختصارات الذهنية مفيدة في مساعدتنا على فهم الكم الهائل من المعلومات التي نواجهها يَوْمِيًّا، إلا أنها يمكن أن تضيق أيضًا تفكيرنا وتؤدي إلى الصور النمطية.
ويمكن تطوير المخططات لتشتمل على معارف أكثر سواء عامة أو متخصصة، فالمخططات تحتوي على معارف الفرد المكتسبة، التي يستقبلها من البيئة، ويقوم بتحويلها من حالتها الطبيعية التي تكون عليها إلى تمثيلات عقلية يمكن أن تخزن في الذاكرة وهي ذات طبيعة دينامية يمكن أن تستوعب الجديد من المعارف أثناء عملية التعلم وتتكيف مع حاجات الفرد في مواقف حياتية ويمكن أن تتغير أو يحدث لها تعديلات عندما يتعلم الفرد معلومات جديدة، تختلف عنها جزئياً أو كلياً، وتعلم الفرد للمعلومات الجديدة، يعتمد على المخططات القديمة في ذاكرة الفرد التي تكون ذات صلة بالمعلومات المراد تعلمها.
فتباين الأفراد فيما بينهم في النواحي المختلفة لشخصياتهم سواء المعرفية، أو الجسمية، أو الوجدانية، أو الاجتماعية وغيرها وما يتضمنه هذا التباين من فروق بينهم في أساليب التعلم المفضلة، سواء المكون الدفاعي أو المكون الاستراتيجي، يلزمه تغييرا في المناهج وطرق وأساليب التعلم المستخدمة، والتي تؤدى لبيئة تعليمية أكثر جودة وكفاءة بقيادات داعمة. والتحدي الأكبر في البيئة التعليمية هو المعلم بصفته أهم عنصر في المنظومة التعليمية، فهو حجر الأساس والقوة في المجتمع والذي يجب الحفاظ عليه وتقديره من الناحية المادية ليكونوا قادرين على العطاء، والمعنوية لتحسين مكانته في المجتمع لمزيد من العطاء والبذل، والمهنية فيجب تأهيل المعلمين واستحداث آليات التدريب والتطوير على أحدث المهارات. وللحديث بقية.