“نهج الإبادة، والتاريخ الأسود للاحتلال الصهيوني” |
بقلم أحمد الوحش
سطورٌ مكتوبةٌ بالحبر، وصفحاتٌ ملطخةٌ بالدم، لا يكاد العالم يطوي إحدى تلك الصفحات؛ ليكتب في صفحةٍ جديدةٍ بيضاء إلا ولُطِخَت هي الأخرى بدماءٍ جديدةٍ.
تتبدل الأيام، وتتطور الأجيال، وتقوم دولٌ على أنقاض الأخرى، وتنسلخ الحروب من مبرراتها القديمة؛ لتتنكر خلف رداءٍ جديدٍ من الفضيلةِ الكاذبةِ، ومبرراتها المعاصرةِ.
لم تختلف جرائم هذا الاحتلال الوحشي في نهاية عام ٢٠٢٣م عن جرائمه منذ عام ١٩٤٨م، وسيخاف التاريخ كعادته من ذكرها في المستقبل إلا ببعضٍ من السطور المكتوبة بكلماتٍ رقيقةٍ منتقاة حرجاً من الإنسانية، وإرضاءً لضمير كاتبه الميت، حتى التاريخ يخاف هو الآخر من اتهامه بمعاداة السامية.
لكن إذا تناسى التاريخ، فنحن شهود، وأعمارنا المعاصرة تواريخ، وسأكتب في مقالي تاريخًا عاصرته كما حدث تماماً، ربما لم أعاصر المذابح في ١٩٤٨م، وأعتمد في ذكرها على روايات من عاصروها، لكنني أكتب اليوم عن أحداث، ومجازر الاحتلال ما بعد السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، وأستطيع التعبير جيداً عما أراه، فأنا في العقد الثالث من العمر.
لقد حولوا غزة إلى دمار، أو بتعبير أكثر دقة لقد محوها تمامًا، وهرب الفلسطينيون من بيوتهم، وسكنوا الشوارع تدفئهم نيران القذائف، وحرائق المنازل، ومنع عنهم الماء، والطعام، والمساعدات، وقصفت المستشفيات، والمساجد، والكنائس، وأغلب القتلى، والجرحى من الأطفال، حتى أن الكلاب اقتحمت المستشفيات، وأكلت الأجنة المتوفاة في الحضانات التي توقفت عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء لعدم توفر قطرة واحدة من الوقود، وكانت أعداد القتلى بالآلاف، وتكررت على مسامعنا جملة “لا يوجد جرحى الكل شهداء” في إشارةٍ إلى نهجهم المعتاد، وهو الإبادة الجماعية، وقتل المدنيين، والأطفال.
اضطر الأطباء إلى إجراء العمليات الجراحية دون تخدير على ضوء الهواتف، أو الشموع بعد انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع بأكمله، كأنهم عادوا إلى ما قبل العصور الوسطى.
تبعثرت الجثث في الشوارع، ودفنت تحت أنقاض المنازل، لم يجد الفلسطينيون أكفاناً كافية لدفن جثثهم، وعندما عجز العدو عن استعراض قوته على المقاومين -الذين كبدوهم خسائر فادحة بالمئات من الجنود، والدبابات في بداية حرب المدن والأنفاق- استعرض قوته على الأطفال، والنساء، وقتل النازحين الذين طلب الاحتلال منهم هجر بيوتهم!
قتلوا آلاف البشر حتى الحيوانات لم تسلم من مذابحهم، وحرقوا كل شيء، لكن توقف التاريخ عند خبر مقتل السنوار بالصدفة أثناء اشتباكه مع قوة صهيونية معادية، وهو ممسك بسلاحه في الصفوف الأمامية بعد تصويره بطائرة مسيرة.
سيظل تاريخ مقتل السنوار نقطة محورية في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، وحدث غيَّر، وسيغير كثيرًا من مجريات الأمور، لكن في النهاية القضايا لا تموت بموت الأشخاص، فهي قضية أمة بأكملها.
إذا أردنا أن نعبر عن همجية العدو بكلمات للأجيال القادمة يمكننا اقتباس كلمات وزير الدفاع الصهيوني غالانت قبل بداية الحرب في بيان بمثابة جريمة حربٍ علانيةً عندما قال:
“هؤلاء ليسوا بشراً إنهم حيوانات، ويجب التعامل معهم على هذا الأساس، لا ماء، ولا طعام، ولا طاقة”.
كلماتٌ لا تحتاج إلى شهاداتٍ، أو اعترافاتٍ، فهي على مسمع، ومرأى من العالم أجمع الذي وقف متفرجاً، وبكت الإنسانية تطور البشر الذي أصبح عكسياً.
منذ قديم الأزل نردد كلمة السلام -دون حلوله- على ألسنتنا نحن البشرَ، والعالم في حربٍ بلا نهايةٍ، وكل سلامٍ مؤقتٍ ثمنه حربٌ داميةٌ، كأنه محضُ مسكنٍ لآلام الحروب الخبيثة، فلا الورم استأصلته دغمائية الدول العظمى، ولا المسكن بدأ مفعوله مع أحلام الدول النامية.
وقف العالم بين مشاهدٍ، ومستنكر، وداعمٍ بينما يفترس ذئاب الصهاينة حملان السلام، ساعدت الدول العربية، وعلى رأسهم مصرنا الحبيبة الأشقاء الفلسطينيين بكل السبل الممكنة، وسعت مصر حثيثًا إلى التهدئة للحفاظ على استقرار المنطقة، وحقن الدماء الفلسطينية بينما تتعالى أصوات ساسة الدول الغربية في أروقة الأمم المتحدة شاجبين مدينين بدون أي تحرك حقيقي لحل الأزمة، فهل شجبهم وإدانتهم أعلى من دوي إطلاق الرصاص؟
عزيزي القارئ، كل ما أستطيع قوله مهما ارتكبوا من مذابح، ومجازر، وتهجير في النهاية هو احتلالٌ، وكلُّ احتلالٍ إلى زوال، والحقوق باقية أبد الدهر، فالأرض لا تحمل على ظهرها إلا أهلها، وتلفظ عنها الغرباء مهما طال الأمد، فلا تيأس، وتذكر تلك الكلمات جيدًا، إن وعدهم الانجليز، ومن بعدهم الأمريكان، وقد أوفوا، فقد وعدنا الله، وكان وعد ربي حقًا.
.
اقرأ أيضًا:
البنك الأهلي المصري يحتفظ بشهادة الجودة في مجال الإمداد اللوجيستي من للعام الثاني على التوالي
بنك مصر والبنك التجاري الدولي يمنحان تمويلا مشتركا لصالح شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” بقيمة 4.14 مليار جنيه مصري لتمويل مشروعها بزايد الجديدة
وزير المالية: الإصلاح المالى والاقتصادي عملية ممتدة ومستدامة.. وأكبر من برامجنا الإصلاحية المدعومة من المؤسسات الدولية
البنك الزراعي المصري يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة وشركة MAFI لتمويل الزراعات التعاقدية
الرئيس عبد الفتاح السيسي يهنيء قضاة مصر بمناسبة الاحتفال بـيوم القضاء المصري
النائب أحمد المصري يشيد بأستجابة مجلس أمناء الحوار الوطني لمطالبة الرئيس السيسي بإضافة بندًا عاجلاً لمناقشة قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية
دكتوره نورهان الزقم اخصائي طب الاسنان و علاج اللثة في حوار خاص للرأي العام عن أهم اسباب التهابات اللثةوكيفية علاجها
بنك القاهرة يوقع عقداً مع شركة بلتون لإدارة صناديق الاستثمار لتكوين وإدارة محفظة خارجية