وزارة الصحة والسكان ترعى مؤتمرًا عن ختان الإناث

وزارة الصحة والسكان ترعى مؤتمرًا عن ختان الإناث

بقلم د.أحمد الوحش

مؤتمر “بالطو أبيض ضد ختان الإناث” برعاية وزارة الصحة، والمشروع القومي للتنمية البشرية، واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث، ونقابة الأطباء، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

ما لا تعيشه من الصعب أن تشعر به، تخيل أن مجموعة من الناس أمسكوا بك، وفتحوا فمك على مصرعيه، وشد أحدهم لسانك بعنف شديد، ثم أمسك أحدثهم بسكينٍ، وقطع لسانك، وتركوك تلاقي مصيرك بين نزيف الدماء، وهول الصدمة!
يا له من ألمٍ جسدي، ونفسي لا يمكن لأي إنسانٍ أن يتحمله! أليس الأمر صعبًا؟ لكن الأكثر صعوبة إذا علمت أن من ارتكبوا هذه الجريمة هم أقرب الناس إليك، كوالدك، ووالدتك، وشجعهم على ذلك بعضٌ من أفراد عائلتك، فأصبح مصدر الأمل مصدرًا للألم.

ستعيش طوال حياتك صامتًا، ليس فقط لأنه لسانك، لكن خوفًا، وشعورًا بوصمة العار الممزوج بالخذلان، والاكتئاب الذي لن يفارقك، فالأمر لن يتوقف عند ذلك الحد فقط؛ لأنك لن تتلذذ بالطعام من جديد، لكن لا تنسى أن كل هذه المأساة في حال إذا كنت لا تزال على قيد الحياة بعد كل هذا النزيف.
لماذا شعرت برجفة تزلزل أرجاءك وتبعثر ما بداخلك؟ أليس الأمر مختلفًا عندما يتعلق الأمر بك؟ ماذا لو فعل أحدهم ذلك بابنك أو ابنتك أو أختك؟

يقول اللّٰه عز وجل في كتابه العزيز: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ}.
إذا كان لسانك عضوًا خلقه اللّٰه لوظيفة هامة في جسدك فإن الأعضاء التناسلية للأنثى خلقها اللّٰه لوظيفة لا غنى عنها في جسدها أيضًا، وقد خلقها في أحسن صورة.
ما نطلق عليه اليوم “ختان” ، أو “طهارة” الإناث يعد كارثة لغوية، فمن الخطأ مقارنة ذلك بختان، أو طهارة الذكور، فالأمر في حقيقته يعادل “بتر” العضو الذكري، وليس إزالة القلفة التي تعد زائدة جلدية لا تؤثر على الإحساس، وفي إزالتها طهارة؛ حيث أُثبِتَ علمياً أن ختان الذكور يقلل من إصابتهم بالسرطان في هذا المكان، ويقلل من إصابة الزوجات بسرطان عنق الرحم.

بكل أسفٍ تشجع بعض النساء هذه العادة القديمة الآثمة، وليس كل ما هو قديم بالضرورة صحيح، إن سلوكهن أشبه بثعلبٍ قُطِعَ ذيله بالخطأ، وعانى من الآلام الجسدية، والنفسية، وعدم الإتزان، وخسر سمته المميزة بين الثعالب، وعندما استهزأ به الآخرون راح يحدثهم عن مميزات قطع الذيل، وخفة الحركة، وكلما قطع ثعلب آخر ذيله يستنكر متسائلًا: “أين المميزات؟”
تكون الإجابة ” لا تخبر أحدًا، هل تريد أن تتسبب لنا بوصمة عار!؟”، حتى قطعت بقية الثعالب ذيولها، وأصبح هذا المعتقد الخاطئ، والخوف من الاختلاف ميراثًا ثقيلًا مؤلمًا تتوارثه الأجيال.

إن ختان الإناث من الناحية الطبية على المدى القريب يتسبب بمشاكل كثيرة بداية من الألم الشديد، والنزيف، وقد يتطور الأمر إلى الوفاة مما حتم على أهل القانون سن قوانين صارمة تجرم هذه العادة الآثمة، وعقابها يتراوح بين ٥ سنوات إلى عشر سنوات من السجن المشدد، وسحب مزاولة المهنة من الطبيب، وإغلاق المنشأة الطبية، وسجن من ساعد على الفعل، أو شجعه.
على المدى البعيد يؤثر الأمر على الزوجة بشكلٍ سلبي من الناحية الجسدية؛ حيث يتطور إلى تشوهات، وإحداث عاهة مستديمة، وقد يتطور الأمر إلى العقم.

على الصعيد الاجتماعي يؤثر هذا الأمر بشكلٍ سلبي على المرأة خاصة بعد الزواج، وأحيانًا تتطور الأمور إلى حدوث مشاكل كثيرة نتيجة للاضطرابات النفسية، والاكتئاب، وانعدام الثقة، وقد تنتهي بأبغض الحلال، وهو الطلاق.
عزيزي القارئ، لم يبقَ في جعبتي لك من الأسباب سوى فتوى أهل الدين، فقد حرمت دار الإفتاء المصرية هذه الجريمة، وبإمكانك مراجعة الفتوى رقم ٥٨٣٢.
في النهاية كلُّ أبٍ، وأمٍ يتمنيان السعادة لأبنائهم، وبناتهم، وختان الإناث، وسعادتهن لا يلتقيان في طريقٍ واحد، فهل ترغب في أن تكون سببًا لتعاسة ابنتك