إلى كلِّ من أشركَ باللهِ – عزَّ وجلَّ – ، وعدلَ به سواه ، بعدما خلقه فقدّره ، ثمَّ السبيلَ يسّره ، وأنعمَ عليه فجحدَ ، وأرشده فما اهتدى ، ووعظه فما ارعوى ، بل اتبعَ هواه ، وحادَ عن الرشدِ إلى الغيِّ ، وعن الهدى إلى الضلالِ ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .
إلى كلِّ من ابتدعَ في دينِ اللهِ ما ليسَ فيه ، وأتوا بأشياءِ من عندياتِ أنفسهم ما أنزلَ الله بها من سلطانٍ ، واخترعوا عباداتٍ لا أصلَ لها ، ولووا أعناقَ النصوصِ لتشهدَ لهم على ما ذهبوا إليه ، وتابعهم على ذلك تلاميذهم ومريدوهم ، وأسلموا لهم زمامَ أمورهم حتى أصبحَ الدينُ على أيديهم وكأنَّ له بابين دخلتْ المبتدعاتُ من أحدهما فخرجتْ المسنوناتُ من الآخرِ ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .
إلى كلَّ مسئولٍ لم يراعِ ربه فيما استرعاه ، وشقَّ على من وليَ أمورهم ، ولم يرفقْ بهم ، وأساءَ إليهم ولم يحسنْ ، وقطعَ ولم يصلْ ، ولم يرقبْ فيهم إلَّاً ولا ذمةً ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .
إلى كلِّ من أهملَ زوجته ، قعيدةَ بيته ، ورفيقةَ دربه ، واستعاضَ عن الحلالِ بالحرامِ ، وتلطّفَ مع الغواني بأطايبِ الكلامِ ، وتعجرفَ مع زوجته ، وأساءَ عشرتها ، واستشرى أذاه لها ، فسئمتْ – وهي لا حيلةَ لها – معيشتها ، وانعدمتْ سكينتها ، وضاقتْ عليها الأرضُ بما رحبتْ ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .
إلى متّخذاتِ الأخدانِ ، اللاتي يأتينَ الفاحشةَ غيرَ مُبالياتٍ بقبحِ فعلهنَّ ، ولا بشؤمِ معصيتهنَّ ، فحولّنَ بذلك طهرَ الزوجيةِ خبثاً ، ونقاءها دنساً ، وأدخلنَ على القومِ ما ليسَ منهم ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .
إلى كلِّ صاحبِ نعمةٍ أنعمَ بها اللهُ عليه ، ولم يؤدِ شكرها ، واستعملها في معصيةِ اللهِ لا طاعته ، فاستطالَ بها على العبادِ ، فبخسهم أشياءهم ، وهضمَ حقوقهم ، واستباحَ حرماتهم ، ودعته قدرته عليهم إلى ظلمهم ، وهم لا ناصرَ لهم منه إلا اللهُ ، لا تحسبوه هيِّناً فهو عندَ اللهِ عظيمٌ .