ماذا عن وفاة السيده عائشه
إعداد محمـــد الدكـــرورى
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأشهر نسائه، وقد ولدت رضي الله عنها، سنة تسع قبل الهجرة، وكنيتها أم عبد الله، ولُقِبت بالصدِّيقة، وعُرفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها، التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان” وقد اشتهرت عائشة رضي الله عنها بالحياء والورع الشديدين.
حتى إنها كانت تستحي من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو في قبره، ولعل خير مثال على ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها بقولها: “كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي فأقول: إنما هما زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهما، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي، حياء من عمر” وتزوجها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر في شوال عام اثنين من الهجره، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى.
وقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي حديث عمرو بن العاص عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: “أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟” قال: “عائشة”. قال: ” فمن الرجال؟” قال: “أبوها” وقد اكتسبت عائشة رضي الله عنها علما غزيرا صافيا من نبع النبوة الذي لا ينضب، فكانت أفقه نساء المسلمين، وأعلمهن بالدين وأصوله وفروعه والأدب، ولا يحدث لها أمر إلا أنشدت فيه شعرا، وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفقه والفرائض، فتجيبهم.
وقد قال عطاء رضي الله عنه: ” كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا”، وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ” ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما” وفي ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان عام ثمانيه وخمسين من الهجره، توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما الزوجة الثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي لم يتزوج امرأة بكرا غيرها.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام”رواه البخارى، وكان من أهم المواقف في حياتها رضي الله عنها، مع الصحابة ما جاء في أحداث موقعة الجمل في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، والتي راح ضحيتها اثنان من خيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هما: طلحة والزبير رضي الله عنهما، ونحو عشرين ألفا من المسلمين.
وعن عن عباد بن حمزة أن عائشة رضي الله عنها، قالت: يا نبي الله، ألا تكنيني؟ فقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “اكتني بابنك عبد الله بن الزبير”، فكانت تكنى بأم عبد الله، إن أحتها أسماء بنت أبى بكر، وعن مسروق قال: قالت لي عائشة رضي الله عنها: لقد رأيت جبريل واقفا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه، فلما دخل قلت: يا رسول الله، من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال: “وهل رأيته؟” قلت: نعم، قال: “فبمن شبهته؟” قلت: بدحية الكلبي.
قال: “لقد رأيت خيرا كثيرا، ذاك جبريل” قالت: فما لبثت إلا يسيرا حتى قال: “يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام” قلت: وعليه السلام، جزاه الله من دخيل خيرا” وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة: يابن أختي، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين” فقلت: بمَ تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: “أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين: لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين: لا ورب إبراهيم”. فقلت: صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد قضت السيدة عائشة رضي الله عنها بقية عمرها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدوة يُقتدى بها في سائر المجالات والشئون، وقد كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيختهم يسألونها ويستفتونها، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد استقلت بالفتوى وحازت على هذا المنصب الجليل المبارك منذ وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأصبحت مرجع السائلين ومأوى المسترشدين، وبقيت على هذا المنصب في زمن الخلفاء كلهم إلى أن وافاها الأجل.
وقيل: إنها توفيت سنة ثمان وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، أمرت أن تُدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، وهم أولاد أختها أسماء بنت أبى بكر، والقاسم وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وهو أخوها من أبيها وكانت أمه هى السيده أسماء بنت عميس، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهو ابن اخيها رضي اللهما عنهما