قد أفلح من زكاها
بقلم / السيد سليم
مازلنا نبحر في آيات سورة الشمس والتي بدأها الله بقسم يعقبه قسم يعقبه قسم لبيهر العقول والآبصار بأياته الكونيه ثم ننتقل الي الإنسان الذي الهمه الله الفهم والعقل والنفس السوية فأما أن تكون نفس طيبة مؤمنة أو غير ذالك وطيبة لمن زكاها فيقول تعالي
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها وَقَدْ خَابَ مَن دساها كَذَّبَتْ ثَمُودُ بطغواها إِذِ انبَعَثَ أشقاها}
{قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها} أي: زكى نفسه وطهرها من رجس النقائص والآثام، أو نمّاها بالعلم والعمل والوصول إلى الكمال وبلوغ الفطرة الأولى: {وَقَدْ خَابَ مَن دساها} أي: أهملها ووضع منها، بخذلانه إياها عن الهدى حتى ارتكب المعاصي وترك طاعة الله تعالى. هذا ما قاله ابن جرير: وقال غيره: أي: نقص تزكيتها وأخفى استعدادها وفطرتها التي خلقت عليها بالجهالة والفسوق. وهو مأخوذ من: دسّ الشيء في التراب، أي: أدخله فيه وأخفاه. وأصل دسَّى دسَّسَ. كتقضّى البازي. وجملة {قَدْ أَفْلَحَ} إلخ جواب القسم وحذف اللام للطول.
قال القاضي: وكأنه لما أراد به الحث على تكميل النفس والمبالغة فيه، أقسم عليه بما يدلهم على العلم بوجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته الذي هو أقصى درجات القوة النظرية ويذكرهم عظائم الإله ليحملهم على الاستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمالات القوة العملية.
وذهب الزمخشري إلى أن هذه الجملة كلام تابع لقوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} على سبيل الاستطراد. وجواب القسم محذوف تقديره: ليُدَمْدِنّ الله عليهم، أي: على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود، لأنهم كذبوا صالحاً عليه السلام.
وقد دل عليه قوله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بطغواها} أي: بسبب طغيانها ومجاوزتها الحدّ في الفجور
ونتوقف عند هذا الحد لنكمل في اللقاء القادم بإذن الله