أحببتها طفلة
ياسر بسيوني
أحببتها طفلة …
ومن رحم الحشا أنجبتها
حملت فيها سنين العمر
وبين الضلوع أسكنتها
عصارات حبي أسقيتها
فلما ارتوت ونمت
ما كان جزائي منها
سوى جحودها وعصيانها
أحببتها طفلة …
تحبو علي صدري
تلهو علي ظهري
وكنت أنا أنفاسها
مهدت الدروب لها
وأزلت التجاعيد لأجلها
فكانت حياتي بأنفاسها
أحببتها طفلة …
أطعمتها قلبي
لقّمتها نبضي
حتي وتيني غادرني لها
أحببتها طفلة …
في الهوي متصابية
مستقوية
حتي أنهم يخشون قربها
درة مكنونة وأغلي ما أملك
ويضئ بداخلي بريقها
شمسي وقمري ونجومي
فهي النور لي وحدي
كوني كله وأنا غلافها
أحببتها طفلة …
زهور حدائقي تتفتح بها
ويزهو الكون كله بألوانها
في ربيع حنيني هويت بها
وتنتعش الأرواح بوجودها
فإن وافاني احتضاري
أحيتني بعبير عطورها
أحببتها طفلة …
كأنها لي وطن يضمني
يأويني وما عدت أدري
أهي من يسكنني
أم أنا كل سكانها
تهجرني في وقت غضبها
ولم يطل بي هجرها
فإن أظهرت لها حزني
أتتني لتحتويني أحضانها
حتي إذا شاخت الأجساد
وكسا البياض خصلاتي
فتغمرني بجميل حنانها
أحببتها طفلة …
أحببتها صخرة
جمرة
تكويني بلهيب أشواقها
أحببتها إعصار مشاعر
إعصار عشق مدمر
لو منها الهبوب يوماً
اكتسحتني أمامها
أحببتها طفلة …
أحببتها بحر لا حدود له
وأنا السفينة فقدت شراعها
أحببتها جبلاً شامخاً بسمائي
بعلوه وبقربه من الغيمات
وأنا الرياح وأمطارها
أحببتها طفلة