منوعات
عــشق تحت طائلة الاختبار
كتب : محمود جنيدي
هل حقََا لم يعد يوجد ما يُسَمى بالحُب الحقيقي؟؟
سؤال شغّل جزء كبير من تفكيري، وتحولت الإجابة لعلامــة استفهام؟، كيف لا يوجد حب وقلوبنا ما زالت تنبِض؟، هل الحب المُخطِأ ام نحــن المُخطِئون؟؟.
حين كنت أبحثُ بين ارفُفِ مَكتبتي عــن معنى للحب في كُتُبِي .. أدرَكّت أن الحب مشاعر خلقها الله بنا مُنذ أن أتيــنا إلى الدنـيا، وكان أول حُب بقلوبنا هو حـب الوالدين ثم الإخــوة ثم العائلة .. حينها أدركت فقــط أن السؤال الأول كان خطأ .. وأنه لا يوجد سؤال يبحث عــن وجود الحب، لأن الحب خُلِقَ معنا ..”.
وكان السؤال الصحيح هو: هل الإنسان مُستعد للدخول بعـلاقة عاطفية صحيحة؟ وكيف يُدرِك أن ما يشعُر به تجاه الطرف الآخر حب حقيقي؟.
وسبب وجود هذا السؤال .. هو أن كثير من الأشخاص خُدِعوا بمشاعر ظنوا أنها حب وهي ليست كذلك!!
هل تشعر بحيرة ؟؟ دعني أُفَسِر لك ..
إن الحُــب له عـدة مراحل يمر بها الشخص للوصول لما يسمى “حب”.
المرحلة الأولى: الإعجــاب
كثير من العلاقات إن لم يَكُن مُعظَمُها تبدأ من أول لقاء جمع بين طرفين أحدهم شَعَر بالإعجاب الشديد تجاه الطرف الآخر، وكان سبب هذا الإعجاب هو شعوره بالسعادة نتيجة لإفراز (الدوبامين) هرمون السعادة.
ولكن السؤال “ما سبب هذا الإعجاب” هل هو الحب من النظرة الأولى؟؟
في الواقع خدعوك فقالوا أنه يوجد ما يسمى (الحب من النظرة الأولى)، إن التفسير لذلك الشعور الذي يجعل الإنسان ينجذب لأحد بعينه من بين العديد من الآخرين هو نفس سبب إنجذاب الشخص لأحد الملابس وهو بالمتجر رغم وجود العديد من الأغراض المختلفة (مع اختلاف التشبيه).
والمعنى هو “أن لكل إنسان منا مواصفات متواجدة بالعقل اللاواعي لشكل شريك الحياة، وحين يلتقي بصفة واحدة منها فالعقل اللاواعي يُعجب بهذه الصفة بشدة.
المرحلة الثانية: الانجذاب
ها نحن اوشكنا علي الانفجار .. من البديهي حين يفعل الانسان امرا ما يجعله يشعُر بالسعادة .. يدفعه عقله ورغبته بتكرار هذا الشئ للحصول علي المزيد من السعادة وبالاخص ان كانت السعادة تتعلق بطرف اخر .. فالاعجاب يتحول لانجذاب بتكرار الشخص قربه من الطرف الاخر سواء عن طريق لقاء او مكالمة هاتفيه او اي وسيله تُقريب الطرفين ببعضَهم .. حينها يُفرز بجسم الانسان هرمون (الأدرينالين) وهو ينشط إفراز العرق ويزيد من سرعة ضربات القلب واحمرار الوجه وتوسيع حدقة أو بؤبؤ العين .. حين يلتقوا.
وهرمون( السيروتونين) وهو الذي يدفعنا أحيانا إلى حالة الشغف الشديد للقرب من الطرف الاخر
المرحلة الثالثة : التعلق
التعلق .. وإن اصح التشبيه هي كصندوق يضع به الانسان قلبه وان اختفي الصندوق مات صاحبه .. بهذه المرحله يُعلِق الانسان سعادته وراحته بل وحياتِه علي وجود الطرف الاخر .
وبهذه المرحله يُفرز الجسم هرمون (أوكسيتوسين) هرمون الإدمــان .. وهو هرمون يُفرَز في حيــن يَشعُر الإنســان ان علاقته بشريك حياتِه بخطر .. وهذا الهرمون اُطلق عليه اسم (الكورباج) لانه يجعل الانسان يشعر ان هناك حبل يلتف حول رقبته , وانه مهما صرخ فلا احد يسمعه , ومهما بكي فلا دموع تشفي ما به من الم .. هرمون يجعل الإنسان يشعر ان لم يعُد هناك قيمة للحياة لانه يشعر انه فقد شغفه بالعيش .. وهنا يعتقد الكثيرين ان هذا حب لدرجة الجنون .. وبالحقيقه ان هذا تعلق بالطرف الاخر وليس حب .
المرحلة الرابعة : الحب (النُضج)
وهذه المرحلة يصل بها الانسان حين يتعرف علي حقيقة شخص الطرف الاخر ليس فقط صفاته الرائعه بل والسيئة ايضا.. هذه المرحلة يصل لها الانسان حين يتعايش مع شريكه ويتعرف كل منهم علي مميزات وعيوب بعضهم البعض ويتقبل الطرفين بعض دون تغيير احدهم للاخر .. هذه المرحلة مرحلة الإكتمال .. حين يصل الطرفين لدرجة انهم لا يرون أحَدِهم ناقص بشئ لان وجودهم مع بعض يجعلهم مُكتملين .. مرحلة يصل لها الانسان حين يري عيوب شريكه جزء طبيعي من الحياه كما يري عيوبه ايضا جزء طبيعي من حياتِه … هذه المرحل تُبنا علي التقبل ,الاحترام , النديه , ثم الحب .
وبالنــهاية :
استوقفني مقولة لــ توماس كارليل تــقول ( الحب الحقيقي كلما مر عليه الزمن , زاد عمقاً في نفوسنا )
المشاعر من طبيعة الحياة والحب من اعظم ما قد يشعر به الانسان علي الاطلاق .. ولكن ليس كل شعور رائع اتجاه احد يَعُد حباً .. ولا يُخــلق الحب بين ليلة وضُحاها .. احياناً يتوهم الكثِرين انهم يعشقون وبالغالب يوجد دوافع اخري مثل انه بحاجه للطرف الاخر لملئ فراغ لديه .. او سد نقص يشعر به ….إلخ
فهنا يجب أن تحتل المسئولية زِمـام الأُمور .. وأن يقــف الإنسان أمام مـرآة ذاتِه للبحــث عــن حقـيقة ما يشعُر به .