إستراحــة مُحارِب بقلم : محمود جنيدي
بقلم : محمود جنيدي
أحياناً يُصيبَني شعور ان هُناك قوة خارقه شنت حرباً ضدي حتي تتسبب في إزعاجي تظهر حين أشعُر اني سعيد حقا .. لا اجد مِثالاً مناسب اكثر من الذي يحدث معي حين ياتي لي هاتف يضطرني للسفر اخر يوم بالاسبوع (يوم العطلة) ..”
وحين اصعد بسيارتي التي إن كانت إمرأة لطلبت مني زوجتي الطلاق ظنا ان بيننا شئ مريب .. ولكن من حسن حظي اني ما زلت اعزب ..”
والشمس حارقه حقاً .. وحين اُحاول تشغيل مُكيف الهواء أجِده مُعطل من الرغم انه كان يعمل البارحة .. وها انا مازلت صامدا واتحمل كل هذا الهجوم الشرس .. ولكن اوشكت علي الاستسلام حين توقفت بي السيارة قبل ان اصل الي مرسي مطرح ب 30 كــم ..”
ومن المأكد ان هذه القوة الشريرة تريد مني انا استمتع بمناظر الصحراء الرائعة بمنتصف النهار .. ولكني اظن انها تُقدمني للشمس كوليمة شهية ..”
وكان من حسن حظي اني وجدت شاب توقف لي بعد محاولات كثيرة من النداء لكل من يمر بالطريق مثل المتسول .. وصعدت خلفه علي دراجته النارية التي جعلتني اشعر اني بفلم يباني اهرب من عصابة التنين الاسود .. وبعد مرور ذلك اليوم الذي كان اشبه بفلم هندي تم تصويره في حديقة منزل مسكون بالاشباح .. وحين عدت الي منزلي شاكر الله اني وجدت البناء علي ما يرام ولم ينهار ..”
ولكن الامر الجيد الوحيد الذي حدث بهذا اليوم .. كان وقت المساء حين قمت بتحضير فنجان القهوة وجلست علي مقعدي امام الشرفة في غرفة مكتبي بين الهدوء وذلك الضوء الهافت .. لكي انظر لما حدث بهذا اليوم الطويل واغوص ببحر التفكير حتي اجد تفسير منطقيا لكل هذا حتي اضع نهاية لهذه الحرب التي شُنت ضدي ..
وبعد وقت من التفكير .. اظن اني وضعت النقاط علي الحروف حين ادركت انه لم يكن صحيح ان اشعر ان هناك حرب شُنت ضدي لمجرد ان احدهم احتاج الي فسافرت اليه !!
وانه لم يكن من الحكمة ان اتهم الطبيعة انها تُحاصرني لمجرد ان سيارتي تعطلت فجأة ..”
وهذا جلعني اقف أمام قانون (نيوتن) الثالث بالمكانيكا التقليدية (علي ان القوة تنشأ بشكل مزدوج . حيث ان (لكل فعل رد فعل )
وهذا جعلني افكر ما السبب وراء تعطيل السيارة ان لم تكن لعنة فماذا اذا ؟؟
وكانت الاجابة اعطاني لها الميكانيكي حين قال لي :
ان محرك السيارة مُنهك من الإستخدام الكثير يجب ان يتغير لانه فقد قواه .. وكانت هذه اجابة تكفي ان تضعني امام مرآة نفسي حتي اسألها .. ان كان الحديد يُنهك ويفقد قواه فماذا يحدث للانسان ؟؟
فجأة وضعت يدي علي جبيني افكر وانا انظر لدخان القهوة وهو يتصاعد منها .. وبلحظة اجد نفسي انهض واذهب لامسك بقلمي واجلس علي مكتبي واجاوب علي ما توصلت له من استفسار !!
وها انا اُجاوب ..
ولكني ابحث عن تشبيه .. ولم اجد افضل من ساحة المعركة المليئة بالمحاربين ..
وهل الحياة حرب !!
الحياه حرب مليئة بالتحديات والصُعبات .. وكل من يصارع بها فهو مُحارب .. هناك من يُحارب من اجل بيته .. والاخر من اجعل عمله .. والاخر يحارب وهو جالس يحتسي مشروبه التقليدي علي القهوة ولكن لم اساله عن دافعه ولكن من المُأكد انه منطقياً بالنسبه له ..”
ولكــن ؟؟ حين ترقبت احوال البشر من حولي اجد .. ان اسباب هزيمة كثير من المحاربين كانت بفقدان طاقتهم بسبب صمودهم لاخر نفس ؟؟
وهنا اقف امام علامة استفهام جديدة ….
وهل من الحكمه ان يتوقف المحارب عما يقوم به ؟؟
فحين بحثت عن إجابة وجدت عقلي توقف امام قانون ميرفي (إذا تركت الأمور لنفسها، فإنها ستتجه من سيء إلى أسوأ )
وهنا اجد يدي تكتب مصطلح كان منطقيا بالنسة لي (إستراحــة محارب) .
ولكن كيف للانسان ان يستريح دون ان يتوقف عن الحرب ؟؟
كما تتكون السيارة من اجزاء تجعها تتحرك .. كذلك الانسان .. يتكون من (روح وعقل وجسد) .. ولكل منهم قوة تزيد او تنقُص بمقابل ما تفعله من اجلها .. ”
وهنا يتوقف قلمي بصيغة الجمع .. ويتحول لكتابة ما اقتنع به .. لان ليس من الحكمة ان احصُر روح الانسان بعمل معين لان ليس الجميع يؤمن بمعتقداتي ولا حتي جميعنا نؤمن بنفس الدين .. كذلك ان كان العقل بالنسبة لي اعيد طاقته بالقراءه فليس الجميع يفضلون ذلك .. وان كان اهتمامي بجسدي بممارسة رياضة السباحة .. فهناك من يكتفي بالسير نصف ميل فقط باليوم .
وهنا اقف امام اخر علامة استفهام ..”
ان كُنت مُحارب فهذه إستراحتي .. فالان اخبرني كيف تَستَريح ؟؟