تشويه سُمعة الغير من كبائر الذنوب
بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
تشويه السُمعة من أقبَح الذنوب :
إن تشويه السمعة من أسوأ الصفات التي تلصق بالإنسان؛ ويزيد الأمر قُبحاً إذا كان من أحد الزوجين في حق الآخر !
إن تشويه السمعة يندرج تحت الغيبة والنميمة والكذب التي تعتبر من كبائر الذنوب، التي كل واحدة منها قد خصص الله لها عقوبة تختلف عن الأخرى ..
فالغيبة تعني :
ذِكْرُكَ أخاك بما يكْره، سواءٌ أكانت هذه الغيبة في بدنِهِ، أو دينه، أو دُنياه، أو نفسه، أو خُلُقِه أو ذَكَرْتَهُ بِلِسانك، أو كَتَبْتَهُ بِيَدِك، أو رَمَزْتَ إليه، أو أشَرْتَ إليه بِعَيْنِك، أو يَدِك، أو رأسِك، أو غير ذلك مما يتعلَّقُ به، كُلُّ هذه الموضوعات مُتَعَلِّقَة بالغيبة.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ)..
والنميمة هي :
نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد بينهما ..
قال أبو ذر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم:
(من أشاع على مسلم كلمةً ليشينه بها بغير حق، شانه الله بها في النار يوم القيامة).
وعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلاً يَنُمُّ الْحَدِيثَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ:
(سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ) .
ولتحذر الزوجة من إيذاء زوجها ولو بالكلمة..
فعن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا) .
رواه الترمذي وغيره ..
والحديث صححه الألباني ..
كذلك يحذر الزوج من إيذاء زوجته، فإن إيذاءها من الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة كما أخبر نبينا صلوات الله وسلامه عليه ..
وَمِنَ الْمُقَرَّرِ شَرْعًا :
أَنَّ السَّتْرَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ لِمَنْ لَيْسَ مَعْرُوفًا بِالأْذَى وَالْفَسَادِ .
فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل يَوْمَ الْقِيَامَةِ ).
قَال فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ :
“وَهَذَا السَّتْرُ فِي غَيْرِ الْمُشْتَهِرِينَ” .
اي في غير المشتهرين بالإيذاء والإفساد ..
وفي تتبع عورات الناس وفضحهم نشر للرذيلة بين العباد، وحباً لإشاعة الفاحشة بينهم، وهو ما حذرنا الله تعالى منه..
قال سبحانه :
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) .
لذا فقد اهتم علماء الإسلام بهذا الباب المهم من أبواب الأدب ..
فقد بوب البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه ( باب ستر المؤمن على نفسه ) ثم ذكر الأحاديث الدالة على ذلك ،
وبوب أيضاً في كتابه الأدب المفرد ( باب من ستر مسلماً ) .
وبوب الإمام النووي رحمه الله في كتابه شرح صحيح مسلم :
( باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه ) ثم ساق الأحاديث ..
وبوب ابن ماجة في سننه في كتاب الحدود ( باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات ) ..
أما الفقهاء وأصحاب السلوك فقد بوب البغوي رحمه الله (باب النهي عن تتبع عورات المسلمين ، وباب الستر ) ..