بنك مصر
بنك مصر
بنك مصر
2b7dd046-8b2b-408c-8c9e-48604659ffe0
البنك الاهلى المصرى
البنك الاهلى المصرى
مقالات

الجزء الثالث من بيكاليو بقلم الكاتبة داليا السبع

ما هذا الكائن ؟!
قالتها وأنا أختنق ،وأشعر بأنني لا شئ ، مجرد واحد من الهلافيت الصعاليك الهائمين المشردين …
جاوبها الخدم على الفور . هذا من أحضر الجواد الجامح سيدتي
أحقا فعل ؟
نعم … وهو يعيش هنا على مقربة من القصر ….نعم نعم
دعوه إذاً يعيش وابعثوا له الطعام كل يوم
ثم ذهبت فزال السحر ، وتبعثر العطر ، وكأن العالم أجمع قد انطفأت شمسه وساد الظلام …
هنا وقعت الصورة من يده فكسر بروازها فاستفاق من سرد قصته
لا لا … لقد تكسرت الصورة بني ! لقد تكسرت !
وسط صراخ الأب الذي لم يتوقف وكأن عزيزاً له قد فقد للتو!
أبي أبي … أرجوك تمالك نفسك … سوف أصلح ماتكسر
أبي أرجوك أسمعني أين أمي ؟ لماذا لا تحدثني عنها ؟ ولماذا يصمت الجميع عند سؤالي عنها ؟ وكأنني أحادث نفسي لا إجابة مستمر في الصراخ والبكاء على الصورة المكسورة …
خلد للنوم بعد عناء البكاء الذي استمر حتى خالطت خيوط الشمس سحب السماء، وأنا ألى جواره لم أتركه على الرغم من إرهاقي الشديد لكنني أشعر بأنه مسؤل مني وكأنني أنا أبوه ولست ولده الوحيد .
قدره أن يكون هكذا ، وقدري أنه والدي ، وعلى الرغم من كل هذا الوجع فإنني أحبه حباً كبيراً جداً لا حد له ؛ نعم فليس لي سواه في هذه الدنيا
يحدث نفسه والدمع بأحداق العيون تجمهر لنهمر دون توقف
ينظر إليه يحدثه في همس متى ستكمل لي الحكاية يا أبي متى؟!
أنظر إلى صورة أمي وينتزع الصبر مني تنهيدة جريحة من فؤاد مهموم
قائلا..كم أشتاق إليكِ !
ينظر في أرجاء الغرفة والعيون غارقة في بحار من وجع ثائر ، فليست السعادة في كثرة الأموال فقط، وإنما فيمن يشعرون بك ، أين الحنان والاحتواء …..السكن ….. أحضان أمي .. وتفجرت الآهات تجرح صدره دون أدنى رحمة.

في صباح اليوم التالي استيقظ ” بيكاليلو”
الصورة … الصورة… أين الصورة ؟!
بتشتت وغضب عارم يدور في الغرفة ويخرج إلى الردهة
أين الصورة ؟!
والخدم حائرون يريون المساعدة ، وأنا غارق في النمو على الأريكة بجوار سرير أبي لم أشعر بكل هذا من شهدة الأرهاق ، فاستيقظت على أصوات الخدم
حاضر حاضر …
سيدي اهدأ سوف نحضر الصورة .
ماذا هناك أبي ؟ تعال أريدك أن تأتي معي ..، سوف أزيك الصورة .
أخذته إلى غرفتي وأحضرت له صورة لأمي كانت بغرفتي في برواز
يشبه إلى حد كبير ما كانت بغرفته ، ولكن الصورة كانت مختلفة ؛ ليست الصورة نفسها! نظر إليها طويلا بصمت فلم ينطق بكلمة جلس على سريري وظل صامتا، ذهبت خارج غرفتي وجدت الخدم مصطفين فطلبت منهم الانصراف وإعداد الطعام لنا ، وكلفت عم ّعثمان بأن يأخذ الصورة المكسورة ليصلحها… الا يا م
وجلسنا وتناول أبي كوب الحليب البارد كعادته ورفض أن يفطر كل هذا وهو يحدق بالصورة ..
يا أبي يجب أن تأكل أرجوك .
كانوا يبعثون لي الطعام ….
(هكذا بدأ من جديد سرد حكايته دون طلب مني أو رغبة ملحة كالعادة )
كانوا يبعثون لي الطعام كل يوم وأنا في قمة السعادة بهذا تمر الايام وأرى الخدم يركضون ويفتحون بوابة القصر ، وإذا بسيارة كبيرة تدخل وراءها سيارة دون انتظار إجابة
من هذا ؟! لا أعلم …. ولا يهمني !
داخل القصر يقف هذا الثري الشهير “حشمت بك” رجل في الخمسين من عمره ، طويل عريض البنية مهيب الحضور ، عابس الوجه لا يضحك أبدا حتى تظن بأنه لم يبتسم أبدا في حياته ينادي الخدم
يا عثمان …. يا علي…
أمرك سيدي …
استدع لي سيدتك .
ذهب عثمان ليبلغ سيدته
ثم طلب من على إحضار فنجان من القهوة قليلة السكر
زهرة اقبلي … أريد التحدث معك
تنظر إليه تلك الجميلة بديعة الطرف حوراء ، شعرها خيوط من ذهب
يخالطه لون بني فاتح ، بشرتها البيضاء النقية يخالطها لون أحمر ورديّ، وكأن مجموعة من الزهور طبعت قبلة طويلة على وجنتها، بشفاه من التوت البري ، ممشوقة تجاوز عمرها الأربعين عاما، لا زوج ولا طفل ولا أنيس ، فقط جسد يضجّ بالغرائز ، يحتاج الأخر فلم يعد لدى هذا الجسد القدرة على تحمل الوحدة ، وكأنه حصن يريد تسليم مفاتيحه ، اوقفص يريد أن يفتح أبوابه لتنطلق الطيور ترفرف بعيداً لتعانق السماء وترقص على أذرع السحاب روحها السجينة التي لطالما بحثت عن خلاص من قصرها الممرد هذا …
زهرة أريد ان أتحدث معك في أمر مهم للغاية
لم ينتظر أي ردة فعل منها فاستطرد …
لقد طلبك للزواج عادل بن ممدوح باشا.
ابتستمت في حياء وكل ما فيها يتهلل ويقفز من الفرحة وهمت بالموافقة فقاطعها:
وأنا قلت أختي لا تفكر في الزواج .
سرقت فرحتها في لحظات أصيبت بخيبة أمل ، فحشمت لم يتغير
نعم لم يتغير ….
إلى اللقاء مع جزء جديد …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى