السياسي والمثقف الفنان الكبير علي الشريف
السياسي والمثقف الفنان الكبير علي الشريف
دمياط/ فريده الموجى
ولد في 23 يونيو عام 1934
توفي في 11 فبراير عام 1987 عن عمر يناهز ال 53 عاما.
ولد الفنان علي الشريف في 23 من شهر يونيو عام 1934 في القاهرة، وبرجه الفلكي هو برج السرطان، وعمل كموظف في أحد البنوك، وذلك بعد أن قرر تغيير مجال دراسته حتى يتفرغ للعمل السياسي، والتحق في بادئ الأمر بكلية الهندسة، وتركها بسبب الاعتقال ثم انتقل إلى كلية التجارة وتخرج منها عام 1965، كان من عشاق الخطابة والإذاعة المدرسية وعندما دخل الجامعة كان اهتمامه الكبير بالسياسة التي ذهبت به إلى معتقل الواحات، وتزوج من خضرة محمد إمام ابنة خاله عام 1972، ترك من الأبناء ستة (ثلاثة أولاد – ثلاثة بنات) حسن، حسين، علي زين العابدين، زينب، فاطمة الزهراء، أسماء … نجحت زوجته في تعليمهم وحصولهم على شهادات جامعية مرموقة وتزوجوا واستقلوا بحياتهم الخاصة.
وصفته زوجته بأنه كان زوجاً طيباً يحب بيته وعائلته وقالت: “بمجرد أن ينتهي من عمله يعود لبيته كان حنوناً عليهم جداً وكانوا يسمعون كلامه ويحبونه جداً”، وتؤكد أن علي الشريف ظل يمارس السياسة حتى بعد الزواج مشيرة إلى أنه كان مهموماً دائماً بمشاكل الشعب وبفكرة الوحدة العربية وكان هذا سبباً في منعه من ممارسة حقوقه السياسية من قبل السلطة، فلم يستطع أن ينتخب أو أن ينتمي لأحزاب وظل هكذا في عصر عبد الناصر والسادات، وعن صداقاته مع الفنانين فقالت: “كان الأقرب إليه علي بدرخان، وسعاد حسني، وعادل إمام وسعيد صالح وعزت العلايلي وأبو بكر عزت، ورغم أدواره الشريرة إلا أنه هادئ الطبع طيب القلب”.
علي الشريف، عرف بصوته الأجش وإتقان أدوار الشر، رغم تجسيده الشخصية الشعبية البسيطة إلا أنه كان في الواقع شخصية مثقفة صاحبة رأي ووجهة نظر أدخلته السجن في بداياته، كان صاحب إطلالة مميزة في السينما المصرية وكان لصوته الأجش وملامحه الجامدة الفضل في ترك بصمة مميزة في العديد من الأعمال التي شارك في بطولتها، وكان اعتقاله سبب قوي لانطلاقه في عالم التمثيل، وقدم مع زملائه وقتها مسرحيات ترفيهية لتسلية أنفسهم ومع تواجد فنان الكاريكاتير والسيناريست حسن فؤاد في المعتقل رأى به موهبة يمكن استغلالها.
بعدها كتب فؤاد سيناريو فيلم “الأرض”، وبعد خروجهم من المعتقل اختاره يوسف شاهين لتجسيد دور دياب ليكون أول أفلامه وسر شهرته، ونال عن دوره في فيلم “الأرض” عدة جوائز وكان عمره وقتها 34 عاماً وقدم بعده العديد من الأفلام ويعتبر دور بكري الصعيدي من أشهر أدواره في السينما في فيلم “الإنسان يعيش مرة واحدة” مع الفنان عادل إمام، وكذلك دوره في فيلم “الكرنك” مع الراحلين أحمد زكي وفريد شوقي وسعاد حسني، وعمل مع عدد كبير من المخرجين الكبار، وظل يشارك في العديد من الأعمال حتى وفاته، وبعد 53 عامًا عاشها بحلوها ومرها مات الفنان علي الشريف، مات وهو يحلم بالعدل والحرية والمساواة!، مات وهو يحب النهار ويكره العتمة.
السيدة خضرة محمد إمام زوجة الراحل علي الشريف صرحت في لقاء صحفي لها فقالت: “تعرفت على زوجي حين كنا جيران في نفس المنطقة وكنا تقريباً على صلة قرابة، مما جعل هناك تواصل ومعرفة بيننا، ثم بدأ يذاكر لي في الثانوية العامة لأنه كان أكبر مني بكثير فقد تزوجنا وكان عمري 18 عاماً وهو في سن 36 أي ضعف عمري”، وأكملت: “رأيته إنساناً طيباً ذو خلق محترم فوافقت رغم رفض أسرتي في البداية خوفاً من ميوله السياسية التي كانت سبباً في اعتقاله ست سنوات قبل زواجنا، لكني صممت على الموافقة بشروط من أهلي وهي أن يكون موظفاً فلم يهتموا بكونه ممثلاً، وبالفعل توظف في أحد البنوك، وواصلت أنا دراستي الجامعية وفي السنة الأولى تمت الخطوبة وفي الفرقة الثانية تم الزواج”.
وأضافت قائلة: “كان إنساناً جميلًا في كل شيء، حكيماً في قوله، منظما ومرتبًا في أفكاره ورجاحة عقله، عشت معه 15 عاماً لا أذكر أننا اختلفنا إلى حد الخناق أو الشجار أو الصوت العالي، كنت أنا كل شيء في حياته أنظم وقته وأشتري له ملابسه، وأهتم بشئون المنزل في كل شيء، وهو تركته يتفرغ للعمل فقط ولا ألجأ إليه إلا في الضرورة القصوى، لأن تركيبتي الشخصية وهذا من تدابير الله تجيد تحمل المسئولية، وهذا جعل الحياة بيننا تمر وكأنها ساعة من الصفاء والهدوء والوفاء”.
كان صاحب ميول سياسية معارضة للنظام في زمن الرئيس جمال عبدالناصر، وتم اعتقاله 6 سنوات في فترة الستينات، بتهمة الانضمام لتنظيم شيوعي هدفه قلب نظام الحكم، وتم إيداعه معتقل الواحات، وكان التعذيب فيها مريراً، ونظرًا لشهامته وقوته الجسدية، كان يتقدم صفوف التعذيب حتى ينقذ غيره من المعتقلين الضعفاء، وكثيراً ما تحمل جسده الضرب والجلد والسحل، حتى ينقذ غيره من الأفندية كما كان يحب أن يسميهم، من تحت قسوة الجلاد، وصرحت زوجته خضرة محمد عن هذا الاعتقال قائلة: “في بداية زواجي لاحظت أنه يرتبك وينزعج من غلق النوافذ، وينفعل بشدة إذا أطفأنا النور في البيت، قلت له يا علي هل سنعيش ونوافذ البيت مفتوحة، قال نعم، لقد اعتقلت عدة سنوات وراء القضبان في الظلام والنوافذ مغلقة ليلًا ونهاراً، وهذا أمر لم أعد أطيقه مرة أخرى، وبالفعل حاولت التأقلم مع رغبته، حتى لا أجعله يتذكر تلك السنوات الحزينة والمؤلمة التي مرت عليه، وعشنا عدة سنوات، لا نغلق النوافذ إلا قليلاً ولا نطفئ الأنوار، إلا بعض الوقت من الليل”.
هناك نجوم لم يقدموا البطولة أو يظهروا في أدوار كبيرة، لكنهم تركوا أثراً وذكرى لهم في كل عمل شاركوا فيه، ومنهم الراحل القدير علي الشريف الذي شارك مع الزعيم عادل إمام في عدة أفلام واعتبره الزعيم تميمة حظه وربط مشاركته في عدد من الأفلام بتواجد الشريف أمامه على الشاشة، كما أنه استعان به في عدد من الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً منها “الأفوكاتو”، “كراكون في الشارع”، “واحدة بواحدة”، وهو ما أدى لنجومية وشهرة علي الشريف لدى الجمهور.
توفي في 11 فبراير عام 1987 عن عمر يناهز ال 53 عاما.