يا صاحبي
يا صاحبي
اشرف عمر
أرادَ السلطان سليمان القانوني أن يهدم إحدى السرايا القديمة،
ويقيم واحدة جديدة مكانها،
فسأل عن أمهر مهندسٍ في البلاد،
فقالوا له: ليس لكَ إلا المهندس معمار سنان!
وبالفعل أرسل السلطان في طلب معمار،
وأخبره بما يريدُ منه أن يفعل بالضبط،
وقبل معمار سنان هذه المهمة ومضى في تنفيذها،
إلى هنا يبدو كل شيءٍ عادياً ومألوفاً!
إلى هنا يبدو كل شيءٍ عادياً ومألوفاً!
ولكن ما هو غير عادي أن السلطان كان يُتابع كل صغيرة وكبيرة،
وقد لفتَ نظره أن معمار سنان عندما بدأ بهدم السرايا،
استخدم لها عمالاً غير الذين استخدمهم
حين بدأ ببناء السرايا الجديدة!
فأرسل في طلبه وقال له:
يا سيد معمار عندما كنت تهدم السرايا استخدمت عمالاً،
ثم استبدلتهم في البناء، لِمَ فعلتَ ذلك؟
فقال له معمار سنان: يا جلالة السلطان،
من يصلح للتدمير لا يصلح للبناء!
تأملها بعمقٍ يا صاحبي،
من يصلحُ للتدمير لا يصلحُ للبناء!
خذها قاعدة يا فتى!
من جرحكَ ليس هو الذي سيداويك،
لا تبحث عن دوائك حيث كان داؤك!
خُذْ جرحكَ إلى مكان قصيِّ بعيدًا عنه،
والذي أنزل لكَ دمعتكَ،
ليس هو الذي سيمسحها عن خدك!
اليد التي تصفعُ ليس هي التي تحضن!
والذي كسر خاطرك،
ليس هو الذي سيجبره،
كُفَّ عن إعطاء الناس فرصاً إضافية!
من النضج أن تصل إلى قناعة أنه لا خير يُرجى من بعضهم!
يا صاحبي،
لستُ أدعوك لأن تكون قاسياً،
تعرفُ جيداً أني أُحبُّ اللين والليّنين!
وأنه يأسرني المتسامحون الذين يعضّون على جراحهم ويغفرون!
كل ما في الأمر أني لا أريدك أن تكون ألعوبة بيد أحدهم،
ولا أضحوكة في فم يتذكر طيبتك،
فيحسبها سذاجة ويبتسم!
ما أريدكَ أن تفهمه،
أنَّ من أمِنَ الفِراق أساء الوصل،
وأن الذي يسيءُ إليكَ لأنه ضامن بقاءكَ،
عليكَ أن تشعره أن بإمكانك أن ترحل!